أكد رئيس المنتدى المتوسطى للشباب بالمغرب ياسين إيصبويا أن العلاقات المصرية المغربية تاريخية واستراتيجية متجذّرة، وترتكز على عمق حضارى وثقافى وإنسانى مشترك، مضيفا أن انعقاد المنتدى المصرى المغربى فى يناير المقبل يعزز التعاون الفريد بين البلدين الشقيقين. وأضاف إيصبويا - في حواره مع وكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الخميس، خلال فعاليات (منتدى الإسكندرية والمتوسط الثقافى) بمكتبة الإسكندرية- أن القيادات السياسية في البلدين الشقيقين، أسسا نهجا يقوم على توحيد الجهود الثقافية والدبلوماسية لخدمة التنمية المستدامة وترسيخ قيم الاعتدال والانفتاح والتعاون جنوب جنوب، ويأتي المنتدى المصري المغربي كحدث ثقافي يعزز الحوار المصري المغربي وسيمثل خطوة عملية جديدة في مسار الشراكة الثقافية المغربية المصرية. وأضاف أن مصر والمغرب يشكلان معا ركيزتين أساسيتين في بناء هوية متوسطية إنسانية متجددة، ركيزته الثقافة كأساس لمشروع مستدام لبناء فضاء متوسطي موحد في رؤاه وإنسانيته، بما يخدم قيم السلام والتفاهم والتنوع الخلاق. وأشاد بالدور المهم والمحوري الذي يضطلع به السفير المصري في الرباط أحمد عبد اللطيف، والسفير المغربي في القاهرة محمد آيت وعلي، اللذين يضطلعان بدور جسري في تحقيق هذه الرؤية المشتركة ويعملان بروحٍ منفتحة على تطوير آفاق التعاون الثقافي والأكاديمي بين البلدين من خلال مبادرات عملية ومواكبة دبلوماسية راقية تترجم عمق الروابط بين الشعبين الشقيقين من دينامية تجمع القيادة والدبلوماسية والثقافة والمجتمع المدني. وتابع أن هذه الرؤية المشتركة تجسد الطموح المتوسطي الجديد الذي يرتكز على الثقافة كقوة ناعمة والحوار كقيمة حضارية والإنسان كغاية لكل مشروع تنموي وإنساني، مؤكدا أن منتدى الإسكندرية والبحر المتوسط الثقافي يأتي ليُترجم عمليا هذه الرؤية لتعزيز الترابط المتوسطي. وأشاد بمكانة مكتبة الإسكندرية التي تمثل منارة فكرية تجسد كيف يمكن للثقافة أن تكون جسرا للحوار والتلاقي بين الشعوب وتعد رمزا حيا لذاكرة البحر الأبيض المتوسط . وأضاف أن مكتبة الإسكندرية تعد صرحا ثقافيا عالميا وشريكا طبيعيا لكل مشروع يؤمن بالحوار والانفتاح المتوسطي وفضاء يجسد الذاكرة المشتركة للإنسانية وجسر يربط الفكر بالفعل والشرق بالغرب والماضي بالمستقبل. وتابع: "بالنسبة لنا في المنتدى المتوسطي للشباب (FOMEJE) بالمغرب، فإن هذا التعاون مع مكتبة الإسكندرية يشكل استمرارية للفعل الثقافي المشترك الذي يجمعها مع مؤسسة منتدى أصيلة الذي أرساه وزير الخارجية المغربي الأسبق الراحل محمد بن عيسى، مؤسس موسم أصيلة الثقافي الدولي، الذي آمن بدور الثقافة كأداة دبلوماسية لبناء الجسور بين الشعوب". واعتبر تجربة المنتدى المتوسطي للشباب بالمغرب (FOMEJE) نموذجا عمليا لدبلوماسية القيم، حيث يشتغل الشباب عبر برامج التبادل، والورشات، والمشروعات البيئية والثقافية على خلق روابط إنسانية عميقة بين ضفتي المتوسط. ولفت إلى تكريم مكتبة الإسكندرية للراحل محمد بن عيسى خلال سلسلة من المبادرات التي تجسد التواصل الثقافي المتين، بقيادة مدير مكتبة الإسكندرية الدكتور أحمد زايد، الذي يعمل بروح منفتحة ورؤية استراتيجية على تطوير الشراكة والتعاون الثقافي بين المغرب ومصر، قائلا "نطمح اليوم إلى إطلاق برامج ومشروعات مشتركة في مجالات الثقافة والبحث والتكوين الأكاديمي تعزز روح الدبلوماسية الثقافية والتشاركية وتحول مدينتي الإسكندرية وأصيلة إلى منصتين دائمتين للتبادل الأكاديمي والمدني والثقافي بين المغرب ومصر وباقي دول الفضاء المتوسطي". وأكد أن الدبلوماسية الثقافية والتشاركية تعمل كجسر إنساني لبناء السلام وتعزيز الحوار وأن البحر المتوسط يشكل بناء روحيا وثقافيا وإنسانيا يذخر بقيم التعدد والتنوع، في ظل انسجام عبر الحوار الذي يعزز الإبداع المشترك. وأشار إلى الدور الذي تلعبه الدبلوماسية الثقافية من خلال الحوار والمشاركة المجتمعية لتصبح أداة حقيقية لبناء الثقة والسلام بين شعوب المتوسط، موضحا أن الدبلوماسية الثقافية توظف الفن والتراث والتعليم والحوار لتعزيز التفاهم بين الشعوب قوامه أن الإنسان فاعل وشريك في صناعة المصير المشترك. وألمح إلى تلاقي الفنون والعمارة والموسيقى واللغة لتصبح الثقافة لغة مشتركة بين ضفتي المتوسط وهناك نماذج ناجحة مثل موسم أصيلة الثقافي الدولي، والأكاديمية المتوسطية للشباب، وبرامج مكتبة الإسكندرية وبرامج مجلس أوروبا والاتحاد من أجل المتوسط وبرامج مؤسسة أناليند للحوار بين الثقافات كلها مشروعات تبرهن أن الثقافة ليست نشاطا تجميليا، لكنها أداة عملية لبناء الثقة وصناعة السلام. كما أكد أن الشباب والمجتمع المدني هما القلب النابض للدبلوماسية التشاركية وأن النشء قادر على إنتاج حلول مبتكرة لقضايا كبرى مثل: الهجرة، المناخ، التعليم، الاقتصاد الاجتماعي والتحول الرقمي. وتوقع أن السنوات المقبلة ستشهد انتقالا من التبادل الثقافي إلى البناء الثقافي المشترك، مشددا على الحاجة إلى رؤية متجددة تجعل من المتوسط مختبرا للعيش المشترك وحاضنة لطاقات الشباب انطلاقا من ثلاث ركائز الثقافة كقوة ناعمة لتجاوز الانقسامات، وتعزيز المشاركة كمنهج عمل يعيد الثقة بين الشعوب، وأن الإنسان يمثل غاية لكل مشروع تنموي أو دبلوماسي. واختتم حديثه قائلا: "من الإسكندرية إلى أصيلة ومن المتوسط إلى العالم أؤمن أن الثقافة قادرة على أن تكون لغة للسلام وأن المشاركة التزام وأن الدبلوماسية جسر نحو إنسانية مشتركة تجمع الشعوب المتوسطية". وتنعقد فعاليات "منتدى الإسكندرية والمتوسط الثقافي: روابط المتوسط التي تجمعنا"، الذي يقام في إطار الاحتفال باختيار مدينة الإسكندرية أول عاصمة للثقافة والحوار في منطقة البحر المتوسط لعام 2025، من قبل منظمة الاتحاد من أجل المتوسط. وينظم المؤتمر الدولي فعالياته -الذي يستمر ثلاثة أيام - بمركز دراسات الإسكندرية وحضارة البحر المتوسط ومركز الفنون وإدارة المعارض بمكتبة الإسكندرية، بالتعاون مع مؤسسة آنا ليند، والاتحاد من أجل المتوسط، وسفارة إسبانيا بالقاهرة، والمؤسسة اليونانية للكتاب والثقافة بالإسكندرية، والاتحاد الأوروبي للمؤسسات الثقافية في مصر EUNIC، ومعرض الإسكندرية الدولي للأغذية.