قبل سنوات، أدركت الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة أن المستقبل لن يُصنع بالمشروعات الكبرى وحدها، بل بالأفكار الصغيرة التي تملك الشجاعة لتكبر، وأن كل فكرة واعدة يمكن أن تتحول إلى مشروع ناجح، وكل شاب أو شابة لديهم حلم يمكن أن يكونوا نواة لاقتصاد أكثر ابتكارًا ومرونة. ومن هنا، بدأت قصة الهيئة مع ريادة الأعمال، رحلة إيمان، وتخطيط، وعمل مستمر لتمكين جيل من المبدعين وصنّاع الفرص. البداية: الإيمان بقوة الفكرة لم يكن دعم ريادة الأعمال مجرد برنامج داخل الهيئة، بل أصبح قناعة مؤسسية. انطلقت الهيئة من رؤية واضحة: أن رواد الأعمال هم محرك التنمية، وأن دعمهم يعني الاستثمار في المستقبل. ومن هذا الإيمان، صمّمت الهيئة منظومة متكاملة تساعد المبتكرين في كل خطوة من رحلتهم، من لحظة ولادة الفكرة وحتى لحظة التوسع والنجاح في الأسواق المحلية والعالمية. فكرتك شركتك: من فكرة إلى واقع في قلب هذه الرحلة، تأسس مركز "فكرتك شركتك" ليكون بيتًا لكل صاحب فكرة وطموح. هنا يجد الشاب الدعم، والتوجيه، والبيئة التي تؤمن به قبل أن يؤمن به السوق. يقدّم المركز الإرشاد الفني والقانوني، ويربط المبتكرين بالتمويل المناسب، ويمنحهم أدوات تساعدهم على تحويل أفكارهم إلى مشروعات حقيقية. ومن خلال شراكات مع الجامعات والمؤسسات التعليمية، بدأ المركز يبني ثقافة ريادة الأعمال من الجذور بين طلاب الجامعات في مختلف المحافظات. اليوم أصبحت أرقام "فكرتك شركتك" شاهدة على حجم الأثر: أكثر من 150 ألف شاب وشابة استفادوا من برامجه. 4500 جلسة إرشاد قادت أفكارًا كثيرة إلى مسار النجاح. أكثر من 1000 دورة تدريبية و300 معسكر ريادي ساعدت المبتكرين على اكتشاف قوتهم الحقيقية. وراء كل رقم قصة، ووراء كل قصة حلم تحوّل إلى مشروع، ومشروع تحوّل إلى مصدر فخر. الوحدة الدائمة لريادة الأعمال: محطة التمكين الجديدة ومع اتساع حركة الريادة في مصر، أدركت الهيئة أن المطلوب ليس فقط دعمًا معرفيًا، بل منصة مؤسسية مستدامة.هنا جاءت الوحدة الدائمة لريادة الأعمال والشركات الناشئة لتكون نقطة تجمع كل الخيوط. داخل مقر الهيئة، أصبح للوحدة مقر دائم ومسار سريع لتأسيس الشركات الريادية، دون رسوم إضافية، بخطوات إلكترونية بسيطة، وبإشراف مباشر من فرق متخصصة. أطلقت الوحدة المنصة الإلكترونية الموحدة التي تتيح لرواد الأعمال الوصول إلى كل ما يحتاجونه من خدمات، وتعمل على تطويرها باستمرار لتصبح شريكًا رقميًا في رحلة كل شركة ناشئة. ولأن التمكين الحقيقي لا يتوقف عند الإجراءات، تقوم الوحدة بتشبيك الشركات الناشئة بالمستثمرين المحليين والدوليين، لتتحول أحلام الشباب إلى قصص نجاح عابرة للحدود. منصة وطنية بتنسيق حكومي شامل وفي عام 2024، جاء القرار الذي وحّد الجهود ورفع سقف الطموح: تأسيس المجموعة الوزارية لريادة الأعمال برئاسة وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، وعضوية الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة. لم يكن الهدف إنشاء كيان جديد، بل بناء مظلة وطنية تنسّق الجهود وتجمع الوزارات والجهات المعنية في رؤية واحدة. ومن خلال الأمانة الفنية المشتركة بين وزارة التخطيط والهيئة، أصبحت السياسات أكثر تكاملًا، والبرامج أكثر تأثيرًا، والبيئة التشريعية أكثر توافقًا مع طبيعة الشركات الناشئة. رؤية مستمرة.. نحو اقتصاد قائم على الإبداع من خلال هذه الجهود، تحوّلت الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة من جهة تنظيمية إلى شريك استراتيجي لرواد الأعمال، ومن مؤسسة حكومية إلى منصة وطنية لصناعة المستقبل. تؤمن الهيئة اليوم أن كل مشروع ناشئ هو لبنة في بناء اقتصاد جديد، اقتصاد يقوم على المعرفة، والابتكار، والشراكة بين الدولة والقطاع الخاص. وفي كل مبادرة تُطلقها، وكل شركة تُؤسَّس من خلالها، تضع الهيئة هدفًا واحدًا نصب عينيها:أن تكون مصر مركزًا إقليميًا لريادة الأعمال، وأن يجد كل رائد أعمال في بلده البيئة التي تحتضن فكرته وتحتفي بنجاحه.