أسيوط -هيثم البدرى

وسط أجواء الموالد الشعبية ،وروحانيات موائد المشايخ وأصحاب المقامات ، يبرز اسم "عم نشأت" كأحد النماذج الفريدة للتعايش الإنساني والمحبة الصادقة. هو قبطي الديانة، لكنه اختار منذ أكثر من 15 عامًا أن يكون جزءًا أصيلاً من طقوس ومظاهر الاحتفال بالمناسبات الدينية الإسلامية، حيث يشارك بإخلاص في إعداد الطعام وتوزيعه على المشاركين في الموالد، دون تمييز أو انتظار مقابل. ويشارك أيضا في الموالد القبطية بما اشتهر به كطباخ ماهر وخادم في الموائد.

يحرص عم نشأت على التواجد في كل مولد، حاملاً أدواته ، ليندمج وسط فرق الخدمة، ويطهو كما لو كان بين أهله تمامًا. بمرور السنوات، حتي  أصبح وجهًا مألوفًا بين الخيام، ورمزًا للتسامح الديني والعمل التطوعي. قصته لا تُلخص فقط في أطباق الأرز واللحم التي يُعدّها، بل في رسالة عميقة عنوانها: "المحبة لا تعرف دينًا". نموذج يستحق أن يُروى، وصوت يُعبّر عن مصر الحقيقية بتنوعها وتماسك نسيجها المجتمعي.

وفي أهم ساحة من ساحات مولد الفرغل بمركز أبوتيج بأسيوط يقف عم نشأت بجوار إخوته من المسلمين ليطهو مئات الوجبات التي تقدم يوميا قائلا أنا خادم عباد الله ، ولقمة العيش ولا أشعر بالراحة الا بين إخوتي في الموالد والليالي الختامية مضيفا أنه وهب نفسه للمناسبات الدينية في الموالد الإسلامية ، والقبطية ويشعر بالسعادة الحقيقية في خدمة عباد الله

وفي الليلة الختامية تزايدت  أعداد زوار مقام سلطان الصعيد "الفرغل" ، وانتشر الباعة وأهل الطرق الصوفية والمحبين لصاحب المقام، وبدأت بعض العروض والألعاب في استقبال المترددين

وتجمع عدد كبير من الأطفال والكبار بالشوارع الرئيسية والميادين العامة لشراء الفول والحلوي وزيارة المقام بيننا بدأ عدد كبير من المنشدين في احياء الليلة الختامية

والسلطان الفرغل، هو العارف بالله "محمد بن أحمد"، ولد في أوائل عام 810 هـ الموافق 1406 ميلادى بقرية بني سميع التابعة لمركز أبوتيج بمحافظة أسيوط، ويرجع نسبه من ناحية الأب إلى الأمام الحسن ومن الأم إلى الأمام الحسين أبناء على بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين.

رحل أبوه من أسيوط في زيارة والده و أقاربه بناحية قرية زرنيخ التابعة لمحافظة قنا، حتى وصل ثم مرض هناك وتوفي و دفن بالقرية؛ درس الشيخ الفرغل علوم الفقه والحديث والتفسير وصار مقصدا للناس ينهلون من علمه المتدفق، وقطبا كبيرا في الصعيد ومن أقطاب التصوف الكبار، وعمل السلطان الفرغل في صدر حياته برعى الغنم ثم عمل بالحراسة فكان حارسا أمينا وعمل أيضا بالزراعة خلفا لوالده، والمسجد بني على أنقاض مسجد قديم يرجع للعصر المملوكى ثم أعيد بناؤه في العصر العثماني في القرن 12 هـ  18 م على يد الأمير على كاشف جمال الدين ، تم هدم المسجد وأعيد بناؤه عام 1412هـ / 1989م وله مئذنتان و قبة الضريح الخاصة بالسلطان الفرغل