تصدّرت دولة الإمارات العربية المتحدة، طليعة التقدّم في الشمول المالي بمنطقة الشرق الأوسط، التي سجّلت أعلى معدلات النمو السنوي على مستوى العالم. وبحسب مؤشر الشمول المالي العالمي لعام 2025 (Global Financial Inclusion Index) الصادر عن مجموعة «برينسيبال» المالية، ومركز الاقتصاد وأبحاث الأعمال (CEBR). جاء هذا التقدّم، مدفوعاً بالتطور السريع في مجالات التمويل الرقمي، وأنظمة التكنولوجيا المالية، وبرامج التثقيف المالي. يحلّل المؤشر، في عامه الرابع، مدى مساهمة الحكومات، والأنظمة المالية، وأصحاب العمل، في تعزيز مستويات الشمول المالي عبر 42 سوقاً عالمياً. ويقدّم التقرير تقييماً شاملاً ومقارناً للشمول المالي على الصعيد العالمي، حيث يُصنّف الأسواق استناداً إلى ترتيب نسبي، بالإضافة إلى منحها درجات مطلقة. تمكين الأفراد والشركات قال كمال بهاتيا، الرئيس التنفيذي ورئيس شركة «برينسيبال» لإدارة الأصول: «تبرهن دولة الإمارات، على أن الاستثمار الطموح في التكنولوجيا المالية، والتثقيف المالي، يمكن أن يُسهم بشكل كبير في تسريع الشمول المالي، وتعزيز الاستقرار، ودفع عجلة النمو. فالأمر لا يقتصر على توفير الوصول الرقمي، بل يتمحور حول تمكين الأفراد والشركات، من بناء مستقبل مالي أقوى وأكثر استدامة». نظرة معمّقة على أداء الأسواق أظهرت الإمارات تقدماً ملموساً في مجال الشمول المالي، وفقاً لمؤشر الشمول المالي، وذلك على النحو التالي: جاءت الإمارات ضمن ثلاث دول فقط، إلى جانب فنلندا وكندا، نجحت في التقدّم بأكثر من مركز واحد في التصنيف العام للمؤشر، حيث صعدت مركزين لتحتل المركز 22 عالمياً، كما ارتفعت درجتها الإجمالية بمقدار 1.9 نقطة، مسجّلة ثاني أكبر زيادة بين جميع الأسواق، بعد سنغافورة التي ارتفعت درجتها بمقدار نقطتين. وحققت الإمارات، على مستوى محور دعم النظام المالي، أكبر قفزة بين جميع الأسواق، متقدمة خمسة مراكز في الترتيب ضمن هذا المحور. مكاسب النظام المالي جاء التحسّن اللافت في محور دعم النظام المالي، في دولة الإمارات، نتيجة استثمارات كبيرة في قطاع التكنولوجيا المالية. فمن بين 42 سوقاً شملها المؤشر، سجّلت ثمانية أسواق فقط تحسّناً في مؤشر «حضور وجودة شركات التكنولوجيا المالية»، وكانت الإمارات من بين هذه الأسواق القليلة. وقد حققت الإمارات أكبر تحسّن سنوي على مستوى هذا المؤشر، حيث تقدّمت سبعة مراكز لتصل إلى المركز 14. وعلاوة على ذلك، تعمل الإمارات على إطلاق مبادرات تنظيمية تهدف إلى توفير حماية أكبر للمستهلكين، الأمر الذي انعكس إيجاباً على ترتيب الدولة في المؤشر. ففي مؤشر التنظيمات الداعمة للمستهلك، جاءت الإمارات في المركز الرابع متقدّمة ثلاثة مراكز مقارنة بالعام الماضي، بزيادة قدرها 6.9 نقطة. مكاسب حقيقية قال بوشبين سينغ، الخبير الاقتصادي الإداري في مركز الاقتصاد وأبحاث الأعمال (CEBR): «يعكس أكبر اقتصادين في منطقة الخليج ( الإمارات والسعودية)، كيف يمكن للاستثمار الرقمي المستدام أن يحقق مكاسب حقيقية في مجال الشمول المالي، حتى بدون تغييرات كبيرة في التصنيفات العامة. فقد تقدّمت دولة الإمارات مرتبتين لتصل إلى المركز 22 عالمياً، مدفوعة بأكبر قفزة في محور دعم النظام المالي على مستوى العالم، حيث ارتفعت درجتها بمقدار 3.9 نقطة، ما ساهم في صعودها خمسة مراكز ضمن هذا المحور لتصل إلى المركز 24. ويأتي هذا التقدّم في ظل تنامي قطاع التكنولوجيا المالية الذي يضم أكثر من 320 شركة تتجاوز قيمتها الإجمالية 3 مليارات دولار، وتشهد توسعاً سريعاً ضمن إطار استراتيجية الاقتصاد الرقمي 2022». وأضاف: «تتجلى آثار هذا التقدّم في الاقتصاد الفعلي، إذ سجّل مؤشر الوصول إلى التمويل في الإمارات قفزة بمقدار 16.6 نقطة. ويؤكّد هذا التقدّم المشترك أن السياسات المعتمدة على التكنولوجيا المالية، والمدعومة بالتعليم وبناء الثقة مع المستهلك، قادرة على تسريع الشمول المالي حتى في ظلّ التحديات الخارجية». محرّك رئيسي للنمو الاقتصادي تعكس الدرجات المرتفعة التي حققتها بعض الدول في مجال التثقيف المالي الحكومي، أهمية هذا الجانب، ولا سيما في ضوء تركيز مؤشر هذا العام على العلاقة بين الثقافة المالية وانخفاض معدلات تعثّر ديون الأسر، باعتبارها مؤشراً مبكراً على النمو الاقتصادي المستدام. فبالنسبة للإمارات، يعكس حصول الدولة على المركز السادس عالمياً في مجال التثقيف المالي الذي تقدّمه الحكومة، التزاماً وطنياً واضحاً بتعزيز وعي الأسر وقدرتها على إدارة شؤونها المالية. ويشير المؤشر، مع وصول مستوى الثقافة المالية حالياً إلى 32%، إلى أن رفعه إلى 50% قد يسهم في زيادة النمو التراكمي للناتج المحلي الإجمالي بمقدار 0.5 نقطة مئوية بين عامي 2026 و2029.