الشارقة: سارة المزروعي في زمن البيوت الطينية والساحات الرملية، برزت أدوات بسيطة صنعتها الأيادي من البيئة المحيطة، وكان من أبرزها «العسو»، تلك المكنسة التقليدية التي جُمعت من عذوق النخيل بعد اكتمال جَني التمر وتجف سيقانه. وبمهارة ربات البيوت، تحوّل ما تبقى من النخلة إلى أداة يومية تحفظ للنظافة مكانها في تفاصيل الحياة.ويتكوّن «العسو» من سيقان رفيعة تُعرف بالشّماريخ، تُربط معاً لتشكّل حزمة متينة، خفيفة في اليد وقوية في الاستخدام، ومن دون الحاجة إلى أدوات معدنية أو صناعية، كان يُجمع بخيوط طبيعية أو ليف النخيل، ليصبح جاهزاً للكنس وتنظيف الغرف والمجالس، شكله البسيط ولونه البني المائل إلى الذهبي جعلاه رمزاً من رموز حياة القرى والواحات.وبعد الاستفادة من الثمار، يُترك العسو تحت ثقل حتى يجف وتنتظم عيدانه، ليُعاد توظيفه في تنظيف البيوت، كما كان يُستعمل في إشعال النار لسرعة اشتعاله وخفة وزنه.ولم يقتصر دوره على تنظيف الأرضيات فقط، بل كان أحياناً وسيلة لإبعاد الحشرات أو الفئران، وحتى أداة للتأديب في المواقف الطريفة التي يتناقلها الناس. وكان وجوده في كل بيت علامة على الاكتفاء بما تجود به الطبيعة، وعلى الحرفية في تحويل مخلفات النخلة إلى أدوات نافعة.ورغم دخول المكانس الحديثة إلى كل منزل، بقي «العسو» محتفظاً برمزيته، ويستخدم حتى الآن في بعض المنازل ويظهر في المعارض التراثية والمهرجانات الشعبية ليذكّر الأجيال بذاكرة المكان وعلاقة الإنسان بالنخلة، فهو ليس مجرد أداة تنظيف، بل قطعة تختزن في تفاصيلها صورة عن البساطة والاعتماد على موارد البيئة، وصوت يروي إيقاع البيوت القديمة حين كانت النخلة شريكاً في كل تفاصيل الحياة.