في مشهد يجمع خفة الظل المصرية، تصدّر مطعم «أبو طارق» الشهير في وسط القاهرة واجهة مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن وجّه رسالة ساخرة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ويعتزم الرئيس ترامب زيارة مصر في 12 أكتوبر 2025، للمشاركة في مراسم توقيع اتفاق وقف الحرب في غزة. ونشر الحساب الرسمي للمطعم على «فيسبوك» صورة معدلة بتقنية الذكاء الاصطناعي تُظهر ترامب ممسكاً بعلبة كشري، مرفقة بتعليق ساخر: «جاهزين لاستقباله بعلبة كشري». المنشور حصد آلاف التفاعلات خلال ساعات قليلة، في موجة من المزاح الإلكتروني امتدت إلى تعليقات مستخدمين من مختلف الدول، لتؤكد أن «الكشري» لم يعد مجرد وجبة بل رمزاً ثقافياً يلامس المشهد العام بخفة ظل. تزامن المنشور مع التحضيرات لقمة دولية في شرم الشيخ، بمشاركة اادة عرب وأوروبيين، تهدف إلى تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الموقع في شرم الشيخ في 8 أكتوبر ضمن خطة ترامب ذات الـ21 نقطة لإعادة إعمار القطاع وتنظيم الترتيبات الأمنية. وخلال الأشهر الأخيرة، أصبح «أبو طارق» محطة مفضلة لعدد من الشخصيات الأجنبية من سفراء ومسؤولين ومشاهير، توثق زياراتهم حسابات المطعم عبر صور ومقاطع فيديو تكشف شغف الزوار بالمذاق المصري الشعبي. في إحدى الزيارات، وقف سفير السويد أمام العربة الأصلية التي انطلقت منها رحلة «أبو طارق» في خمسينيات القرن الماضي، مبتسماً أمام الكاميرا في لقطة رمزية تعيد ربط الحاضر بالبدايات البسيطة التي تحولت إلى قصة يعرفها المصريون جيداً. أما سفير كوبا فاختار أن يتذوق الطبق داخل المطعم نفسه، في مشهد حيوي أرفقه المطعم بتعليق يقول: «الطعم الحار يجمع الشعوب». ولم تتوقف المفاجآت عند الحدود الدبلوماسية؛ ففي سبتمبر، استقبل المطعم ثلاثة من أحفاد الأسرة العلوية – الملك محمد علي، والملكة فرح، والملك فؤاد – في زيارة وُصفت من إدارة المكان بأنها «وسام شرف يعزز قيمة التراث المصري». ويشير طارق يوسف، نجل مؤسس المطعم، إلى أن المكان لا يجري أي ترتيبات خاصة قبل الزيارات الرسمية، موضحاً أن «الوصفة واحدة منذ نصف قرن، وهذا سر الثقة التي نحظى بها». ويضيف أن بعض الدبلوماسيين يفضلون زيارة المطعم بعيداً عن الأضواء، بينهم السفيرة الأمريكية بالقاهرة التي تناولت طعامها بهدوء من دون تصوير. تحول «أبو طارق» مع مرور السنوات إلى عنوان رمزي للضيافة المصرية. فالمبنى المكون من خمسة طوابق في تقاطع شامبليون ومعروف بوسط القاهرة بدأ كعربة صغيرة أسسها المعلم يوسف زكي في خمسينات القرن الماضي، قبل أن يتحول في التسعينيات إلى معلم حضري يقصده السياسيون والسياح والدبلوماسيون. وخلال العام 2015، دخل المطعم موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية بتقديمه أكبر طبق كشري في العالم بقطر عشرة أمتار وارتفاع 1.2 متر، أطعم نحو ألف شخص. منذ ذلك الحين، صار «أبو طارق» وجهة شبه رسمية لكل من يبحث عن تجربة مصرية متكاملة تجمع بين البساطة والأصالة.