د. عبدالعظيم حنفي* ترى دراسات اقتصادية أمريكية أن الولايات المتحدة والصين تتعرضان لمازق كبير دون حل في الأفق، حيث تريد الولايات المتحدة استعادة التصنيع إلى الداخل، بينما تريد الصين بيع منتجاتها المصنّعة في السوق الأمريكية، يتطلب الأمر حلاً إبداعياً للتغلب على هذا المأزق ولكنه ممكن جداً.وتعرض تلك الدراسات تلميح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه بالفعل إلى الصيغة الناجحة. خلال حملته الانتخابية لعام 2024، بعد تعهده مراراً وتكراراً بجذب مصانع الدول الأخرى إلى الولايات المتحدة، في تجمع انتخابي في ميشيغان، قال: «على الصين بناء مصانع هنا وتوظيف عمالنا، عندما أعود إلى البيت الأبيض، ستكون الطريقة التي سيبيعون بها منتجاتهم في أمريكا هي بناء مصانعهم في أمريكا وعليهم استخدامكم لبنائها»، ويقدمون تدليلاً لصحة وجهة نظرهم بالقول «عندما بدأت الصين في تبني اقتصاد السوق في سبعينات القرن الماضي، قدَّم قادتها طلباً مشابهاً للشركات الأمريكية. وللوصول إلى السوق الصينية، كان على الشركات الأمريكية التصنيع في الصين، وتوظيف عمال صينيين، وتعليم الصينيين التقنيات الأساسية.لكن الزمن تغير، لم تعد الصين في موضع التعلُّم من الأمريكيين، ففي مجال تصنيع السيارات والبطاريات، تتقدم الشركات الصينية بسنوات على منافسيها الأمريكيين.حاليا تقوم شركةInc Gotion وهي شركة صينية متطورة لتصنيع البطاريات وأكبر مساهم فيها هو«فولكس فاجن»، ويدير عملياتها في الولايات المتحدة مديرون تنفيذيون أمريكيون، ببناء مصنعين في الولايات المتحدة، سيوظف مصنعا Gotion في ميشيغان وإلينوي معاً 5000 عامل أمريكي، كما سيدربان مهندسين أمريكيين على أحدث تقنيات بطاريات الليثيوم.وتتطلع شركة CATL، وهي شركة صينية أخرى للبطاريات، إلى بناء مصانع بالشراكة مع شركات صناعة السيارات الأمريكية، ومن المتوقع أن يوظف مصنعها المقترح في ميشيغان وهو مشروع مشترك مع شركة فورد، 2500 أمريكي، وستُرخص CATL التكنولوجيا لشركة فورد، التي ستمتلك المصنع.تسعى هذه الشركات الصينية إلى البناء في الولايات الأمريكية، لأنها ترغب في الوصول إلى السوق الأمريكية، فمن خلال البناء في الولايات المتحدة، يمكنهم تجنب الرسوم الجمركية وبيع بطارياتهم بسهولة أكبر للشركات الأمريكية، في المقابل، تحصل الولايات المتحدة على وظائف برواتب جيدة وأفضل بطاريات في العالم وقطاع تصنيع أكثر تقدماً.ولكن بدلاً من اعتبار هذا انتصاراً، هاجم الجمهوريون بشدة كلاً من Gotion وCATL، لأنهما صينيتان، بالنسبة لهم، تُمثل كل شركة صينية تهديداً للأمن القومي، حتى لو لم يكن هناك دليل قاطع ضدها. ووفقاً للصقور في الحزب الجمهوري، فإن مجرد كون الشركتان مملوكتين للصين، فإن هذا يعني أنهما جزء من عملية سرية تُديرها الحكومة الصينية ويتم تجاهل الأدلة التي تثبت عكس ذلك ببساطة، لأن السياسيين، سيما في الحزب الجمهوري، يسعون جاهدين لتحقيق مكاسب سياسية.ومن ثم إذا استمر هذا المسار الحالي، فلن نرى المزيد من الشركات الصينية أو شركات الاستثمار الأمريكية، تُعلن استثمارات في أمريكا والأمل في انفتاح الرئيس الأمريكي على التفاوض بشأن الاستثمارات الصينية في قلب أمريكا، لتعزيز القدرة التصنيعية في قطاعات الأمن غير الوطنية وستتيح الاستثمارات الصينية هناك لترامب ادعاء التقدم في إعادة التصنيع الأمريكي، بينما قد يشيد الرئيس الصيني شي بنجاحه في توسيع نطاق الشركات المحلية، لتحقيق الأرباح في السوق الأمريكية.* أكاديمي مصري[email protected]