إسماعيل الحمادي*
حالياً، تجاوزت السوق العقارية في دبي النصف الأول وهي مقبلة على دخول الربع الأخير من العام وحتى الآن لم يحدث أي تصحيح فعلي في الأسعار، أو تراجع كما كان مرتقباً وكما روجت له بعض التقارير العقارية والمنصات، مما دفع بالكثير من المشترين للانتظار وتفويت فرص عقارية ثمينة عليهم في الفترات السابقة، بل بالعكس استمرت الأسعار في الارتفاع وقفز متوسط سعر القدم المربعة للعقارات بدبي من نحو 1400 درهم للقدم، في شهر يناير/ كانون الثاني 2025، إلى ما يزيد عن 1600 درهم للقدم خلال شهر سبتمبر/ أيلول الفائت وحتى الإيجارات هي الأخرى شهدت تصاعداً مستمراً دون رجعة وترى جهات متتبعة لأداء السوق أن شهر أكتوبر/ تشرين الأول سيمثل الشهر 57 على التوالي من الارتفاع المستمر لأسعار العقارات في دبي، ما يعتبر أن الدورة الحالية التي تمر بها السوق، هي أطول دورة في نمو أسعار العقارات في تاريخ القطاع.
هنا، تعود بنا الذاكرة إلى تقرير، صدر عن وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني، في الربع الثاني من العام، أشار إلى أن سوق العقارات في دبي، يتجه نحو تصحيح طفيف في الأسعار، بدءاً من النصف الثاني من عام 2025 وحسب التقرير فإن هذا التصحيح قد يصل إلى حدود 15%، إلا أنه لا يمثل خطراً على استقرار السوق أو على المراكز المالية للبنوك والمطورين العقاريين في الإمارات.
وأفاد هذا التقرير بأنه ما بين 2022 و2025، شهدت أسعار العقارات السكنية في دبي ارتفاعاً كبيراً لتتجاوز 60%، مشيراً إلى أنه من المتوقع تسليم حوالي 250 ألف وحدة سكنية حتى 2026، منها 120 ألف وحدة في عام 2026 فقط وهذه الزيادة الكبيرة في المعروض يُتوقع أن تفوق نمو عدد السكان في الإمارة والذي يبلغ حوالي 5%سنوياً وهذا ما يدفع بمؤشرات التباطؤ لتظهر بالفعل.
هذا التقرير أحدث ضجة كبيرة ساعتها وتناقلته بعض المواقع، بشكل مضخم وقد استبدلت كلمة تصحيح بانهيار، مع العلم أن كلمة تصحيح لا تعني تراجعاً سلبياً أو انهياراً للأسعار والسوق، لكن الواقع كان العكس تماماً لما تم توقعه، ارتفاع مستمر في أسعار شراء العقارات والإيجارات معاً ومن هنا ندرك، أن ليس كل تقرير يصيب وأن الأحكام التنبؤية بمستقبل السوق، لن تكون صحيحة 100% وبالتالي فهي تظل مجرد احتمالات، يمكن أن تتحقق كاملة أو جزءاً منها فقط أو لا.
يجب العلم أنه في رحلة دورات الأسواق العقارية دائماً هناك ما يسمى بالذروات والتي ترتفع بها الأسعار إلى أعلى سقف، والتصحيحات التي يتم من خلالها ضبط سعر السوق بشكل إيجابي يعزز الجذب والإقبال من متصيدي الفرص الاستثمارية، سوق عقارات دبي شهدت أولى ذرواتها، في عام 2014 وارتفعت بها الأسعار إلى ما يزيد عن 20%، ثم بدأت السوق الدخول في دورة تصحيحية خفيفة، استمرت في 2015 و2016 وحتى عام 2020، حين تراجعت الأسعار كثيراً بسبب جائحة كوفيد 19، لتعاود السوق، النهوض من جديد والدخول في دروة نمو جديدة بلغت ذروتها في 2024 وتستمر في 2025 ومن يدري متى قد تبدأ دورة تصحيحية جديدة وهذا الأمر طبيعي جداً في كل سوق وليس سوق دبي فقط.
طفرة النمو التي حدثت بالسوق، ما بين نهاية 2022 وحتى العام الجاري وحجم المعروض الذي دخل السوق وسيدخل العام المقبل، سببها ارتفاع معدلات الهجرة إلى دبي بدافع الأوضاع الاقتصادية والجيوسياسية العالمية، وبدعم من السياسات الحكومية المرنة وبرامج الإقامة وبفضل الطلب المتزايد من المستثمرين العالميين الذين وجدوا في دبي ملاذاً آمناً وواعداً، والثقة المتزايدة في بيئة الاستثمار العقاري وقوانينها ومن المنطقي أن ترتفع الأسعار وتزيد وتيرة طرح المشاريع والرقم الجديد المتوقع دخوله من الوحدات في 2026، لا يعني زيادة المعروض، لأن هذه المشاريع تمت بطريقة مدروسة وليس طرحاً عشوائياً، بناء على أسس قوية تدعم نمو القطاع على المدى الطويل، تجمع بين النمو السكاني، التنويع والاستقرار الاقتصاديين.
لا أحد يعلم ما سيحمله المستقبل، لكن المرحلة الحالية تمثل فرصة لإعادة التمركز ويمكن لمشتري العقارات لأول مرة الاستفادة منه للدخول إلى السوق بشروط أفضل، خاصة مع تراجع أسعار الفائدة، تماشياً مع انتقال السوق من مستوى النمو المتسارع إلى مستوى النضج والاستدامة وعليه قد تكون فترة 2025-2026 فرصة ذهبية للكثيرين.. من يدري؟!
* الرئيس المؤسس لشركة الرواد للعقارات
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.