اكتشف الأب أن ابنه الوحيد الصغير (عمر) ليس من صلبه بعد أجرائه تحاليل ضرورية لإنقاذه من مرض خطير، ولم يطل شك الأب فى الأم التى أثبتت التحاليل أيضا أنه ليس ابنها، ليتحول الموقف من شك إلى جريمة حقيقية ارتكبت فى حق الأسرة، وليس لها معنى إلا أنه جرى تبديل الابن ساعة ولادته فى حضانة المستشفى، وهكذا تبدأ رحلة الأب مروان (آسر ياسين) والأم (عائشة بن أحمد) للبحث عن وقائع حدثت منذ سبع سنوات (2016) بين أوراق، وملفات، وأسماء لممرضات، وصولا إلى ملفات وزارة الصحة بعد اكتشاف غياب معلومات هامة جدا بدونها ينتهى الأمل فى الوصول للحقيقة، وهو ما أخذنا إليه مسلسل بدون سابق إنذار للمخرج هانى خليفة عن قصة ومعالجة للكاتبة لمى كفارنة، وكتابة سمر طاهر وعمار صبرى وكريم الدليل، ومع فريق عمل رائع فى التصوير (محمد أبو دومة) والمونتاج (محمد عيد) والموسيقى (خالد الكمار) وكل التخصصات الأخرى، وفى الحلقات نوع من التراكم الدرامى لقضايا أسرية مختلفة، أولها قضية عدم التفاهم بين الزوجين لأسباب متعددة أهمها شكوك الزوجة أن الزوج يطالبها بكل التضحيات الممكنة، وغير الممكنة مثل ترك عملها لتستمر الحياة، وهو ما تراه غير ممكن خاصة مع تقدمها فى العمل وترقيها، وهنا نجد أنفسنا كمشاهدين بين شقى رحى، أن نقبل بالمساواة والقيم التى ننادى بها خاصة مع وجود قضايا آخرى مثل علاقة حسن شقيق مروان (أحمد خالد صالح) بزوجته نهى (جهاد حسام الدين)، ودخول صراعات المال فيها لتصل الأمور إلى الانفصال، لكن السيناريو يمضى بنا غالبا بالطبع إلى القضية الأهم وهى أين ذهب الابن الحقيقى الذى تبدل؟ وما هو مصير عمر مع والديه الذين لا يعرف غيرهما؟. البحث عن الحقيقة فى رحلته للبحث عن ملف يوم ولادة عمر، ومعرفة أسماء مواليد نفس اليوم، وأهاليهم، ومحاولة الوصول اليهم، نكتشف نحن كمشاهدين أيضا أى قضايا ممكن أن تواجهنا لمجرد البحث فى أوراق رسمية مضى عليها سنوات قليلة، ونعيش مع بطلنا رحلة البحث الصعبة التى شاركه فيها كثيرا ابن عمه المحامى (إسلام حافظ ) فمن موظف لآخر، ومن ملف لملف ثان، واكتشاف ورقة ضائعة تتضمن اسماء مواليد نفس اليوم من ملفات المستشفى، ومن ملفات الصحة، وحتى البشر أنفسهم رحل منهم من رحل كهذا الأب الذى ولد ابنه فى نفس الساعة مع عمر وقالت زوجته أن الأبن توفى، اما شهادات الممرضات، شهود الواقعة، فقد كلفت مروان الكثير من الجهد وعرضته لاعتداء عليه بسبب سوء الظن، حتى توصل أخيرا إلى الهدف، رئيسة الممرضات الغامضة والهاربة والمسؤولة وقتها (حنان يوسف) والتى رفضت التعامل معه وهددته، غير أنه لمح اهتمام زوجة ابنها (مريم الخشت فى دور مها) المقيمة معها فقرر العودة إليها. أن تكتشف مشاعرك فى لحظات كثيرة، تختلط القضايا داخل العمل، بين خلاف الزوجين والذى يصل أحيانا إلى ما قبل الفراق (حين تصمم ليلى على الطلاق، وحين تضغط مشاكل العمل على مروان)، ويتوقف الخلاف لأجل عمر الصغير، وطلباته فى البيت، أو المستشفى التى أصبحت مقره الأول مع لوكيميا الدم اللعينة، إلى أن يسمع الطفل أبويه ذات ليلة وهما يتحدثان فى غرفته بالمستشفى معتقدان أنه نائم، ويعرف عمر أنه ليس ابنهما (قام بالدور الطفل الموهوب سليم يوسف) وتأخذه مشاعر لا يدركها إلى الهرب (ربما لأنه كان يراهما دائما فى حالة نقاش وغضب لا يعرف سببه)، يهرب إلى خارج المستشفى الكبير لميدان وشوارع أكبر (استطاع مدير التصوير عمر أبو دومة هنا أن يكون حاضرا بقوة وفى المشاهد الأخرى الشديدة الاختلاف ) وبجنون يخرج الأبوان وراء عمر للبحث عنه ليجدها، ويعودا به للمستشفى، والغرفة، وهو يرفض وجودهما معه، ويشعران بالذنب الشديد وهو يخبرهما أنه سمعهما وعرف كل شئ، وتتسارع الأحداث حين تأتى مها (زوجة ابن الممرضة الكبيرة) فى المستشفى لتسأل عن عمر لأنها أم لطفل فى سنه، وتوافق على التبرع له لإجراء عملية خلايا جزعية، ونعرف بعدها أن الحماة هى من أبدلته لموت ثلاثة أطفال لها، وأن عمر ابنها وليس (على) الذى يعيش معها، ويدرك الطرفان الورطة، ويسعى مروان إلى مزيد من الصداقة مع عمر، وعلى، ليصبحا صديقين، وهو ما نراه فى المشهد الأخير، البديع، لهما وهو يفاجئهما أثناء اللعب. وليضعنا الموقف فى حالة من التفكير والتأمل حول حقوق الأسرة والطفل، وكيف تؤخذ وتحقق الأمان لهما معا. وأى أسلوب تسلكه الدراما لتقديم القضية، وهل يصلح اللجوء إلى العنف (كما رأينا فى أعمال مختلفة) للتعامل مع قضايا مجتمعية صعبة وشديدة الحساسية؟ أم أن لدينا أفكار أخرى أكثر عقلانية وذكاء. أسئلة مشروعة طرحها هذا المسلسل المهم.