الارشيف / عرب وعالم / المغرب / اكادير 24

وسائل التواصل الاجتماعي بالمغرب.. من فضاء للتعبير إلى فضاء للتضييق

تعد حرية الرأي التعبير أصل جميع الحريات التي تتصل بإبداء الآراء والأفكار والأخبار والمعلومات وتلقيها وتداولها والتعبير عنها بکافة الوسائل المتاحة، وبذلك تندرج ضمن حرية الرأي التعبير حزمة من الحريات الأخرى ذات الصلة، کحرية الصحافة، وحرية الإعلام، والحق في الحصول على المعلومات وحرية تداولها..

ومن هذا المنطلق، تتوقف الممارسة السليمة لهذه الحريات والتمتع بها على کفالة حرية الرأي التعبير أولا، باعتبارها الحرية الأسمى، التي إن مُسّ بها، تم المساس بباقي الحريات التي تدخل في نطاقها.

هذا، وتجد حرية الرأي والتعبير مرجعا لها في المواثيق الدولية، وفي مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي تنص المادة 19 منه على أن “لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية”، فيما نص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في المادة 19 منه على أن “لكل إنسان الحق في اعتناق آراء دون مضايقة”، إضافة إلى أن “لكل إنسان الحق في حرية التعبير ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دون ما اعتبار للحدود سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها”.

في هذا السياق، عمل ، باعتباره عضوا في الأمم المتحدة ونظرا لتفاعله مع مُخرجات المجتمع الدولي ذات الصلة بحقوق الإنسان، (عمل) على المصادقة على العديد من الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان، كما عمل على تضمين مقتضياتها في تشريعاته الوطنية، وفي مقدمتها دستور 2011 الذي تضمن مجموعة من المقتضيات ذات الصلة بالحق في حرية الرأي والتعبير، حيث نص الفصل 25 منه على أن “حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها”، كما أن “حرية الإبداع والنشر والعرض في مجالات الأدب والفن والبحث العلمي والتقني مضمونة”، والفصل 28 على أن “للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية، ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة”.

وإلى جانب ذلك، عمل المغرب على تعزيز هذه المقتضيات الدستورية بمجموعة من القوانين التنظيمية الذي تدعم الحق في حرية الرأي والتعبير، ومن بينها القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر، وكذا القانون رقم 31.13 الـمتعلق بالحق في الحصول على الـمعلومات، واللذين يكتسيان أهمية قصوى في تدعيم أسس حرية الرأي والتعبير بالمملكة.

ومن الملاحظ أن المراجع السالف ذكرها، الدولية منها والوطنية، لم تحصر ممارسة حرية الرأي والتعبير في فضاء معين، بل جعلتها متاحة بكل الوسائل الممكنة، وهذا ما يحيلنا على وسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت بمثابة بوابة رئيسية لتعبير المواطنين عن آرائهم حول مجموعة من القضايا والأحداث، على اختلاف طبيعتها ونوعيتها.

وسائل التواصل الاجتماعي.. من التعبير إلى التضييق

يرى عادل عادل تشيكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن “مواقع التواصل الاجتماعي تشكل في الأصل فضاء رحبا لجميع المعبرين عن آرائهم، حيث كانت بمثابة ملاذ لأي إنسان يريد التعبير عن رأيه في قضية معينة أو استنكار سلوكا ما، كما قربت صوت المظلومين إلى آذان المسؤولين، غير أن السياق المجتمعي الذي شهدته المملكة في السنوات الأخيرة أضفى على هذه الوسائط مجموعة التغييرات، إذ أصبحت تشهد تضييقا ممنهجا على حرية الرأي والتعبير”.

وفي الوقت الذي يتعامل فيه العديد من النشطاء والصحفيين مع وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها الفضاء الرقمي الوحيد للتعبيرعن آرائهم والترافع عن مجموعة من القضايا، تحولت إلى “مصدر لتعاستهم”، بسبب “المتابعات القضائية التي يتعرضون لها الآراء والمواقف التي عبروا عنها”، وفق تعبير المناضل الحقوقي.

واعتبر ذات المتحدث في تصريح لأكادير 24 أن “هناك مجموعة من المحددات التي ساهمت في هذا التحول، من أبرزها الحراكات الكبرى التي شهدها المغرب خلال العقد الماضي (حركة 20 فبراير وحراك الريف)، الأمر الذي جعل الأجهزة المسؤولة تتعامل بحذر شديد مع مواقع التواصل الاجتماعي وما يصدر بها”، مشيرا إلى أن “تعاطي الدولة الجدي والإيجابي مع مطالب الشارع التي يتم التعبير عنها بمواقع التواصل الاجتماعي بدأ في التراجع شيئا فشيئا، ليبلغ أوجه مع حملة الاعتقالات التي طالت مجموعة من النشطاء والصحفيين، وهو المسلسل الذي لا يزال مستمرا إلى يومهنا هذا”، وفق تعبيره.

وخلص رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى أن “هناك هجوما على حرية التعبير، خاصة بالنسبة للصحفيات والصحفيين والنشطاء المعبرين عن آرائهم”، لافتا إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت بمثابة مصيدة تتربص بهؤلاء، بعدما كانت سابقا فضاء يحتضن مختلف التوجهات والآراء والمطالب المجتمعية.

من أجل حرية تعبير حقيقية، دون تهديد بسلب الحرية

وجهت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان رسالة مفتوحة إلى السيد رئيس النيابة العامة الوكيل العام لدى محكمة النقض حول مذكرتها الترافعية بعنوان “من أجل حرية تعبير حقيقية، دون تهديد بسلب الحرية”، نبهت فيها إلى الإشكالية المتعلقة بـ”سلسلة من الاعتقالات التي استهدفت صحفيين أو نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، القاسم المشترك بينهم هو اتهامهم بارتكاب جرائم ترتبط بالنشر، والاستناد من أجل متابعتهم إلى مقتضيات مجموعة القانون الجنائي، أو نصوص أخرى أكثر تشديدا، بدل مواد قانون الصحافة والنشر”.

واعتبرت العصبة أن “استمرار وضعية ازدواجية التجريم، في القضايا المتصلة بحرية التعبير عن الآراء، وبالإضافة إلى تأثيرها المباشر على مؤشري الأمن القانوني والقضائي، من خلال توسيع هامش سلطة الملاءمة الممنوحة لمؤسسة النيابة العامة، والسلطة التقديرية للقضاء الجالس، تعد انتهاكا لقاعدة قانونية صريحة تتمثل في إعمال القانون الأصلح للمتهم، في حالة تنازع القوانين، وهو الأمر الذي نص عليه بشكل صريح الفصل السادس من مجموعة القانون الجنائي المغربي.”

 

 

وطالبت العصبة عبر مذكرتها الترافعية بـ”توقيف المتابعات الجارية في حق الصحافييين أو النشطاء، المتابعين، من أجل قضايا ترتبط بالتعبير عن الآراء، والمستندة إلى مقتضيات القانون الجنائي أو قوانين أخرى غير قانون الصحافة والنشر”، كما دعت إلى العمل على “إقرار فعلي لحرية الصحافة والتعبير عن الآراء، ورفع العقوبات السالبة للحرية، بما يتماشى والمبادئ المعلنة من خلال المواثيق الدولية وتوصيات الآليات التعاهدية، والالتزامات الطوعية للمملكة أمامها”.

وعن هذه المذكرة يقول الناشط الحقوقي عادل تشيكيطو أنها تدخل ضمن الآليات الترافعية التي تنهجها العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، من أجل ضمان حرية الرأي والتعبير في وسائط التواصل الاجتماعي وفي الفضاء الرقمي على وجه العموم، لافتا إلى أن المذكرة جرت مناقشة مضامينها مع رؤساء و ممثلي الفرق البرلمانية، ورئيس النقابة الوطنية للصحافة وممثلين عن وزارة العدل والمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، كما تم إطلاع الرأي العام على فحواها خلال ندوة صحفية عقدت حول الموضوع.

وشدد ذات المتحدث على أن “حرية الرأي والتعبير هي من بين الإشكاليات التي تشتغل عليها العصبة بشكل مستمر، إذ تقوم بمتابعة الأوضاع ورصد الانتهاكات والخروقات المرتبطة بها، فضلا عن إصدارها مجموعة من البيانات والمذكرات والتقارير، الدولية أو الوطنية، للمطالبة برفع التضييق عن حرية الرأي والتعبير”.

 

مطالب بتوسيع هامش الحرية بمواقع التواصل الاجتماعي

من جهتها، ترى الناشطة الحقوقية خديجة الرياضي أن “الصحفيين والنشطاء والمواطنين بشكل عام يلجؤون لمواقع التواصل الاجتماعي كبديل للتعبير عن مواقفهم وآرائهم بخصوص مختلف القضايا، غير أن هذه الفضاءات الرقمية أصبحت خلال السنوات الأخيرة عرضة للقمع ومختلف الممارسات التعسفية”، لافتة إلى أن “هناك الكثير من القضايا الرائجة بالمحاكم بسبب تدوينات لا تتضمن أي أفعال مخالفة من قبيل التشهير والقذف.. بقدر ما تتضمن تعبيرا صريحا عن الرأي”.

واعتبرت الناشطة الحقوقية بأن “هناك حاجة ماسة إلى توسيع هامش الحرية بمواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما لن يتم إلا باحترام القانون وعدم محاكمة الآخرين وفقا لآراءهم ومواقفهم وتجاوز الخطوط الحمراء، باستثناء ما ينص عليه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، وحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة)”.

وأكدت ذات المتحدثة في تصريح لأكادير 24 أنه “لا يحق للدولة ان تتابع أيا كان أو تعرضه للعقاب بسبب آرائه او انتماءاته”، مشددة على “ضرورة ضمان استقالالية القضاء باعتباره الفاصل بين الدولة التي تفرض احترام النظام العام، وبين المواطنين الذين يعانون من التضييق الممارس عليهم في وسائل التواصل الاجتماعي، وكي يتم ضمان حقوق جميع من تتم متابعتهم بسبب آرئهم أو مواقفهم داخل الفضاء الرقمي”.

ومن جهة أخرى، اعتبرت الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بأن “ضمان حرية الرأي والتعبير بوسائل التواصل الاجتماعي يبقى رهينا باحترام المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب عن طواعية، وفي مقدمتها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية”.

اختلالات ترافق التعبير عن الرأي بمواقع التواصل الاجتماعي

أفاد رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان عادل تشيكيطو بأن “هناك مجموعة من الاختلالات التي ترافق التعبير عن الرأي بمواقع التواصل الاجتماعي، ومنها القصور المعرفي لدى بعض مستعملي هذه الوسائط، الأمر الذي ينحرف بهم أحيانا من التعبير عن الرأي إلى السقوط في أفعال مخالفة للقانون، من قبيل السب والقذف والتشهير.. وهو ما يكون سببا في ملاحقتهم قضائيا”.

ومن جهة أخرى، سجل المتحدث أن هناك بعض من أسماهم بـ”المندسين” الذين “يستغلون هذه المواقع ونشاط المعبِّرات والمعبِّرين عن الرأي للتحايل على هذا الحق وتحويله إلى أداة لابتزاز الآخرين، منهم مسؤولون أو مواطنون عاديون، وهو ما يؤثر سلبا على حرية الرأي والتعبيربوسائل التواصل الاجتماعي”.

وفي المقابل، ترى الناشطة الحقوقية خديجة الرياضي بأن تجاوز هذه الاختلالات رهين بـ”احترام القانون من طرف الدولة والمواطنين على حد سواء وتمكين المتابعين في قضايا الرأي والتعبير من استرجاع حقوقهم وضمانها كاملة”، مشيرة إلى أن “المحدد الحقيقي للتغيير وتحسين مؤشر حرية التعبير بالمغرب يرتبط أساسا بتراجع الدولة للوراء ورفع يدها عن هذا الحق”، وفق تعبيرها.

واعتبرت ذات المتحدثة أن “الآليات الترافعية التي يتم نهجها في هذا الصدد تساعد في الضغط وخلخلة موازين القوى، لكنها تظل غير كافية أمام تفشي القمع والانتهاكات”، فيما شددت على أن “التغيير ينطلق من النضال الجماهيري ووحدة كافة الإطارات والهيئات التي تدافع عن الحرية والديمقراطية في المغرب”.

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اكادير 24 ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اكادير 24 ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا