اشتكى مسافرون من الإمارات من ممارسات غير شفافة من بعض منصات ومواقع الحجوزات الإلكترونية – لا سيّما الأجنبية وغير المرخّصة– تعتمد أساليب تضليلية في عرض الأسعار، عبر إخفاء رسوم إضافية أو تأجيل إظهارها حتى المراحل الأخيرة من عملية الحجز، ما يؤدي إلى رفع الكلفة النهائية على المستهلكين دون علمهم المسبق. حيث يكتشف المستخدم وجود ضرائب ورسوم لاحقاً، أو لا يستطيع استرداد كامل القيمة عند الإلغاء، ما يرفع كلفة الحجز ويضعه أمام مفاجآت. نصح مديرو مكاتب سياحة وقانونيون في حديثهم ل«الخليج»، المسافرين بالحجز عن طريق مواقع شركات الطيران أو شركات السياحة الموثوقة. لافتين إلى أن هناك منصات شفّافة في الأسعار، لكن في المقابل توجد أخرى معظمها أجنبية وغير مرخصة تتلاعب بالأسعار. وأشاروا إلى أن بعض المواقع تخفي تفاصيل الرسوم والضرائب، من خلال كتابتها بخط صغير أو إدراجها لاحقاً أثناء عملية الدفع. لافتين إلى أن نحو 60% من العملاء غير راضين عن تجاربهم مع تلك المنصات. قال مديرو منصات حجوزات في الإمارات إن أسعارهم تخضع لرقابة دقيقة، وأن المنصات المرخّصة لا تحدد التكاليف بل تعرض ما يفرضه مزوّدو الخدمات بشفافية، بعكس المنصات الأجنبية غير المرخّصة التي تتلاعب بالأسعار. ولفت قانونيون إلى أن القوانين الصارمة في الإمارات، تُلزم المنصات بالإفصاح عن الأسعار النهائية، حيث يتم استقبال الشكاوى ضدها، والتحقيق فيها، وحجب المخالفة منها. مشكلة عالمية أظهرت بيانات نشرها موقع mightytravels المختص بالسياحة في 2024، أن حوالي 23% من المسافرين في العالم يشعرون بالتضليل، بسبب الرسوم المخفية في مواقع الحجز التابعة لجهات خارج بلدانهم، وأن 73% من حجوزات الفنادق والطيران عبرها غير قابلة للاسترداد الكامل. وتنسجم هذه النتائج مع توجه دولة الإمارات، التي انضمت منذ 2024 إلى تحالف دولي، بهدف حظر الرسوم الخفية في أسعار الحجوزات على الإنترنت، في وقت تتزايد فيه الدعوات العالمية لحماية المستهلكين من التلاعب بالأسعار عبر الإنترنت. تجارب متعددة قال هشام نذير أنه حجز فندق عبر إحدى المنصات غير المعروفة، ودفع 300 درهم لليلتين، لافتاً إلى أنه أراد إلغاء الحجز لظروف خاصة، وتم خصم 50 درهماً من المبلغ المدفوع بنسبة حوالي 17%، دون أن يتم ذكر ذلك عند بداية الدفع. وأشارت إحدى المسافرات إلى أنها حجزت تذاكر إلى إحدى الوجهات الآسيوية، بقيمة 3 آلاف درهم، وفوجئت عند استكمال الحجز وإضافة حقيبتي السفر والمقعد، بأن السعر وصل إلى نحو 5 آلاف درهم، بزيادة تفوق 65%. رسوم مفاجئة قال محمود سلوم، المدير المالي في شركة زاجل للسياحة، إن نحو 60% من عملائه، الذين يتعاملون مع منصات الحجز الرقمية غير الموثّقة أو المعروفة غير راضين عن تجاربهم، ويعودون في نهاية المطاف إلى الحجز عبر مكاتب السياحة أو مواقع شركات الطيران. وأضاف: «يتعرضون للصدمة بعد تجربتها، حيث ينجذبون في البداية إلى الأسعار المنخفضة، قبل أن يكتشفوا لاحقاً رسوماً إضافية - غالباً ما تكون مرتبطة برسوم الدولة المضيفة للمنصة - تضاف في نهاية الحجز». وأشار إلى أن بعض الخدمات مثل التأمين تُلغى دون علم العميل، بهدف تقديم سعر جذّاب. مؤكداً أن هذه الممارسات أدّت إلى تحوّل شريحة كبيرة منهم إلى الاعتماد على وكلاء السفر، بحثاً عن الأمان والثقة. تغيّر التوجّهات قال شريف الفرم مدير شركة شريف هاوس للسياحة إن العديد من عملائه اشتكوا من بعض منصات الحجوزات، وطالبهم بضرورة الحذر عند حجزهم من تلك غير الموثّوقة. لافتاً إلى أن بعضها يخفي تفاصيل الرسوم والضرائب، من خلال كتابتها بخط صغير أو إدراجها لاحقاً أثناء عملية الدفع، ما يفاجئ العميل بالسعر النهائي. وأضاف: «هناك منصات شفّافة في الأسعار، لكن في المقابل توجد أخرى -معظمها أجنبية وغير مرخصة- تمارس أساليب تضليل. اليوم تغيّرت قناعات المسافرين، وباتوا يفضّلون الحجز عبر المكاتب المعروفة أو مواقع شركات الطيران والفنادق». وأشار إلى أن بعض هذه المنصات كانت تعرض باقات بأسعار أقل تنافس مكاتب السياحة. مشيراً إلى أنه أنه مع تزايد وعي المسافرين بالفروقات وجودة الخدمة، عادت الثقة تدريجياً إلى المكاتب. رقابة آلية دقيقة قال د.هيثم الحاج علي، رئيس مجموعة «دبي لينك»، إن الأسعار المعروضة على منصتي المجموعة GTE Travel وGTE Connects، تشمل الكلفة النهائية دون أي رسوم خفية. لافتاً إلى أنه ضد التعامل مع أي منصّات غير مرخصة وتتلاعب بالأسعار. وأضاف: هذا يلحق الضرر بمزوّدي الخدمات والمستهلكين على حد سواء، كما أن عمليّات التسعير تخضع لرقابة آلية دقيقة. والرسوم الإضافية تُعرض بوضوح إذا وُجدت، فهي ناتجة عن سياسة المزوّد وليس عن المنصة. نحن كمنصات مرخّصة لا نحدد الأسعار بشكل مباشر، بل إن مزوّدي الخدمات كالفنادق وشركات الطيران هي التي تحددها. وهي من تحاسَب في حال حدوث أي مخالفة تسعيرية، تماماً كما تخضع المنصات للمساءلة». ملاحقة قانونية قال المستشار القانوني محمد أبو شعبان إن الخطورة تكمن في أن العديد من هذه المنصات أجنبية، ولا تمتلك تراخيص محلية أو وجوداً قانونياً داخل الدولة، على العكس من المرخصة التي تخضع للمراقبة، ويحق للمستهلك التقدّم بشكوى ضدها. وأشار إلى أن استهداف تلك المنصات المخالفة المباشر للمقيمين والمواطنين في الدولة، يضعها تحت مظلة القوانين المحلية الصارمة، التي تُلزمها بالإفصاح عن الأسعار النهائية شاملة الضرائب والرسوم. مؤكداً أنه يتم استقبال شكاوى ضد هذه المنصات، والتحقيق فيها، وحجب المخالفة منها.