كشفت الدكتورة رانيا الجندي، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع، أن قرار البنك المركزي بخفض الفائدة بنسبة 2% يأتي في إطار سياسة نقدية مدروسة تهدف إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي ودعم النشاط الاستثماري. وأوضحت الجندي خلال لقاءها ببرنامج اقتصادي على قناة القاهرة الإخبارية أن القرار لم يكن منفصلاً عن التحولات الاقتصادية العالمية، بل جاء بعد سلسلة من الإجراءات التصحيحية والتحكم في أسعار الفائدة منذ بداية العام الحالي. وأشارت إلى أن العالم شهد أزمات اقتصادية وجيوسياسية بدءًا من عام 2022، على رأسها الأزمة الروسية الأوكرانية، والتي أثرت بشكل كبير على أسعار السلع الأساسية عالمياً، مثل القمح والطاقة. ونتيجة لذلك، قامت البنوك المركزية الكبرى، بما فيها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، برفع أسعار الفائدة للحد من التضخم العالمي، وهو ما دفع البنوك المركزية في مصر ودول الخليج لمواكبة هذا الاتجاه. أسباب خفض الفائدة وارتباطه بالسياسات العالمية أوضحت الجندي أن خفض سعر الفائدة في مصر جاء بعد تحقيق بعض الاستقرار في معدلات التضخم، حيث انخفضت نسب التضخم من 13.9% إلى 11.6%. وأضافت أن البنك المركزي المصري يسعى من خلال هذا الإجراء إلى تخفيف العبء على المستهلكين ودعم النشاط الاقتصادي المحلي، خاصةً في ظل انخفاض الضغوط التضخمية بالمقارنة مع فترات سابقة. وأكدت أن قرار التخفيض مرتبط أيضاً بالسياسات الاقتصادية العالمية، لاسيما توجه الولايات المتحدة إلى خفض أسعار الفائدة، إذ أن تنسيق السياسة النقدية مع أكبر الاقتصاديات العالمية يعزز القدرة التنافسية للعملة المحلية ويحد من تقلبات سعر الصرف. وأشارت إلى أن الهدف الأساسي هو تحقيق استقرار الأسعار وليس مجرد خفض الفائدة، ما يضمن استقرار الأسواق والأسعار المحلية على المدى الطويل. نتائج خفض الفائدة على الاستثمارات المحلية والخارجية أوضحت الجندي أن خفض الفائدة يسهم في تحفيز الاستثمارات الخاصة، إذ إن تكلفة التمويل تصبح أقل للشركات والمستثمرين، مما يعزز من قدرتهم على توسيع أعمالهم وتطوير مشاريع جديدة. وأشارت إلى أن هذا القرار سيؤثر بشكل إيجابي على القطاعات الإنتاجية والصناعية والخدمية، ويساعد في خلق فرص عمل جديدة ودعم الاقتصاد الوطني بشكل مستدام. كما أشارت إلى أن خفض الفائدة يمنح المستثمرين الأجانب ثقة أكبر في السوق المصري، ما ينعكس على زيادة تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتحفيز الشراكات الاقتصادية الدولية. وأكدت أن البنك المركزي يراقب باستمرار تأثير القرار على الأسواق ويعمل على تعديل السياسات وفقاً للتغيرات الاقتصادية المحلية والعالمية. تأثير خفض الفائدة على المستهلكين والأسعار أكدت الجندي أن المواطنين لن يشعروا فوراً بانخفاض الأسعار بعد خفض الفائدة، مشيرة إلى أن تأثير هذه السياسة النقدية يحتاج إلى وقت لتظهر نتائجه على السلع والخدمات. وأضافت أن الهدف طويل المدى هو استقرار الأسعار ومنع حدوث تقلبات حادة في السوق، بحيث يمكن للمستهلكين الاعتماد على استقرار تكاليف المعيشة وعدم التعرض لصدمات مفاجئة. وأوضحت أن البنك المركزي المصري يعمل وفق خطة متكاملة تشمل متابعة أسعار الصرف، والسيطرة على التضخم، وضمان استقرار أسعار السلع الأساسية والخدمات المقدمة للمواطنين، ما يخلق بيئة اقتصادية أكثر أماناً وموثوقية للمستثمرين والمستهلكين على حد سواء. خطة البنك المركزي المستقبلية والسياسة النقدية المتوازنة أشارت الجندي إلى أن البنك المركزي سيواصل تطبيق سياسة نقدية متوازنة، تجمع بين التيسير النقدي وتحفيز الاستثمار، وبين ضبط التضخم والحفاظ على استقرار العملة المحلية. وأكدت أن هذا النهج المتدرج يسمح لمصر بمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية دون المساس باستقرار الأسواق المحلية أو القوة الشرائية للمواطنين. وأضافت أن هذه السياسة تعكس حرص البنك المركزي على دعم النمو الاقتصادي المستدام، وزيادة فعالية الاستثمارات، وتحقيق الاستقرار المالي، مع مراعاة التأثيرات الاقتصادية العالمية، مما يبعث برسالة طمأنة للمستثمرين والمواطنين على حد سواء.