تأخر لساعات تصويت في مجلس النواب على مشروع قانون الموازنة، الأربعاء، مع سعي قادة جمهوريين لتغيير موقف مجموعة من المتمردين في صفوف حزبهم يهدّدون بنسف إنجاز تشريعي كبير يأمل الرئيس دونالد ترامب تحقيقه منذ عودته إلى البيت الأبيض. وكان مجلس الشيوخ الذي يهيمن عليه الجمهوريون أقرّ، الثلاثاء، مشروع القانون بأرجحية نائب الرئيس الأمريكي جاي دي فانس الذي كسر، وفق ما يخوّله الدستور، تعادل الأصوات بين السناتورات (50-50). وأحيل «مشروع القانون الواحد الكبير والجميل»، الذي يتضمّن تخفيضات ضريبية ضخمة واقتطاعات شاملة في الرعاية الصحية، على مجلس النواب تمهيداً لتصويت الأربعاء. وطلب رئيس مجلس النواب مايك جونسون من أعضاء المجلس العودة إلى مكاتبهم، وأبقى عمليات التصويت الإجرائي التي تتطلّبها المصادقة النهائية مفتوحة لأكثر من ثلاث ساعات، من دون أي مؤشر يدل على كسر الجمود. في الأثناء عقد مساعدوه في الكواليس اجتماعات سادها التوتر مع معارضين لمشروع القانون. وقال جونسون لصحفيين في مبنى الكابيتول، وفق موقع بوليتيكو الإخباري: «سنتوصل إلى ذلك الليلة. نحن نعمل على ذلك ونحن متفائلون بتحقيق تقدم». وفي بيان حازم شدد جونسون على أنّ «مشروع القانون هذا هو أجندة الرئيس ترامب، ونحن سنحوّله إلى قانون»، مبدياً ثقته بأن الجمهوريين باتوا «جاهزين لإتمام المهمة». وعقب تمرير المشروع في مجلس الشيوخ، كتب الرئيس الجمهوري عبر منصته «تروث سوشال»، الثلاثاء، «سيكون الشعب الأمريكي الرابح الأكبر، وسيحصل على ضرائب أقل بشكل دائم، ورواتب أعلى، وحدود آمنة، وقوات مسلحة أقوى». لكنه دعا الجمهوريين في مجلس النواب إلى توحيد صفوفهم لإقرار الموازنة. وقال ترامب: «يمكننا أن نحصل على كل ذلك من الآن، لكن فقط في حال توحد الجمهوريون في مجلس النواب وتجاهلوا المتباهين.. وقاموا بالأمر الصائب، وهو رفع مشروع القانون إلى مكتبي». وتابع: «ابقوا متحدين، استمتعوا، وصوّتوا بـ(نعم)». الرابع من تموز بعد مداولات لنحو يومين والعديد من التعديلات، تجاوز أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون خلافاتهم وأقروا المشروع الثلاثاء. وبات الأمر الآن في عهدة مجلس النواب، حيث تبدو مهمة إقراره شائكة في ظل تأكيد نواب جمهوريين رفضهم النسخة المعدّلة الواردة من مجلس الشيوخ. وقال النائب الجمهوري عن أريزونا أندي بيغز: «يصعب عليّ أن أرى مشروع القانون يقرّ بصيغته الراهنة»، معتبراً أنه يتضمن أموراً «سيئة للغاية». وفي مجلس النواب حيث يحظى الجمهوريون بأغلية ضئيلة، يواجه المشروع معارضة ديمقراطية موحّدة، وعدداً من الأعضاء الجمهوريين الرافضين للموافقة على اقتطاعات كبيرة في الرعاية الصحية. ويحضّ ترامب المشرّعين على إقرار الموازنة قبل العيد الوطني في الرابع من تموز/يوليو، وهو التاريخ الذي حدّده كموعد رمزي لإصدار الموازنة. من جهتهم، يسعى الديمقراطيون إلى تأخير التصويت النهائي قدر الإمكان. «مثير للاشمئزاز» غير أنّ المحافظين في مجلس النواب أبدوا علناً تردّدهم في الموافقة على بعض التعديلات التي أجراها أعضاء مجلس الشيوخ على نسختهم الأصلية. وينتقد الديمقراطيون ما ينصّ عليه المشروع من خفض للضرائب على الأثرياء على حساب الطبقتين المتوسطة والعاملة اللتين ترزحان أصلاً تحت وطأة التضخّم. وقال زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب حكيم جيفريز، بعد إقرار مشروع القانون في مجلس الشيوخ الثلاثاء، إن «هذه الموازنة الكبيرة البشعة تؤذي الأمريكيين العاديين لتكافئ أصحاب المليارات»، معتبراً أنه «ورقة تشريعية مثيرة للاشمئزاز». وأضاف: «سنقوم بكل ما في وسعنا لوقفه». وينصّ مشروع القانون على تمديد الإعفاءات الضريبية الضخمة التي تم إقرارها خلال ولاية ترامب الأولى (2017-2021)، وإلغاء ضريبة الإكراميات، وتوفير مليارات الدولارات الإضافية لقطاع الدفاع ومكافحة الهجرة. لكنّ خبراء وسياسيين يحذرون من زيادة ضخمة متوقعة في العجز الفيدرالي. وتشير تقديرات مكتب الموازنة في الكونغرس المسؤول عن تقييم تأثير مشاريع القوانين على المالية العامة، إلى أن مشروع القانون من شأنه أن يزيد الدين العام بأكثر من ثلاثة تريليونات دولار بحلول عام 2034. وسيكلف توسيع ترامب «للإعفاءات الضريبية» 4.5 تريليون دولار. وللتعويض جزئياً عن ذلك، يخطط الجمهوريون لخفض برنامج «ميدك ايد»، التأمين الصحي العام الذي يعتمد عليه ملايين الأمريكيين من ذوي الدخل المحدود. كما ينصّ مشروع الموازنة على تقليص كبير في برنامج سناب للمساعدات الغذائية الرئيسي في البلاد، وإلغاء العديد من الحوافز الضريبية للطاقة المتجددة التي أقرت في عهد الرئيس السابق جو بايدن. (أ ف ب)