اقتصاد / صحيفة الخليج

المؤشر الخفي لسوق العمل

جيمي ماكغيفر*

وسط سيل من المؤشرات الاقتصادية المتناقضة، أصبح من الصعب أكثر من أي وقت مضى تكوين صورة واضحة عن حالة سوق العمل . وبينما يركز الاحتياطي الفيدرالي على «معدل البطالة» كمؤشر رئيسي، يرى محللون أن الرقم الأكثر دلالة حالياً قد يكون «مطالبات البطالة المستمرة» الأسبوعية، التي تعكس عبء العثور على وظائف جديدة بعد فقدان العمل.
ويؤكد رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أن معدل البطالة، البالغ حالياً 4.2%، يظل المقياس الأهم لصحة سوق العمل، وهو مستوى منخفض تاريخياً ويتماشى مع اقتصاد قريب من التوظيف الكامل. لكن هذا المؤشر يأتي متأخراً زمنياً، فارتفاعه الحاد غالباً ما يعني أن الاقتصاد قد دخل بالفعل مرحلة حرجة، ويُعاني الكساد بسبب عوامل العرض والطلب على العمالة، وهي عوامل فريدةٌ في حقبة التعريفات الجمركية المرتفعة وانخفاض الهجرة الحالية في الولايات المتحدة.
إن النمو الاقتصادي الأمريكي يتباطأ تدريجياً إلى نحو 1% سنوياً، أي نصف وتيرة الأعوام الماضية، ما انعكس على ضعف التوظيف. وأظهر أحدث مسح لمعدل فرص العمل ودوران العمالة لشهر يونيو/حزيران أدنى معدلات توظيف في عام، بينما جاءت أرقام الوظائف غير الزراعية لشهر يوليو/تموز مخيبة، لدرجة دفعت الرئيس دونالد ترامب إلى إقالة مفوّض الوكالة المسؤولة عن جمع البيانات.
ورغم ذلك، لم ترتفع عمليات التسريح بشكل ملحوظ، إذ بلغ عدد المسرّحين في يونيو 1.6 مليون شخص فقط، أقل من متوسط الأعوام الماضية. ويُعزى هذا جزئياً إلى ترقب الشركات لانحسار حالة عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية والتضخم، أو خشيتها من تكرار نقص العمالة بعد الجائحة. كما أن انخفاض معدلات الهجرة وزيادة عمليات الترحيل وقلة العائدين إلى سوق العمل، كلها عوامل تعوّض ضعف التوظيف وتحافظ على معدل البطالة مستقراً.
في غضون ذلك، ينصبّ التركيز غالباً على «مطالبات البطالة الأولية» التي تقيس عدد الباحثين عن إعانة للمرة الأولى، وهي حالياً مستقرة عند 226 ألف طلب أسبوعياً، وهو مستوى قريب من متوسط السنوات الأخيرة، ما لا يعطي مؤشراً واضحاً على تدهور سوق العمل. أما «مطالبات البطالة المستمرة»، التي تحصي من يواصلون التقدم بطلبات للحصول على الإعانة بعد فقدان وظائفهم، فقد قفزت في الأسبوع الأول من أغسطس/آب إلى 1.97 مليون طلب، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2021، مما يعني نظرياً ضغطاً تصاعدياً على معدل البطالة.
يقدّر محللون أن وصول المطالبات المستمرة إلى نحو 2.2 مليون طلب سيتوافق مع معدل بطالة 4.5%، وهو مستوى يتفق معظم الاقتصاديين على أنه سيدفع الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة، بمقدار 50 نقطة أساس في نهاية العام. أما الوصول إلى معدل 4.3% أو حتى 4.4% فقد يجعل قرار الخفض متأرجحاً.
رغم مؤشرات الضعف، ما زالت بعض البيانات تعكس صلابة سوق العمل. فقد ارتفع متوسط الأجور بالساعة في يوليو/تموز بنسبة سنوية 3.9%، وهو مستوى مستقر منذ عام، فيما بلغ متوسط ساعات العمل 34.3 ساعة أسبوعياً، مطابقاً لمتوسط العامين الماضيين.
وإلى حين اجتماع الفيدرالي المقرر في 16 و17 سبتمبر/أيلول، ستحظى بيانات التوظيف الشهرية، ومؤشر فرص العمل ومعدل دوران العمالة، بمزيد من الاهتمام. لكن للمستثمرين الراغبين في قراءة أسبوعية أسرع لنبض السوق، تبقى مطالبات البطالة المستمرة مؤشراً لا غنى عن مراقبته.
في بيئة اقتصادية يسودها الغموض، قد لا يكون معدل البطالة وحده كافياً لتشخيص حالة سوق العمل الأمريكي. فمطالبات البطالة المستمرة تمنح صانعي السياسات والمستثمرين نافذة أوضح على الاتجاهات الحقيقية في التوظيف، وربما تكون المؤشر المبكر الذي ينذر بتحول السياسة النقدية قبل أن تدق أجراس الركود.
*كاتب متخصص في الاقتصاد وأسواق المال (رويترز)

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا