كتبت أسماء نصارالأحد، 12 أكتوبر 2025 11:18 ص أكد الدكتور عبد الحكيم الواعر، مساعد المدير العام والممثل الإقليمي لـ منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، أن أسبوع القاهرة للمياه يجسد إرادة جماعية لتحويل تحديات ندرة المياه والأمن الغذائي وتغير المناخ إلى فرص للتعاون والابتكار. أضاف خلال الكلمة الافتتاحية التي ألقاها في افتتاح النسخة الثامنة من أسبوع القاهرة للمياه، أن أسبوع القاهرة للمياه أصبح منصة محورية لتبادل المعرفة وتعزيز الشراكات ودفع العمل الجماعي نحو مستقبل أكثر صمودًا في مواجهة التحديات المائية. وشدد على أهمية أن تنعكس مداولات هذا الأسبوع على مؤتمر الأمم المتحدة القادم للمياه والمقرر عقده في دولة الإمارات عام 2026، بما يُبرز أولويات واحتياجات المنطقة في النقاشات الدولية حول سياسات المياه. وفي سياق متصل، أشار إلى أن منظمة الفاو ستحتفل في 16 أكتوبر الجاري بمرور 80 عامًا على تأسيسها، وهي مناسبة للتأمل في الإنجازات وتجديد الالتزام بمكافحة الجوع والفقر، وتعزيز صمود النظم الزراعية، خاصة في البيئات التي تعاني من شح المياه، من خلال الإدارة المتكاملة للموارد، والزراعة الذكية مناخيًا، وتمكين المجتمعات، وحماية الموارد الطبيعية. وأكد المسؤول الأممي أن الفجوة التمويلية الكبيرة تظل أبرز التحديات أمام تحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالمياه، حيث تُقدّر بأكثر من تريليون دولار سنويًا، في وقت يشهد فيه التمويل الرسمي لقطاع المياه انخفاضًا ملحوظًا، ما يجعل محدودية النماذج التمويلية، وضعف الحوكمة، والاستثمارات المجزأة، عوائق رئيسية أمام التقدم. ورغم التحديات، أشار الواعر إلى بعض المؤشرات الإيجابية، موضحًا أن كفاءة استخدام المياه عالميًا ارتفعت بنسبة 20% بين عامي 2015 و2021، إلا أن 58% من الدول لا تزال تُظهر مستويات منخفضة من الكفاءة، خاصة تلك التي تعتمد بشكل كبير على الزراعة، مضيفًا أن الفصل بين النمو الاقتصادي واستهلاك المياه لم يتحقق بعد في أي منطقة. وأشار إلى أن الإجهاد المائي العالمي ارتفع بنسبة 2.7% منذ عام 2015 ليبلغ 18.6% في عام 2021، مع وجود تفاوتات إقليمية كبيرة؛ حيث بلغ 63% في غرب آسيا، و70% في آسيا الوسطى، و83% في جنوب آسيا، فيما وصلت النسبة إلى حوالي 120% في شمال إفريقيا، وهي الأعلى عالميًا، مدفوعة بالنمو السكاني وتغير أنماط الاستهلاك وآثار تغير المناخ. وفي هذا السياق، لفت إلى أن 14 دولة عربية تقع ضمن قائمة الدول الـ20 الأعلى عالميًا في معدلات الإجهاد المائي، مشيرًا إلى أن العديد من الدول لجأت إلى حلول بديلة مثل تحلية المياه، وإعادة استخدام المياه المعالجة، واستيراد الغذاء لتلبية الطلب المتزايد. ونوّه إلى أن الزراعة تمثل الجانب الأكثر تعقيدًا في هذه المعادلة، إذ تستهلك نحو 80% من إجمالي المياه العذبة في المنطقة، ما يجعلها أكبر مسببات الإجهاد المائي، وفي الوقت نفسه الأكثر تأثرًا به، الأمر الذي ينعكس سلبًا على الأمن الغذائي. كما أشار إلى أن النزاعات في بعض دول المنطقة تُفاقم الأوضاع. واستشهد بتقرير الأمم المتحدة حول الأزمات الغذائية لعام 2025، الذي أظهر أن نحو 295 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد في 53 دولة، بينها دول عربية مثل غزة، والسودان، واليمن، لافتًا إلى أن أكثر من 1.1 مليون شخص في غزة وحدها واجهوا أو من المتوقع أن يواجهوا مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي، ما يجعل أزمة القطاع من بين الأشد عالميًا. وشدد الواعر على أن رؤية الفاو في هذا السياق تزداد إلحاحًا، وتقوم على ضمان حصول الجميع على غذاء آمن ومغذٍ مع الحفاظ على النظم البيئية. وأضاف أن إعادة الهدف السادس إلى مساره الصحيح يتطلب تمويلًا فعالًا، وبيانات دقيقة، وبناء قدرات، وحوكمة رشيدة، وابتكارًا مستدامًا. وأكد أهمية إعادة تصميم آليات تمويل قطاع المياه لجذب الاستثمارات المستدامة وتعظيم كفاءة استخدام الموارد المتاحة، إلى جانب تعزيز نظم البيانات والرصد، والاستثمار في تنمية القدرات البشرية والمؤسسية لضمان استمرارية التقدم، مع ضرورة تبني تقنيات مبتكرة وتعزيز الحوكمة المتكاملة والمتماسكة عبر القطاعات. واكد على أن مواجهة التحديات المتزايدة تتجاوز الحلول التقنية، وتتطلب شراكات قوية وتنسيقًا فعالًا ومسؤولية جماعية، مشددًا على أن أي جهة منفردة لا تملك الحلول الكاملة، ولكن بالتعاون والتكامل يمكن تحويل أزمة ندرة المياه إلى فرصة حقيقية لتحقيق الصمود والتنمية المستدامة في المنطقة.