الارشيف / اقتصاد / صحيفة الخليج

يلين وقدرة الفائضة

إدوارد ليمان *

مثلت الزيارة الثانية التي أجرتها وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين للصين خلال تسعة أشهر علامة فارقة في الجهود المبذولة لتعزيز الحوار البنّاء والتعاون بين أكبر اقتصادين في العالم. وعلى خلفية الوضع الدولي سريع التغير والتقلبات في العلاقات الثنائية، أعطت يلين الأولوية لمعالجة القضايا التجارية الرئيسية التي تؤثر في مصالح كل من الولايات المتحدة والصين.

وزارت يلين بكين آخر مرة في يوليو/ تموز لمحاولة تطبيع العلاقات الاقتصادية الثنائية بعد فترة من التوتر المتزايد الناجم عن الخلافات حول قضايا تتراوح من تايوان إلى أصل «كوفيد-19» والنزاعات التجارية.

في الأثناء، تنامت مخاوف الولايات المتحدة بشأن زيادة المعروض من منتجات النظيفة الصينية المدعومة، مثل الطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية وبطاريات الليثيوم أيون، والتي يمكن تصديرها إلى الأسواق الدولية بأسعار مخفضة.

وتعتبر هذه النقطة، التي لها آثار كبيرة في ديناميكيات التجارة العالمية، من القضايا الرئيسية التي سلطت عليها وزيرة الخزانة الضوء خلال الزيارة، مع سعيها لإقناع المسؤولين الصينيين بكبح هذه الطاقة الإنتاجية الزائدة بوصفها تضر بالقدرة التنافسية للشركات المحلية في الولايات المتحدة ودول أخرى. في وقت يشارك فيه حلفاء الولايات المتحدة، بما في ذلك وأوروبا، قلق واشنطن، حيث أغرقت وفرة المنتجات الصينية الرخيصة، مثل الألواح الشمسية، أسواقهم.

وقالت يلين: «إن القدرة الفائضة لدى يمكن أن تؤدي إلى تداعيات غير مباشرة من شأنها أن تؤثر في الاقتصادات في جميع أنحاء العالم. وتتطلب إدارة هذه القدرة بذل جهود متضافرة وإصلاحات قائمة على السوق، وضمان المنافسة العادلة والنمو الاقتصادي المستدام لكل من الصناعات الأمريكية والصينية.

وخلال اجتماعاتها مع كبار المسؤولين الصينيين، أكدت الوزيرة الأمريكية أهمية التعاون المتبادل، وأقرت في الوقت ذاته بالخلافات الكبيرة الموجودة بين البلدين. حيث كانت قضية الممارسات التجارية الصينية في قلب جدول أعمالها، والتي شكلت مصدر قلق للشركات والعمال الأمريكيين. وتركيزها على معالجة هذه الفوارق يسلط الضوء على أهمية خلق فرص متكافئة لجميع أصحاب المصلحة المعنيين.

وفي مستهل لقائها مع رئيس الوزراء الصيني أشارت يلين إلى أن قدرة البلدين على الانخراط في محادثات، ولو صعبة، وضعت القوتين الاقتصاديتين العظميين على أساس أكثر استقراراً العام الماضي، مؤكدة أن واشنطن وبكين تقع عليهما مسؤولية إدارة «العلاقة المعقدة».

وأضافت: «بينما يتعين علينا بذل المزيد من الجهد، أعتقد أننا مهدنا علاقتنا الثنائية على أساس أكثر استقراراً العام الماضي. هذا لا يعني تجاهل خلافاتنا أو تجنب المحادثات الصعبة، بل إدراكنا أن إحراز التقدم منوط بتواصلنا المباشر والمنفتح مع بعضنا بعضاً».

علاوة على ذلك، فإن زيارة يلين إلى قوانغتشو للقاء قادة الأعمال الصينيين والأمريكيين من غرفة التجارة الأمريكية في الصين حملت في طياتها أهمية استراتيجية وبُعداً آخر، وذلك نظراً لمكانة المدينة بوصفها مركزاً للتصنيع وموطناً لشركات صينية بارزة.

وتؤكد الزيارة أيضاً أهمية التعامل مع أصحاب المصلحة الرئيسيين في المناطق التي تقود الابتكار والتقدم التكنولوجي، ومعالجة المخاوف بشأن القيود التجارية، وأهمية التعاون في القضايا العالمية المُلحة مثل تغير المناخ.

وعلى الرغم من الخلافات حول بعض القضايا، تدل زيارة يلين عموماً على الالتزام القوي بالتواصل المفتوح والمباشر بين واشنطن وبكين. إذ يدرك كلا البلدين أهمية الحفاظ على الحوار لمعالجة نقاط الخلاف وتعزيز المزيد من التفاهم. وقد سلطت تصريحاتها الإيجابية بشأن المطبخ الصيني الضوء على أهمية التبادلات الثقافية في المساهمة في تعزيز العلاقات الثنائية.

إن رسالة وزيرة الخزانة إلى بكين بشأن تأثير الصادرات المدعومة في الوظائف الأمريكية تؤكد الحاجة إلى حلول تعاونية للتحديات المشتركة. وينبغي أن تكون الزيار بمثابة خطوة إيجابية إلى الأمام في بناء حقبة جديدة من العلاقات الأمريكية الصينية تتسم بالاحترام المتبادل والتعاون والتواصل الصادق. وتمثل كذلك فرصة مهمة لمعالجة القضايا العالقة منذ فترة طويلة في العلاقات الثنائية.

فمن خلال تعزيز الحوار المفتوح والبحث عن أرضية مشتركة، يستطيع الجانبان العمل نحو مستقبل من الرخاء والاستقرار المشترك. وبينما نتعامل مع تعقيدات الاقتصاد العالمي، تظل المشاركة البناءة بين الولايات المتحدة والصين ضرورية لمعالجة التحديات المشتركة وبناء مستقبل أكثر إشراقاً للجميع.

*رئيس مجلس إدارة «ليمان بوش» الأمريكية للخدمات المالية ومقرها الصين. (تشاينا ديلي)

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا