في السابع عشر من شهر مايو كل عام، يحتفل الملايين في الوطن العربي، بميلاد عادل إمام أحد نجوم الكوميديا في العالم الذي ظل يرسم البسمة علي شفاه الملايين فترة طويلة، بقي خلالها مسيطرا ومتحكما علي عرش الكوميديا، يصول ويجول، لا أحد قادر علي أزاحته حتي أطلقت عليه الجماهير لقب الزعيم بلا منازع.
في هذا العام قررت المنتجة والفنانة إسعاد يونس، رئيس مجلس إدارة الشركة العربية للإنتاج والتوزيع السينمائي، أن يكون عيد ميلاد الزعيم مختلف بعد مرور 84 عاما من خلال إعادة عرض آخر أفلامه "زهايمر" في دور العرض السينمائية بمصر والدول العربية.
ومن المقرر تنظيم احتفالية كبيرة، يوم 17 مايو، بحضور أبطال الفيلم، إضافة إلى عدد من نجوم الجيل الحالي.
الفيلم بطولة عادل إمام، ونيللي كريم، رانيا يوسف، فتحي عبد الوهاب أحمد رزق، بجانب ضيف الشرف سعيد صالح، وإسعاد يونس، تأليف نادر صلاح الدين، إخراج عمرو عرفة.
زهايمر عرض في السينما عام 2010، وهو أخر أفلام عادل إمام، وساعتها حقق الفيلم 14 مليون جنيه، قبل أن يقرر الزعيم التوجه إلي الدراما التليفزيونية، ويطل علينا بمجموعة من المسلسلات وهي "فرقة ناجي عطالله" عام 2012، بعدها "العراف"، و"صاحب السعادة"، و"أستاذ ورئيس قسم"، و"مأمون وشركاه"، و"عفاريت عدلي علام"، و"عوالم خفية" و"فلانتينو".
بالعودة إلي تاريخ عادل إمام سوف تعرف جيداً أن هذا الرجل لم يبني عالمه السينمائي من فراغ، بل كان لديه رؤية جعلته يقف وحيداً علي عرش السينما، طالب الزراعة الذي بهرته القاهرة، بكل ما فيها، ظهر الشاب الصغير في مشهد مسرحي صنع له خصيصا بعد أن أمن به فؤاد المهندس، وأسند له دور دسوقي أفندي في مسرحية "أنا وهو وهي"، من هنا كانت البداية، التي جعلت كاتب بقيمة وحجم الساخر الكبير محمود السعدني في كتابه "علي باب الله"، يقول: "عادل إمام موجود بقوة لأن وجوده ضروري، وفي الفن الخبرة لها دور، وعادل إمام خبرته بلا حدود، ورؤيته السياسية مطلوبة خصوصا في عالمنا الجديد، وأنت لا تستطيع أن تضحك الناس عدة سنين طويلة بهز الكرش أو تلعيب الحواجب، ولكن أضمن لك أن تظل مضحكا علي طول الخط إذا تصديت بالكوميديا لكل متاعب الناس وسلطت الأضواء علي كل الأسباب التي تكون حياتهم بالسواد، لأن الكوميديا الحقيقة تنبع من مأساة حقيقة، وهذا الشرط ينبطق علي مسرحية عادل إمام "بودي جارد"، عبارات محمود السعدني انتهت لكن بقيت أعماله الراسخة في ذاكرة الملايين، منها فيلم "رمضان فوق البركان"، و"رجب فوق صفيح ساخن"، "شعبان تحت الصفر"، ومن بعدها جاءت الأفلام واحدة وراء الأخري.
أعمال عادل إمام تخطت الـ 169 عمل فني، وخلال فترة السعينيات كان متوجدا بكثرة علي خشبة المسرح والسينما، صعد نجمه وتألق بعد دوره المثير للجدل في مسرحية "مدرسة المشاغبين"، عام 1972، دائما ما يدون أمامه عدد الذي ذهبوا لمشاهدة أفلامه، حتي أنه قال في إحدي المرات، "منذ اللحظة التي صرت فيها سيد أعمالي صار أول ما يهمني هو إيراد شباك التذاكر، أكتب في كل مرة علي المرآة عدد من حضروا فيلمي، ولم أعلق علي أراء النقاد ليس لأنني لا أحترم تلك الأراء، فأنا أحترمها مهما كان توجهها، بل لأن أول شيء أحب أن أطمئن إليه هو أقبال الجماهير، وظل يسأل عادل إمام نفسه بصوت عالي، هل لا يزال الجمهور واثقا بي أم لا؟ هل سيواصل إنفاقه علي أم لا؟ هناك نقاد كثيرون هاجموا أفلامي، ولكن الجمهور كان غالبا ما يخيب آمالهم ويقبل علي تلك الأفلام.
مشروع عادل إمام الفني مليء بالتوعية والتسلية، ولا يمكن أن ننسي التعاون المثمر بينه وبين وحيد حامد، عادل إمام لم يحصل علي أدواره بالكوسة، هو نفسه يعترف في إحدي لقاءاته، أنا من الذي حفوا وتعروا وداسوا علي الشوك وتمرغوا في أقصر الأدوار وعاشوا علي فتات الجنيهات حتي وجدت طريقي وظهرت، هذا الرجل لم يبني نجوميته بلا هدف، في كل مرة تقع عيونك علي تصريحات له تؤمن أنه يحمل داخله كائن مثقف، في إحدي المرات قال: عندما كنت أذهب لشراء الجبنة من عند عم جودة البقال في الحلمية، كان الرجل يلف الجبنة في ورق مجلات وكنت أقوم بقراءة المكتوب علي هذا الورق، المهم ليس القراءة لكن الأهم هو الاستيعاب، فالمثقف لابد أن يصل للناس وأن يستغل ثقافته في التأثير علي الناس، هذا هو عادل إمام.
بدأت نجومية عادل إمام تبان في بداية السبعينيات بعد عدة أدوار ثانوية وفي ذلك الوقت ظهر نجوم شباب يتحسسون طريقهم نحو القمة، من بينهم عزت العلايلي، نور الشريف، حسين فهمي، محمود يس، وتراجع جيل أخر هو رشدي أباظة، أحمد رمزي، صلاح ذو الفقار، أحمد مظهر، كمال الشناوي، بينما أخرين يجدون فرصتهم في النجومية محمود عبد العزيز، يحيي الفخراني، محمد صبحي، فاروق الفيشاوي، أحمد زكي، الجميع كان ينحت في الصخر، رحلة صعود عادل إمام كانت بعيدة عن هؤلاء لأنه ينافس نفسه في الكوميديا، بعد انحسار فؤاد المهندس وعبد المنعم مدبولي ومحمد عوض، بسبب السن، كان الزمن يمهد له التواجد والاستمرار.
عادل إمام كان دائما ما يتسأل: "أنا عايز أعرف هو ليه كل ما يطلع شاب جديد موهوب يقولوا هو ده اللي هيخلص علي عادل إمام، المسألة دي بتحصل من أيام محمد صبحي في البداية كنت أتضايق جدا، أما الأن فأكون في منتهي السعادة لأن عادل إمام أصبح هو الثابت الذي يقيمون علي أساسه.
الاسم الموجود في شهادة الميلاد هو عادل محمد إمام محمد بخاريني، 17 مايو 1940، مولود في حي السيدة عائشة، ومن بعدها انتقل إلي حي الحلمية، ثم العمرانية، والمهندسين وأخيرا المنصورية، تخرج من المدرسة الحلمية الابتدائية، ومدرسة بنباقادن الثانوية، والمدرسة الثانوية المرقصية بالإسكندرية، وحصل علي بكالوريس زراعة، ولكن تبقي الوظيفة التي يسعد بها دائما أشهر فنان كوميدي في أواخر القرن العشرين وأوائل القرن العشرين.