يعد اندماج ثقبين أسودين حدثاً كونياً، وتمكن علماء من التوصل إلى أفضل رؤية حتى الآن لمثل هذا الحدث، وذلك استناداً إلى اكتشاف تموجات في الزمان والمكان (الزمكان) تسمى موجات الجاذبية. ووقع الاصطدام على بُعد 1.3 مليار سنة ضوئية من الأرض في مجرة تقع خلف مجرة درب التبانة، بين ثقبين أسودين، أحدهما تقارب كتلته 34 مثل كتلة الشمس وتبلغ كتلة الآخر 32 مثل كتلتها تقريبا. واندمجا في جزء من الثانية بعد أن دارا أحدهما حول الآخر بسرعة تقارب سرعة الضوء، ونتج عن ذلك ثقب أسود واحد تقارب كتلته 63 مثل كتلة الشمس، ويدور بسرعة نحو 100 دورة في الثانية. والسنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء خلال عام واحد، أي 9.5 تريليون كيلومتر. والثقوب السوداء أجسام كثيفة للغاية، ذات جاذبية هائلة لا يستطيع حتى الضوء الإفلات منها. وأطلق الاندماج كمية هائلة من الطاقة التي انبعثت إلى الخارج على شكل موجات جاذبية، وهي كمية تعادل سحق ثلاثة نجوم بحجم الشمس. رُصدت هذه الموجات في 14 يناير الماضي في مواقع بحثية في هانفورد بواشنطن ووليفينجستون بلويزيانا، وهي جزء من مرصد موجات الجاذبية باستخدام مقياس التداخل بالليزر التابع للمؤسسة الوطنية الأمريكية للعلوم. وجاءت هذه الملاحظات بعد نحو 10 أعوام من الاكتشاف الرائد لموجات الجاذبية، والتي نتجت عن اندماج مماثل. وأتاحت التطورات التكنولوجية منذ 2015 رصد هذا الاندماج بدقة أعلى أربع مرات من سابقه. وتنتشر موجات الجاذبية إلى الخارج من مصدر مثل التموجات في بركة ماء، وفي هذه الحالة، تكون البركة هي «الزمكان»، ذلك النسيج رباعي الأبعاد الذي يجمع أبعاد المكان الثلاثة- الارتفاع والعرض والطول- مع بعد الزمن. وقال عالم الفيزياء الفلكية ماكسيميليانو إيسي، من جامعة كولومبيا ومعهد فلاتيرون، وأحد قادة الدراسة التي نشرت، الأربعاء، في دورية (فيزيكال ريفيو ليترز) «علمنا ألبرت أينشتاين أن المكان والزمان متشابكان، وأفضل سبيل للنظر إليهما هو اعتبارهما وجهين لكيان واحد، الزمكان». وأضاف «يتجلى هذا، على سبيل المثال، في أن الزمن يتدفق بمعدلات مختلفة تبعا لموقعك: فبالقرب من جسم ثقيل، مثل ثقب أسود، يتدفق الزمن ببطء أكبر مقارنة بشخص أبعد، لذا فإن الشخص القريب من ثقب أسود سيتقدم في العمر على نحو أبطأ». وحلل الباحثون ترددات موجات الجاذبية المكتشفة لتمييز الخصائص الأساسية للثقوب السوداء قبل الاندماج وبعده مباشرة. ومع أن هذه الترددات لم تكن موجات صوتية، فقد شبهها الباحثون قارنوها برنين جرس.