لا شك أن أفضل لحظة لكل من غرز نبتة هو موسم حصادها، حين يرى ثمره قد أينع وحان أن يتذوق حلاوة ما غرست يداه، ها رمضان قد جمع أيامه الكريمة وأعلن عن الرحيل، وها هو حصادنا الدرامى المميز الذى قدمته الشركة المتحدة لموسم رمضان 2024 تزدهر أوراقه وزهوره التى تفتحت على مدار شهر كامل لتنير لنا الطريق، كما حصل فى أعمال تنويرية أو ترسم البسمة على شفاه ظمأى للفرحة، أو تُسقط العبرات من عيون رقت لحال شخصية من الشخصيات الدرامية التى أسرت القلوب. يمتاز الموسم الدرامى الرمضانى هذا العام بصنوف من الدراما التاريخية والاجتماعية والكوميديا والإثارة والتشويق يفوق الأعوام السابقة، حتى وإن كان لا يفوقها عددا، فهو يسبقها فى القيمة الفنية والتنوع اللافت، لهذا أقدم التحية للكاتبة الكبيرة علا الشافعى المسؤولة عن المحتوى الدرامى بالشركة المتحدة، أنتجت الشركة المتحدة هذا الموسم ثمانية عشر مسلسلا للكبار والصغار، و4 مسلسلات كرتون للأطفال، كما أنتجت اثنى عشر برنامجا رمضانيا. لم تكن المتحدة بعيدة عن نبض الشارع المصرى والشارع العربى فقدمت فى جرأة تحسب لها مسلسل مليحة الذى يحكى قصة أصحاب الأرض عن فلسطين وصراعها مع الكيان الغاصب للأرض المحتلة، عمل يقول إن قوة مصر الناعمة «الفن» تسير جنبا إلى جنب مع قوة مصر الصلبة «القوات المسلحة» فى دعم القضية الفلسطينية، ولم يتأخر المبدعون المصريون عن النصرة لفلسطين بدليل أن هذا المسلسل شهد عودة النجمة ميرفت أمين للشاشة، وأظن أن السبب الأول وكلمة السر فى الموافقة لها كان أن المسلسل عن فلسطين. أما مسلسل جودر فكان فى رأيى هو مسلسل المفاجآت فقد أعاد للدراما المصرية البهاء فى تلك الأعمال التى احتكرتها الدراما المصرية لسنوات بعيدة خلت، لكن المدهش هو المستوى الفنى والتقنى الذى تم تقديم حكايات ألف ليلة وليلة به على يد المخرج إسلام خيرى الذى أعده أفضل مخرجى دراما رمضان لهذا العام، ميزة جودر إنه لم يقدم قصص ألف ليلة وليلة لمجرد المتعة والتسلية بقدر ما حمل المسلسل من معانى وترميز نجح فى خلقها المؤلف أنور عبدالمغيث، والمستوى الرائع للجرافيك الذى قدمته شركة اروما فى هذا المسلسل لافت، كما لم تبخل شركة ميديا هب على الإنتاج السخى ليظهر هذا العمل العظيم بالشكل اللائق. وكما عودتنا دائما الأعمال الأصلية الصادرة عن منصة WATCH IT بالجودة القائمة على اختيار الموضوع الجاذب الذى تقدمة بفريق عمل كله من الشباب بدءا من الكتابة مرورا بالتمثيل وحتى الإخراج، قدمت لنا مسلسل لحظة غضب الذى كان مشحونا بالإثارة والتوتر، فتحية للقائمين على المنصة بقيادة نشوى جاد. أما عن مسلسل الحشاشين فحدث ولا حرج عن إنتاج ضخم يليق باسم ومكانة مصر فى الفن السابع والفن الدرامى، عمل لا يقل جودة عن الأعمال العالمية من حيث جودة الصورة والمعارك والأماكن المميزة للتصوير بالإضافة لبراعة التمثيل، والموسيقى التصويرية المميزة لشادى مؤنس فى هذا المسلسل ومسلسل صيد العقارب. الكوميديا فاكهة موسم رمضان المفضلة تمثلت فى أكثر من عمل لعل أميزهم مسلسل بابا جه الذى برع مؤلفاه محمد إسماعيل أمين ووائل حمدى فى تقديم كوميديا هادفة، لا تستهدف الضحك فقط، لكن الضحك يجاور رسالة وقيمة عائلية وهى أهمية دور الأب الذى ربما تغافل عنه البعض وربما تغافل عنه الأب، وفى رأيى هذه أفضل كوميديا قدمها أكرم حسنى منذ أول ظهور له حتى الآن، كما لا يمكن أن ننسى مسلسل الكبير أوى الذى أصبح علامة من علامات رمضان لا نعرف كيف سيأتى رمضان قادم بغيرها. بدون سابق إنذار مسلسل لا يكف عن إثارة مشاعر انسانية نبيلة ومن صدقة الفنى لا تملك حيال مشاهدته أن تمنع الدموع تفر من عينيك، فتحية لكل صناعه الذين لم يفوتهم التنويه لأسر كثيرة تمر بنفس الظرف الذى يمر به بطل المسلسل آسر يس. لم ينس زارعو الدراما أن ينثروا بذور دراما موجهة للطفل تتحدث عن أحلامه ومستقبله، وعلاقته بالأرض والبيئة التى يعيش عليها، وعدم تمييز الولد عن البنت وقدموا ذلك فى مسلسلات: نورة ويحيى وكنوز وسر المسجد ونور والكوكب السعيد، وساهمت بجزء كبير من هذه المسلسلات شركة هاشتاج بقيادة عصام السقان فشكرا لمن لم يغفل عن نبتاتنا الصغيرة وتعهدها بالرعاية الدرامية. لم يكن التنوير أحد أهداف دراما رمضان فقط بل ساهمت بعض البرامج التى أنتجتها المتحدة فى ذلك، فبجانب مسلسلات تنويرية مثل؛ الحشاشين وجودر ومليحة وعتبات البهجة، كانت هناك برامج مثل؛ نور الدين وبرنامج الإمام الطيب وبرنامج بصير وبرنامج مملكة الدراويش، برامج كانت بمثابة طاقة نور لصحيح الدين والحياة. فى هذه اللحظة من حقنا أن نفرح بحصادنا الدرامى لهذا الموسم، وأن نفخر بما تجنيه أيدينا من ثمار متباينة الألوان والمذاقات التى تناسب الجميع وتسعد الجميع.. فشكرا من القلب لمن تعمد أن يبهجنا ويفرحنا وينورنا.. وأقول لهم: نورتونا وشرفتونا فى رمضان. علا رضوان بدون-سابق-انذار