كتب: محمد الأحمدىالجمعة، 03 أكتوبر 2025 03:42 م اجتمع قداسة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بعد ظهر اليوم مع الآباء كهنة إيبارشيات محافظة أسيوط، وهي إيبارشية ديروط وصنبو، القوصية ومير، رزقة الدير المحرق، منفلوط، أسيوط وساحل سليم والبداري، أبنوب والفتح وأسيوط الجديدة، أبوتيج وصدفا والغنايم. بحضور مطارنة وأساقفة الإيبارشيات وعدد من الإيبارشيات الأخرى. يأتي هذا اللقاء في إطار الجولة الرعوية التي يقوم بها قداسته في إيبارشيات وأديرة محافظة أسيوط، والتي بدأها يوم الثلاثاء الماضي وزار خلالها حتى الآن الدير المحرق، وخمسة من إيبارشيات أسيوط السبع. وعبر قداسة البابا عن سعادته بلقاء الآباء الكهنة لافتًا إلى أن الكاهن بخدمته هو الذي يعد المؤمنين للسماء ويفرز للكنيسة نفوسًا مكرسة بكل أشكال التكريس. وألقى قداسته عليهم كلمة عن حياة الكاهن وخدمته، من خلال الوصايا التي أوصى بها داود النبي ابنه سليمان والواردة في سفر أخبار الأيام الأول "وَأَنْتَ يَا سُلَيْمَانُ ابْنِي، اعْرِفْ إِلهَ أَبِيكَ وَاعْبُدْهُ بِقَلْبٍ كَامِل وَنَفْسٍ رَاغِبَةٍ، لأَنَّ الرَّبَّ يَفْحَصُ جَمِيعَ الْقُلُوبِ، وَيَفْهَمُ كُلَّ تَصَوُّرَاتِ الأَفْكَارِ. فَإِذَا طَلَبْتَهُ يُوجَدُ مِنْكَ، وَإِذَا تَرَكْتَهُ يَرْفُضُكَ إِلَى الأَبَدِ. ١٠اُنْظُرِ الآنَ لأَنَّ الرَّبَّ قَدِ اخْتَارَكَ لِتَبْنِيَ بَيْتًا لِلْمَقْدِسِ، فَتَشَدَّدْ وَاعْمَلْ" (١أخ ٢٨: ٩–١٠)لافتًا إلى أن هذه الوصايا النبوية ستظل دومًا صالحة لتكون مرشدًا حيًّا لكل كاهن في خدمته. وتناول قداسة البابا الوصايا الواحدة تلو الأخرى، موضحًا معناها وتطبيقها العملي في الخدمة الكهنوتية:١- وَأَنْتَ يَا سُلَيْمَانُ ابْنِي: الكاهن يظل ابنًا حتى لو كان كاهنًا كبيرًا، فهو ابن لأسقفه في الإيبارشية، وابن لله الذي يخاطبه دومًا بالإنجيل. والخلوة اليومية تساعد الكاهن أن يسمع صوت الله بوضوح ويعيش البنوة الصادقة. ٢- اعْرِفْ إِلهَ أَبِيكَ: خدمة الكهنوت امتداد وتواصل لأجيال من الآباء، والله الذي عمل معهم هو ذاته الذي يعمل معنا اليوم. هذه المعرفة ليست نظرية، بل هي عشرة شخصية وخبرة حقيقية مع الله. ٣- اعْبُدْهُ بِقَلْبٍ كَامِل: الكهنوت ليس مجرد اسم أو زي أو لقب، إنما هو قلب مستقيم غير منقسم. الانشغال الزائد بالمشروعات والإداريات على أهميتها، قد يُفقد الكاهن جوهر دعوته. المهم ليس رأي الناس بل رأي السماء في خدمته وحياته. ٤- بنَفْسٍ رَاغِبَةٍ: الخدمة يجب أن تُمارَس بشوق متجدد ورغبة مقدسة، فتكون كل خدمة مليئة بالنجاح والبركة. فهناك كاهن يرهب الشعب بكلامه وهناك كاهن آخر يمتلئ كلامه محبة واحتضانًا. وأكد قداسة البابا على أهمية عظة القداس، لأنها مثل بذار الزارع الذي خرج ليزرع. ٥- لأَنَّ الرَّبَّ يَفْحَصُ جَمِيعَ الْقُلُوبِ: الله يراك في كل وقت وفي كل مكان: في المذبح، في الاعتراف، في بيتك مع أسرتك. وما يُقال في الخفاء يظهره الله على السطوح. ٦- يَفْهَمُ كُلَّ تَصَوُّرَاتِ الأَفْكَارِ: الله يعرف أفكار الإنسان حتى قبل أن ينطق بها. لذلك يجب أن يكون فكر الكاهن نقيًا، وحياته الداخلية أمينة. فالكاهن يمثل الكنيسة، وثوبه الخارجي يجب أن يوازيه ثوب داخلي من الطهارة والنقاوة. ٧- إِذَا طَلَبْتَهُ يُوجَدُ مِنْكَ: حين يضع الكاهن المسيح كهدف أول وأخير في خدمته، يرتب الله له حياته كلها، ويقف إلى جواره في كل خطوة. ٨- إِذَا تَرَكْتَهُ يَرْفُضُكَ إِلَى الأَبَدِ: الترك هنا لا يكون بالإنكار فقط، بل بالكسل، أو الفتور الروحي، أو الإهمال في صحته، أو الإهمال في خدمته. عدم الأمانة هو ترك لله. فالكتاب يقول: "كن أمينًا إلى الموت". وقد شبَّه قداسته الأمر بالعذارى الجاهلات اللواتي قَرعن الباب فقيل لهن: "لا أعرفكن". ٩- اُنْظُرِ الآنَ: اللحظة الحالية هي فرصة يمنحها الله لكل كاهن، ليصحح مساره ويبدأ من جديد. ١٠- لأَنَّ الرّبَّ قَدِ اخْتَارَكَ: الاختيار للكهنوت ليس عملاً بشريًّا بل تدبير إلهي. الله اختار الكاهن من بين آلاف ليكون خادمًا لمذبحه، لأنه محبوب ومختار من المسيح نفسه. ١١- لِتَبْنِيَ بَيْتًا لِلْمَقْدِسِ: عمل الكاهن الأساسي هو بناء النفوس المقدسة، من خلال الافتقاد، جلسات الاعتراف، العظات، والزيارات. الفرق بين المحاضرة والعظة أن المحاضرة مجرد معلومات، أما العظة فهي دعوة للتوبة ولقاء مع المسيح. ١٢- تَشَدَّدْ وَاعْمَلْ: الكاهن مدعو للاجتهاد وعدم التراخي. لا يهم كم ضاع من وقت، المهم أن يبدأ من جديد بروح قوية. كلمات الكاهن ينبغي أن تشجع وتشدِّد كل شخص. وأكد قداسة البابا أن الروح المسيحية لا تعرف الشيخوخة، مستشهدًا بقول القديس القمص بيشوي كامل: "المسيحي لا يعرف الشيخوخة، فهو دائمًا في عمر المسيح، ثلاث وثلاثون سنة." وفي ختام العظة شدد قداسة البابا على أن الكهنوت هو دعوة مقدسة ومسؤولية عظيمة، هدفها بناء بيت الله أي النفوس، ليبقى الكاهن شاهدًا حيًا للمسيح، ونورًا يقود شعبه نحو الحياة الأبدية. وعقب العظة التقطت صورًا تذكارية لمجمع كهنة كل إيبارشية مع قداسة البابا.