قاد "وارن بافت" مجموعته الاستثمارية "بيركشاير هاثاواي" منذ عام 1965 عندما كانت شركة لتصنيع المنسوجات، وسعى خلال تلك الفترة لتطويرها حتى أصبحت واحدة من أكبر الشركات قيمة في العالم من خلال البحث عن شراء شركات أو أسهم أخرى لشرائها عندما كانت تُباع بأقل من قيمتها الحقيقية. وهذا ما جعله رمزًا من رموز وول ستريت، لأنه أظهر قدرته على قراءة السوق كما لو كان كتابًا مفتوحًا -رغم بعض الإخفاقات-، حتى وصل عائد سهم "بيركشاير" منذ عام 1964 وحتى 2024 إلى 5,502,284%، متفوقًا على أداء السوق الأمريكية بشكل عام في نفس الفترة. ويتبع "بافت" -أحد أغنى مليارديرات العالم- تلك الطريقة المعروفة باسم استثمار القيمة الموجودة منذ زمن طويل حتى قبل أن يبدأ "بافت" مسيرته المهنية، لكن لم يطبقها أحد على مدى فترة زمنية طويلة كما فعل هو. للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام ومن عوامل نجاحه الأخرى احتفاظه بالاستثمارات لسنوات طويلة، وهو ما أوضحه من قبل قائلا: فترة الاحتفاظ المفضلة لدينا هي للأبد، ما يسمح للعوائد بالتراكم مرارًا وتكرارًا. والآن، ومع استعداد "بيركشاير" لرحيل "بافت" عن منصب المدير التنفيذي -رغم أنه سيظل رئيسًا لمجلس إدارتها- تجدر النظرة على تاريخ قيادته للشركة حتى تتضح بعض الدروس المفيدة للمستثمرين. بعض أفضل استثمارات "بافت" خلال 60 عامًا القرار التوضيح كوكاكولا نجح "بافت" في شراء كميات كبيرة من أسهم "أمريكان إكسبريس" و"كوكاكولا" و"بنك أوف أمريكا" في أوقات كانت فيها تلك الأسهم خارج دائرة اهتمام السوق. بدأ الملياردير المعروف بحكمته الاستثمار في شركة المشروبات الغازية عام 1988، بهدف الاحتفاظ بسهمها طويلاً. بالفعل حقق هدفه، وظلت "كوكاكولا" ضمن محفظة "بيركشاير" لحوالي 40 عامًا، ووصلت قيمتها بنهاية 2024 إلى 25 مليار دولار تقريبًا. حتى إن توزيعاتها النقدية التي قدمت لـ "بيركشاير" بلغت 770 مليون دولار في العام الماضي فقط. وبالنسبة لـ "بافت" لم تعد "كوكاكولا" مجرد مصدر للدخل، بل أصبح أكبر مساهميها، إلى جانب أنها تقدم مشروبه الغازي المفضل له. بي واي دي بناءً على نصيحة من ذراعه اليمنى الراحل "تشاري مونجر"، استثمر "بافت" 232 مليون دولار في الصينية "بي واي دي" عام 2008. وخلال عامين، قدرت قيمة الاستثمار بما يقارب ملياري دولار، واستمر سهم "بي واي دي" -التي أصبحت منافسة لـ "تسلا"- في الارتفاع بدعم من الطلب على السيارات الكهربائية حتى وصلت قيمة تلك الحصة لأكثر من 9 مليارات دولار، قبل أن تبدأ "بيركشاير" بتقليص حصتها. ميد أمريكان إنرجي في عام 1999، اشترى المستثمر الناجح حصة بنسبة 75% في الشركة الأمريكية بناءً على طلب "والتر سكوت" صديقه الذي انضم لمجلس إدارة "بيركشاير" في أواخر الثمانينيات. وازدهرت الشركة -التي سميت لاحقًا "بيركشاير هاثاواي إنرجي"- تحت إدارة "بافت" من خلال توزيع الأرباح وإعادة استثمار أرباحها من خلال عمليات الاستحواذ والاستثمارات الرأسمالية. حتى أصبحت أحد الأعمال الرئيسية لـ "بيركشاير"، وأضافت أكثر من 3.7 مليار دولار إلى أرباح المجموعة عام 2024. لا يمنع ذلك تعثر خطاه في بعض الأحيان، وارتكابه أخطاء على مر السنين رغم براعته الاستثمارية، لكنه على عكس بعض المسؤولين الذين يحاولون إلقاء اللوم على مرؤوسيهم يتحمل "بافت" أخطاءه والمسؤولية الكاملة عندما يخفق في تحقيق أهدافه للمساهمين. وأقر "بافت" -البالغ من العمر 94 عامًا- بارتكابه العديد من الأخطاء على مر السنين، منها تفويت فرص الاستثمار المبكر في شركات تكنولوجية كبرى مثل "أمازون" و"مايكروسوفت". بعض أسوأ قرارات "بافت" خلال 60 عامًا القرار التوضيح بيركشاير هاثاواي استثمر "بافت" لأول مرة في "بيركشاير" عام 1962 عندما كانت شركة نسيج متعثرة، وظن حينها أنه سيحقق ربحًا فاستثمر في السهم بكثافة. استمرت "بيركشاير" في التراجع مع بقية شركات صناعة النسيج في نيو إنجلاند، حيث أغلقت مصانعها وتكبدت خسائر، لكن "بافت" تجاهل التوقعات القاتمة وواصل شراء المزيد من أسهمها. وبحلول مايو 1965، استحوذ على "بيركشاير" تمامًا، وحاول إبقاء أعمال النسيج قائمة لعشرين عامًا أخرى، وقدر أن هذه الخطوة الانتقامية كلفته 200 مليار دولار. لذلك ينصح دائمًا بعدم السماح للمشاعر بالتأثير على القرارات المالية. يو إس إيروايز في عام 1989، دفع "بافت" 358 مليون دولار في شراء أسهم مفضلة بشركة الطيران الأمريكية، وبحلول منتصف التسعينيات، خفض قيمة استثماره بنسبة 75% وأصدر بيانًا وأقر بالخطأ. سالومون براذرز عام 1987، اشترت "بيركشاير" أسهمًا تفضيلية في "سالمون براذرز" الذي كان أحد أكبر بنوك وول ستريت حينها، لكن عام 1991 تضرر البنك باتهام متداوليه بالتلاعب في مزاد لسندات الخزانة، وانتهت تلك الفوضى بتسوية سلسلة من التحقيقات الحكومية. لكن لم يتعافَ "سالومون" تمامًا، وبيع عام 1997 إلى "ترافيلرز جروب" وهي شركة الخدمات المالية التي أصبحت فيما بعد "سيتي جروب". ساعدت تلك الصفقة في إنقاذ استثمار "بيركشاير"، لكن ظل "بافت" وصديقه الراحل "مونجر" -الذي كان عضوًا سابقًا بمجلس إدارة "سالومون"- يستشهدان بذلك القرار كسبب للحذر في وول ستريت. دكستر شو أوضح "بافت" أنه ارتكب خطأ فادحًا بشراء شركة الأحذية "دكستر" عام 1993 مقابل 433 مليون دولار، خاصة وأنه استخدم أسهم "بيركشاير" لتمويل عملية الشراء. وأقر بأنه تنازل عن 1.6% من أسهم "بيركشاير" مقابل شراء شركة بلا قيمة، ما يقدم درسًا للمستثمرين بعدم التنازل عن استثمارات قوية من أجل المخاطرة فقط بفرصة رابحة. المصادر: أرقام - وول ستريت جورنال - أسوشيتيد برس – سي إن بي سي – نيويورك تايمز