الشارقة: سارة المزروعي في عالم النباتات كثيراً ما نصادف مفارقات مدهشة، ولعل الخروع أبرزها، إذ يجمع في داخله بين السمية القاتلة والفوائد المتعددة، فبذوره الصغيرة الملساء ذات الخطوط البنية تخزن مادة الريسين، وهي بروتين سام يُصنّف من أخطر السموم الطبيعية المعروفة، حيث إن تناول بضع حبات غير معالجة قد يؤدي إلى توقف عمل الأعضاء الحيوية نتيجة عرقلة إنتاج البروتين داخل الخلايا.الخروع شجيرة سريعة النمو، دائمة الخضرة، تتزين بأوراق كبيرة على شكل نجمة، تتدرج ألوانها من الأخضر الزاهي حتى الأورجواني الداكن، ما يجعلها لافتة للأنظار في الحدائق والمزارع. ورغم أن أوراقها قد تُستخدم في بعض المناطق كعلف للحيوانات، إلا أن خطورتها تبقى حاضرة بسبب احتوائها على مواد سامة.الزيت المفيد وسط السمومعلى النقيض من سمّيتها، تحتفظ البذور في قلبها على لوزة زيتية غنية، يشكّل الزيت نحو نصف وزنها تقريباً. هذا الزيت يُستخلص بطرق آمنة عبر الضغط والمعالجة الحرارية، ليصبح خالياً من مادة الريسين السامة، إذ إن السم يذوب في الماء ولا ينتقل إلى الزيت، ورغم السمّية العالية التي تحملها بذور الخروع في طبيعتها، فإن الزيت المستخلص منها بعد عمليات الضغط البارد والمعالجة الحرارية يصبح خالياً من مادة الريسين الضارة، وهو ما يفسر سر استخدامه الواسع منذ القدم وحتى اليوم في الطب والتجميل والصناعة.التركيب والفعاليةلا يستمد زيت الخروع قيمته من الفيتامينات، كما هو الحال مع بعض الزيوت الأخرى، بل من تركيبته الغنية بالأحماض الدهنية، ويأتي في مقدمتها حمض الريسينوليك الذي يشكّل النسبة الأكبر من مكوناته، وهو المسؤول عن خصائصه المضادة للالتهابات والميكروبات، فضلاً عن دوره في ترطيب البشرة وتغذية الشعر، كما يضم الزيت أحماضاً أخرى مثل الأوليك واللينوليك، التي تعزز إنتاج الكولاجين والإيلاستين في الجلد، ما يمنح البشرة مرونة ويحميها من علامات التقدم في العمر.الاستخدامات الطبية والتجميليةفي المجال الطبي، يُعرف زيت الخروع بكونه مليناً طبيعياً يساعد على تخفيف الإمساك عند استخدامه بجرعات محدودة وتحت إشراف. أما في عالم الجمال، اكتسب شهرة واسعة بين الزيوت الطبيعية، إذ يعمل على ترطيب البشرة وتنعيمها، ويسهم في تغذية الشعر والرموش والحواجب، ليمنحها كثافة ولمعاناً بفضل مكوناته الدهنية الفعالة.إلى جانب خصائصه العلاجية، يشكل زيت الخروع طبقة واقية تحتفظ بالرطوبة داخل الجلد، ما يجعله خياراً مثالياً لعلاج المناطق الجافة أو المتقشرة، وبفضل تأثيره المبرّد والمهدئ، يساعد على تقليل الاحمرار وتسريع شفاء التهيجات الجلدية، وعند استخدامه بانتظام، يمكن أن يُحسّن من ملمس البشرة ويمنحها مظهراً أكثر تجانساً وصفاءً.