اقتصاد / صحيفة الخليج

ساعات العمل بين الواقع والتحول الرقمي

جاسم محمد الطنيجي *

تشهد دولة منذ سنوات نقلة نوعية في أنماط العمل الحكومي، فبعد أن أصبحت الخدمات مؤتمتة بالكامل، وانتشر استخدام الذكاء الاصطناعي لتبسيط الإجراءات وتسريعها، لم يعد وجود الموظف خلف المكتب طوال ثماني ساعات ضرورة كما كان في السابق.
اليوم يبدأ الدوام من السابعة والنصف صباحاً وحتى الثالثة والنصف عصراً، لكن الواقع يشير إلى أن ذروة العمل والإنتاجية تنحصر في الفترة الصباحية حتى الواحدة ظهراً، ثم ينخفض حجم الطلب على الخدمات بشكل ملحوظ، في الوقت الذي تظل فيه الأنظمة الإلكترونية تعمل بكفاءة دون الحاجة لتدخل بشري مكثف.
هذا الواقع يفتح باب النقاش حول إعادة هيكلة ساعات العمل، ليس بهدف تقليل الإنتاجية، بل على العكس، لتحقيق أقصى استفادة من وقت الموظف عبر:
* العمل المرن الذي يسمح بإنهاء الدوام بعد إنجاز المهام الأساسية.
* العمل عن بعد لبعض الوظائف، بما يقلل من الوقت المهدر في المواصلات.
* استثمار ساعات الفراغ في التعلم والتطوير الذاتي بدلاً من الجلوس انتظاراً لانتهاء الدوام.
* ربط الأداء بالإنتاجية لا بعدد الساعات، وهي معادلة تتناسب مع توجهات الدولة في الكفاءة وجودة الحياة.
* الاستفادة من مرافق التدريب والأنشطة الصحية (مثل الصالات الرياضية داخل المؤسسات وخارجها) بما يعزز الصحة البدنية والنشاط الذهني للموظف، ويُسهم في خفض معدلات الأمراض المزمنة الناتجة عن قلة الحركة.
ولا يمكن إغفال الأثر الكبير للازدحامات المرورية التي يواجهها الموظفون يومياً، سواء عند الذهاب إلى مقار العمل أو العودة منها. فهذه الأزمات لا تؤثر فقط في وقت الموظف وصحته النفسية، بل تنعكس أيضاً على مستوى الرضا والإنتاجية. إن تخفيف ساعات العمل وتوزيعها بمرونة أكبر سيُسهم مباشرة في تقليل الضغط على الطرق، ويدعم جهود الدولة في رفع جودة الحياة وخفض البصمة الكربونية.
إن النقاش حول هذا الموضوع ليس ترفاً إدارياً، بل هو ضرورة عملية لضمان بقاء منظومتنا الحكومية متوافقة مع التحولات العالمية، حيث تتجه كثير من الدول نحو الدوام المرن والأسبوع القصير لرفع الرضا الوظيفي وتحفيز الابتكار.
لقد أثبتت الإمارات أن سعادة الموظف هي جزء لا يتجزأ من سعادة المجتمع، وأن القرارات الجريئة في الإدارة الحكومية طالما كانت نقطة قوة ميزت تجربتها. واليوم نحن أمام فرصة جديدة لعمل دراسات مستقبلية حول شكل الدوام المستقبلي بموجب معطيات الإنتاجية وحجم العمل والأنظمة الذكية، بحيث نحقق المعادلة الذهبية بين:
إنتاجية أعلى – صحة أفضل – ازدحام أقل – وسعادة أكبر.
* خبير ومتخصص في إدارة الموارد البشرية

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا