أحمد إبراهيم الشريف
السبت، 17 مايو 2025 01:00 صلم يكن عادل إمام ابنًا للصدفة أبدًا، بل كان نموذجًا للعمل والكدّ والسعي وراء الأهداف، وتجسيدًا لفكرة أن الناس يرونك كما ترى نفسك.
تجربة الفنان عادل إمام تجربة فريدة لا يمكن تكرارها كما هي، وعلى من يطمحون إلى النجاح أن يبحثوا عن قصص تخصهم، وأفكار تنبع من قلوبهم لتصل إلى قلوب الناس، وعلى مدى سنوات طويلة، استطاع الفنان الكبير أن يصنع صورته ويقدّم سيرته الفنية بطريقة تخصه وحده، لكن هناك نقطة فاصلة – من وجهة نظري – في هذه المسألة، ففي أغسطس من عام 1981، كان محبو السينما المصرية وعشّاق عادل إمام على موعد مع تحفة سينمائية مختلفة عمّا اعتادوه من نجمهم المحبوب، وهو فيلم "الإنسان يعيش مرة واحدة" الذي كتبه المبدع الكبير وحيد حامد. ومن رأيي أن عنوان هذا الفيلم يصلح مدخلاً مهمًا لقراءة جانب من حياة عادل إمام نفسه.
وبمناسبة احتفالنا اليوم بعيد ميلاد الفنان الكبير، يمكن القول إن عادل إمام الذي بدأ رحلته الفنية، لم يكن هو نفسه عادل إمام الذي اختار أن ينهي هذه الرحلة بكامل إرادته. لقد كانت مسيرته في السينما والدراما رحلة إنسان ناجح، لا ينظر تحت قدميه، بل يمدّ بصره إلى أقصى الطريق، فيرى مستقبله ماثلًا أمام عينيه.
ولو أردنا أن نتأمل مميزات عادل إمام، فستأتي في مقدمتها "إيمانه بذاته"، وأظنه قال لنفسه "لو لم أصدّق نفسي، فمن ذا يصدقني؟"لذلك لم أسمعه يومًا يقلل من موهبته، يفعل ذلك وهو في الوقت نفسه يُجلّ مواهب الأساتذة الكبار الذين سبقوه أو جايلوه أو أتوا من بعده، لكنه لا ينتقص من نفسه أبدًا، وهو أمر بالغ الأهمية في بناء الشخصية.
ميزة أخرى أحبها في شخصية عادل إمام، تتعلق بحرصه على الحفاظ على صورته، فمن خلال تصريحاته، يتضح أنه لا يحب برامج المقالب، ويرى أنها تُسيء لصورة الإنسان، لذا – حسب علمي – لم يظهر أبدًا في أيٍّ من هذه البرامج، وما يؤكد ذلك ندمه على مشاركته في فيلم "سيد درويش"، مع أنه كان يؤدي دورًا تمثيليًا، لكنني أتفهّم وجهة نظره في هذا الشأن، فرغبة الإنسان في الحفاظ على صورته تنبع من داخله، وتصاحبه في كل تفاصيل حياته، سواء رآها الناس أم لم يروها.
وثالث ما يلفت الانتباه في تجربة عادل إمام هو "التنوّع الكبير" في أدواره. لم يستسلم لنمط بعينه، بالتأكيد، كان المنتجون وصنّاع السينما يرونه في صورة المضحك خفيف الظل، كثير الحركات، كثير الالتفات، لكنه تمرّد على هذه الصورة. فقدم أعمالًا تتسم بالجدية والتأثير الاجتماعي، مثل الغول والإرهابي وزهايمر، وغيرها، مما يعكس وعيًا فنيًا وثقافيًا لا يُستهان به.
أما رابع الملامح، فتتمثل في استثماره للنجاح، فلم يكتفِ بما حققه، بل ظل يضيف الجديد إلى سجل إبداعه، فنوع في الشخصيات وفي القضايا التي تناولها وقدم صورة حية للطبقة المتوسطة في القاهرة، ومن خلال أفلامه أرّخ لفترة مهمة من حياة المصريين، وكشف عن كثير من المخاطر التي تهدد العلاقات الاجتماعية والأمن النفسي للإنسان المصري.
أما خامس ما أود الإشارة إليه، فهو أن عادل إمام كان مؤمنًا دومًا بأن الإنسان يعيش مرة واحدة، ولهذا حرص على أن تكون هذه الحياة مليئة بالعمل، وكان يدرك تمامًا متى يقول "نعم" ومتى يقول "لا"، أي متى يبدأ ومتى يتوقف.
ويبقى عادل إمام رحلة فنية مكتملة، استطاع على مدى عقود أن يترك بصمة واضحة، تؤكد لنا أن الإنسان – إذا أحسن ما يفعل – يعيش حياة واحدة "ممتدة" إلى الأبد بما قدّمه وأنتجه.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.