في صباح مزدحم بمكاتب الأندية، يجلس المدير المالي أمام جداول أقساط مستقبلية لصفقات لم تُسدَّد بعد، ينتظر جزءاً من دفعةٍ سيحصل عليها بعد سنة أو سنتين، بينما يضغط المدرب للمزيد من التعاقدات الفورية. بين هذا الانتظار وذاك الطلب، وُلد سوق جديد: تحويل مستحقات الانتقالات إلى سيولة فورية. معركة المواهب - لم يعد السباق على التعاقد مع أفضل اللاعبين في أوروبا مجرد تنافس رياضي، بل تحول إلى شرارة تُشعل سوقاً للديون تُستخدم فيها مستحقات انتقالات اللاعبين كضمانات مالية، وتجذب كبار مديري الائتمان الخاص مثل "أبولو جلوبال مانجمنت" و"بلاكستون"، لما فيها من توازن بين المخاطر والعوائد. للاطلاع على المزيد من المواضيع الرياضية البداية الحقيقية - نما هذا النموذج، الذي يعتمد على دفعات مستقبلية من مبيعات اللاعبين كضمان، مع تجاوز قيم انتقالات اللاعبين 100 مليون دولار، وارتفاع مبيعات الدوريات الست الكبرى في أوروبا إلى 5.1 مليار يورو (نحو 6 مليارات دولار) هذا الصيف، ما أدى إلى تنامي حجم المستحقات التي يمكن للمقرضين استثمارها. الطموح والواقع - يزيد توزيع الدفعات على فترات من حجم السوق ويُسهم في رفع رسوم الانتقال؛ كما يسمح سوق المستحقات للجِهَات المالية بربط الفرق ذات السيولة المحدودة بموارد أكبر، حيث أقرضت "فاسانارا" أكثر من 300 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات لأندية أوروبية دون الكشف عن أسمائها. تكلفة أقل - بالنسبة لبعض الأندية الصغيرة قد تمثل هذه الآلية الوسيلة الوحيدة للحصول على تمويل ميسر، حيث إن تصنيفها الائتماني الضعيف يجعل تكلفة الاقتراض المباشر مرتفعة للغاية، لكن عندما تبيع لاعبًا إلى نادٍ كبير يتمتع بملاءة قوية وتصنيف ائتماني عالٍ، فإن المستحقات المستقبلية من الصفقة تصبح أداة تمويل جذابة للمقرضين. نماذج واقعية - في إنجلترا حصل "نوتنغهام فورست" على قرض بقيمة 28 مليون إسترليني (38 مليون دولار) بفائدة 8.2% من "ماكواري" عام 2023 مغطى بمستحقات بيع "برينان جونسون" إلى "توتنهام". ضمانات قوية - تختلف تكلفة ديون الأندية حسب قوة المقترض؛ فالسندات المضمونة برسوم انتقال اللاعبين قد تمنح عوائد عالية تصل إلى 8%–9% (بزيادة 500 نقطة أساس فوق معدلات السوق)، بينما الأندية الكبرى قد تقترض بعوائد أقل (300 أو حتى 150 نقطة أساس). مرونة مالية - مع وجود موسمي انتقال في العام، يتكثف الإنفاق في فترات قصيرة، وأي عائق في السيولة قد يضر بمستقبل النادي الرياضي والمالي، ولذلك يوفر تمويل المستحقات بديلاً أكثر مرونة واستدامة من القروض البنكية التقليدية التي قد تفرض شروطاً صارمة وضمانات واسعة. إطار تنظيمي - يخضع التمويل القائم على مستحقات الانتقالات لضوابط تنظيمية صارمة، حيث يتم التنازل عن أقساط الصفقات لصالح مؤسسة مالية معرّفة وفق قواعد الخدمات المالية والبنوك في المملكة المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية شريطة الحصول على موافقة مسبقة من الرابطة والاتحاد الإنجليزي. تمويل الفرق - ظهرت في السوق الأمريكية صيغة تُعرف بـ(تمويل القوام)، حيث يقيم المقرض القيمة السوقية للاعبين في الفريق ككل، ثم يمنح النادي قرضًا يمثل نسبة متفقًا عليها من تلك القيمة، مقابل رهن عام على اللاعبين (رهنًا عائمًا)، لكن الآلية شديدة الحساسية لتقلبات السوق، فهبوط الفريق إلى دوري أدنى أو بيع نجومه الأغلى قد يؤدي مباشرة إلى انخفاض حاد في قيمة الضمانات. عقوبات وثقة - تُعدّ العقوبات التي تفرضها "فيفا" و"يويفا" عاملاً أساسياً في تعزيز الثقة بتمويل صفقات الانتقالات؛ حيث إن الأندية المتخلفة عن سداد أقساطها تواجه غرامات وحرماناً من تسجيل لاعبين أو حتى خصم نقاط، ولذلك برزت صفقات توريق كبرى مثل تلك التي قادها "بانكا سيستيما" الإيطالي في يونيو، حيث جمع تمويلاً يفوق 1.2 مليار يورو مدعوماً بمستحقات انتقالات وحقوق بث لأندية أوروبية. المصادر: أرقام – بلومبرج – ووك موريس