أعلنت شرطة العاصمة البريطانية «ميتروبوليتان» تفكيك شبكة دولية يشتبه في تهريبها نحو 40 ألف هاتف مسروق من لندن إلى الصين خلال العام الماضي، أي ما يعادل 40% من إجمالي الهواتف المسروقة في العاصمة.
وأكدت شرطة ميتروبوليتان في بيان رسمي عبر موقعها، أنها نفذت واحدة من أضخم عملياتها ضد سرقة الهواتف، والتي جاءت بعد تحقيق استمر قرابة عام كامل، وأسفرت عن مصادرة آلاف الأجهزة واعتقال 17 شخصاً، تراوحت أدوارهم الإجرامية من لصوص الشوارع إلى رؤوس عصابات التهريب الدولية.

مطار هيثرو.. نقطة بداية القضية

بدأت خيوط القضية في ديسمبر الماضي، عندما عثرت الشرطة على صندوق يحوي نحو ألف جهاز آيفون داخل مستودع قريب من مطار هيثرو، كانت في طريقها إلى هونغ كونغ.
وكشفت التحقيقات عن أن معظم هذه الأجهزة مسروقة، ما دفع الشرطة إلى إطلاق عملية موسعة حملت اسم «إيكوستيب»، استعانت خلالها بوحدات متخصصة عادة ما تتعامل مع قضايا السطو المسلح وتهريب المخدرات، لتعقب المتورطين.
وقالت شرطة العاصمة في بيانها: إن المحققين تمكنوا من اعتراض شحنات جديدة، واستخدام الأدلة الجنائية الموجودة على الطرود لتحديد هوية اثنين من المشتبه فيهم.
وفي 23 سبتمبر، أُلقي القبض على رجلين في الثلاثينات من عمرهما في لندن بتهمة حيازة بضائع مسروقة، كما عُثر في سيارتهما على عدد من الهواتف، واكتشف المحققون نحو 2000 جهاز إضافي داخل منازل مرتبطة بهما.

المجرمون يتساقطون مع استمرار التحقيقات

أشار البيان إلى أنه بعد سلسلة من المداهمات في لندن وهيرتفوردشاير، أُلقي القبض على 15 شخصاً بتهم تتعلق بالسرقة والتآمر والاتجار بالبضائع المسروقة، كما جرى ضبط أكثر من 30 جهازاً مشبوهاً خلال تفتيش 28 مكاناً مختلفاً.

أكبر حملة ضد سرقة الهواتف في بريطانيا

قال القائد أندرو فيذرسـتون، المسؤول عن مكافحة سرقة الهواتف في شرطة العاصمة: «هذه أكبر حملة على الإطلاق في المملكة المتحدة ضد سرقة الهواتف والسطو، وهي سلسلة من العمليات غير المسبوقة التي نفذناها في الميتروبوليتان».
وأضاف: «لقد فككنا شبكات إجرامية على جميع المستويات، من لصوص الشوارع إلى العصابات المنظمة التي تصدر عشرات الآلاف من الأجهزة المسروقة سنوياً، سكان لندن يجب أن يشعروا بالأمان، وهذه العملية رسالة واضحة على التزامنا بحمايتهم وخفض معدلات الجريمة».
ودعا فيذرسـتون شركات تصنيع الهواتف مثل أبل وسامسونج إلى القيام بدور أكبر لدعم جهود الشرطة، خصوصاً في مجالات أمان الأجهزة وإعادة استخدامها.

عصابة تستهدف أجهزة أبل وتبيعها بآلاف الدولارات

كشف المفتش مارك جافن، قائد فريق التحقيق، عن أن العثور على الشحنة الأولى كان نقطة البداية في كشف شبكة تهريب يعتقد أنها مسؤولة عن تصدير ما يصل إلى 40% من الهواتف المسروقة في لندن.
وقال ضمن بيان شرطة العاصمة: «وراء كل هاتف مسروق ضحية فقدت شيئاً من حياتها، من صور لأحباء متوفين إلى ذكريات شخصية لا تُعوض، بعض الضحايا تعرضوا لهجمات عنيفة أثناء السطو».
وأوضح جافن أن العصابة كانت تستهدف منتجات أبل تحديداً لارتفاع قيمتها في الأسواق الخارجية، مشيراً إلى أن اللصوص في الشوارع كانوا يحصلون على نحو 300 جنيه إسترليني مقابل الجهاز الواحد، بينما تباع الهواتف في الصين بما يصل إلى 5000 دولار.

انخفاض في معدلات السرقة

وفق بيانات شرطة العاصمة، شهدت لندن العام الماضي سرقة نحو 80 ألف هاتف، وعقب تكثيف الحملات الأمنية، انخفضت حوادث السرقة بنسبة 14%، وتراجع معدل السطو الشخصي بنسبة 13% منذ بداية العام. ولفتت الشرطة إلى استهدافها شبكات التهريب الدولية، ما أسهم في تجفيف منابع السوق السوداء التي كانت تغذي جرائم الشوارع.

عمدة لندن: الشرطة لن تعمل وحدها

صرح عمدة لندن صادق خان: «أشكر شرطة العاصمة على استجابتها لمخاوف سكان لندن عبر تنفيذ أكبر حملة منسقة لمكافحة جرائم الهواتف، إنها بلا شك العملية الأكبر في تاريخ المملكة المتحدة».
واستطرد خان: «بفضل التمويل الضخم، عززت الشرطة وجودها في الأحياء ونشرت فرقاً متخصصة في مناطق ساخنة مثل وستمنستر، حيث تقع نحو 40٪ من السرقات».
وتابع عمدة لندن أن تراجع معدلات السرقة بنسبة 13% في الربع الأول من العام دليل على نجاح هذه الجهود، لكنه شدد على أن الشرطة لا تستطيع مواجهة الجريمة وحدها، قائلاً: «العصابات تحقق ملايين الجنيهات من إعادة بيع الهواتف المسروقة في الخارج، ولا يزال العديد منها قادراً على الوصول إلى خدمات التخزين السحابي، يجب على شركات التكنولوجيا أن تتحرك بسرعة لجعل الأجهزة المسروقة غير قابلة للاستخدام، نحتاج إلى تحرك عالمي منسق لوقف هذه التجارة وبناء لندن أكثر أماناً للجميع».

الحكومة البريطانية تتوعد اللصوص

من جانبها، قالت وزيرة الجريمة والشرطة سارة جونز: «حجم هذه العملية غير المسبوق يبعث رسالة واضحة: إذا كنت متورطاً في سرقة الهواتف، سواء في الشوارع أو داخل المحال أو ضمن عصابة منظمة، فإننا قادمون إليك».
وواصلت تصريحاتها: «نريد المزيد من هذه الحملات واسعة النطاق، ولهذا نعمل على زيادة أعداد الضباط ومنحهم صلاحيات أقوى لتتبع المجرمين وجعل شوارعنا أكثر أماناً».

عمليات فرعية ناجحة

نفذت شرطة العاصمة خلال الأسبوعين الماضيين سلسلة من العمليات الموجهة أسفرت عن 46 اعتقالاً. من أبرزها:
عملية ضد عصابات سرقة شاحنات التوصيل التي كانت تستهدف مركبات تحمل أجهزة «آيفون 17» الجديدة، وأسفرت عن 11 اعتقالاً بفضل تقنيات التتبع المتقدمة.
وكذلك مداهمة متجر للهواتف في طريق سيفن سيسترز بمنطقة إزلنجتون، ضبط خلاله نحو 40 ألف جنيه إسترليني نقداً وعدد من الأجهزة المسروقة، كما اعُتقل رجلان بتهم غسل أموال وحيازة بضائع مسروقة.
وأوقفت الشرطة رجلاً في مطار هيثرو بحوزته 10 هواتف يُشتبه في أنها مسروقة، إضافة إلى جهازي «آيباد»، وجهازي «لابتوب»، وساعتي «روليكس»، وكشفت التحقيقات عن أنه سافر بين لندن وإحدى دول شمال إفريقيا أكثر من 200 مرة خلال عامين.