تحليل عبد الحليم سالمالأربعاء، 16 يوليو 2025 01:00 ص يمثل تطوير مصانع الأدوية التابعة لقطاع الأعمال العام أهمية استراتيجية لمصر، سواء على الصعيد الصحي أو الاقتصادي، خصوصًا في ظل التحديات العالمية المتعلقة بالأمن الدوائي وارتفاع أسعار الاستيراد. وتعد الشركات الحكومية مثل "النصر للأدوية"، و"ممفيس"، و"سيد"، و"القاهرة"، وغيرها، من الكيانات التي تمتلك تاريخًا طويلًا وإمكانات كبيرة، لكن تواجهها معوقات تتطلب إصلاحًا جذريًا وتحديثًا شاملاً. أحد أبرز محاور التطوير هو التوافق مع المعايير الدولية للتصنيع الجيد (GMP)، وهي الخطوة الأساسية التي تتيح لتلك الشركات القدرة على المنافسة في الأسواق الخارجية، خاصة الأسواق الأفريقية والعربية التي تتزايد احتياجاتها الدوائية وتمنح فرصًا واعدة للتصدير. ورغم ما شهدته بعض المصانع من محاولات تطوير جزئية، لا تزال هناك فجوة كبيرة بين قدرات هذه الشركات واحتياجات السوق، سواء من حيث التكنولوجيا أو خطوط الإنتاج أو الكوادر الفنية المؤهلة. لذا، فإن عملية الإحلال والتجديد لخطوط الإنتاج، والتحول لاستخدام الأنظمة الرقمية والتحكم الذكي في الإنتاج، أصبح ضرورة ملحة وليس خيارًا. كما أن تطوير هذه الشركات سيساهم في تعزيز قدرة الدولة على توفير الأدوية الأساسية بأسعار مناسبة، وتقليل الاعتماد على الاستيراد الذي يستنزف النقد الأجنبي. إلى جانب ذلك، فإن رفع كفاءة مصانع الأدوية يتيح فرصًا للتصنيع التعاقدي مع شركات عالمية، ما يرفع من تنافسية الشركات المصرية ويزيد من تدفق الاستثمارات في هذا القطاع.التوسع في البحث والتطوير R&D وربط الإنتاج الدوائي بالمراكز البحثية والجامعات سيكون أيضًا ركيزة لتعميق التصنيع المحلي وتقديم أدوية مبتكرة، بدلاً من الاكتفاء بصناعة الأدوية التقليدية فقط. في المجمل، فإن تطوير مصانع الأدوية الحكومية ليس فقط ضرورة اقتصادية، بل مشروع وطني يدعم الصحة العامة ويعزز سيادة مصر الدوائية، ويجب أن يتم من خلال خطة مدروسة وممولة جيدًا تضمن الاستدامة والقدرة على المنافسة.