«ساينس ألرت» تعرف التنبؤات الجوية بأنها غير دقيقة، وأن النمذجة المناخية أكثر تعقيداً وتقلباً، ومع ذلك، تمكن العلماء مؤخراً من تحقيق قفزة كبيرة في قدرتهم على توقع ما قد تواجهه الأرض من تغيرات طبيعية، بفضل نماذج أكثر دقة وزيادة هائلة في قوة الحوسبة. وفي أحدث إنجاز علمي، طور باحثون بمعهد ماكس بلانك في ألمانيا نموذجاً بدقة 1.25 كيلومتر لكل خلية نموذجية، يجمع بين التنبؤ بالطقس قصير المدى والنمذجة المناخية طويلة المدى.يغطي النموذج كامل سطح الأرض والبحار، بما يقدر بنحو 336 مليون خلية أرضية وغلاف جوي، أي ما مجموعه 672 مليون خلية محسوبة بدقة ولكل خلية، يجري الباحثون محاكاة ديناميكية للأنظمة الطبيعية، مقسمة إلى عمليات سريعة وبطيئة.تشمل العمليات السريعة الطقس ودورات الطاقة وحركة المياه، والتي تحدث خلال دقائق أو ساعات، بينما تشمل العمليات البطيئة دورة الكربون والتغيرات البيئية والمحيطية على مدى سنوات وعقود. ويكمن الإنجاز الأكبر في الدمج بين هذين النظامين في نموذج واحد، وهو ما لم يكن ممكناً سابقاً إلا بدقة منخفضة تتجاوز 40 كيلومتراً.اعتمد الفريق على نموذج من تطوير معهد ماكس بلانك للأرصاد الجوية وخدمة الأرصاد الألمانية، مع تحديث برمجي متقدم باستخدام إطار البرمجة المتوازية المرتكزة على البيانات، ما جعل نموذج فورتران القديم متوافقاً مع الحواسيب الحديثة، أما على صعيد الأجهزة، استخدم الباحثون حواسيب عملاقة في ألمانيا وسويسرا مزودة بشرائح GH200 جريس هوبر من شركة إنفيديا وشرائح ARM جريس، وتم توزيع المهام الحسابية بحيث تتولى وحدات معالجة الرسوميات العمليات السريعة، بينما تتولى وحدات المعالجة المركزية متابعة العمليات البطيئة، وهذا التوزيع مكّن الفريق من محاكاة 145.7 يوماً من الطقس والمناخ في يوم واحد فقط، باستخدام نحو 20,480 شريحة معالجة.ورغم هذا التقدم الهائل، يظل النموذج بعيداً عن الاستخدام في محطات الأرصاد المحلية بسبب متطلبات القوة الحاسوبية الضخمة. ومع ذلك، يبرز هذا الإنجاز كقفزة نوعية في فهم التغير المناخي، إذ يتيح تتبع العمليات البيئية بدقة غير مسبوقة.