على عجل، تم تحديث صفحة تعريفية عن نائب رئيس هندسة الأجهزة في شركة «أبل» الأمريكية العملاقة، جون تيرنوس، على موقع «ويكيبيديا»، وذلك بعد ساعات من تقرير لصحيفة فاينانشال تايمز يتحدث عن قرب اختياره لتسلم دفّة قيادة «أبل» من تيم كوك. وكانت شائعات سرت قبل أكثر من شهر ونقلتها «بلومبيرغ» عن تيرنوس، المرشح الأقوى لخلافة كوك، وأن الشركة تُقوم بهندسة أهمّ انتقال قياديّ لها منذ أكثر من عقد. ومع إتمام تيم كوك الخامسة والستين مطلع شهر نوفمبر، يرى مراقبو الصناعة والمطلعون على شؤون أبل بشكل متزايد أن تيرنوس هو المرشح الأوفر حظًا لتوليّ زمام الأمور في إحدى أكثر شركات التكنولوجيا قيمة في العالم. العقبة الأخيرة أمام وصول تيرنوس، كانت تتمثّل بجيف ويليامز، الرئيس التنفيذي للعمليات في أبل، والذي كان يُعتبر في السابق الخليفة الطبيعي لكوك، ولكنه أعلن خلال شهر يوليو الماضي أنه سيتنحى عن مسؤولياته التشغيلية في الشركة وسيغادرها بنهاية العام. ومع خروج ويليامز من المنافسة، يبقى الخيار الأقوى لوريث كوك الأوفر حظًا تيرنوس. وشهدت أبل هذا العام سلسلة تغييرات بارزة داخل فريقها التنفيذي، فبالإضافة إلى خروج ويليامز، تنحّى لوكا مايستري، المدير المالي وأحد أقرب التنفيذيين من كوك، عن منصبه في مطلع 2025. جون تيرنوس ومن شأن تيرنوس أن يُضيف مزيجا من الخبرة التقنية والمعرفة المؤسسية. وفقا لملفه الشخصي على لينكدإن، انضم المهندس الميكانيكي إلى فريق تصميم منتجات أبل في عام 2001 وأشرف على هندسة الأجهزة لجميع المنتجات الرئيسية تقريبا في محفظة الشركة الحالية. بصماته واضحة على كل جيل من أجهزة آيباد، وأحدث تشكيلة من أجهزة آيفون، وسماعات إيربودز. ولعب دورا حاسما في انتقال أجهزة «ماك» إلى التشغيل برقائق أبل. كما كان له دوره البارز خلال أحدث العروض التقديمية لشركة أبل، حيث قدم منتجات مثل «آيفون إير» الجديد. لم يكن توقيت زيادة ظهور تيرنوس مصادفة، فهو وإن كان قد شارك في طرح منتجات جديدة منذ 2018، إلا إن فرق العلاقات العامة في «أبل» تقوم الآن بتسليط الضوء أكثر على تيرنوس، بحسب «بلومبيرغ». إلى جانب إطلاق المنتجات، تولى تيرنوس مسؤوليات تتجاوز بكثير هندسة الأجهزة التقليدية، حيث أثرت على خرائط طريق المنتجات وميزاتها وقراراتها الاستراتيجية التي عادةً ما تكون حكرا على كبار المديرين التنفيذيين. من هو تيرنوس؟ نال جون تيرنوس درجة بكالوريوس العلوم في الهندسة، متخصّصا في الهندسة الميكانيكية، من جامعة بنسلفانيا عام 1997. وخلال فترة دراسته في الجامعة شارك في فريق السباحة للرجال. انضمّ إلى فريق تصميم المنتجات في أبل عام 2001. وفي عام 2013 عُين نائبا لرئيس هندسة الأجهزة تحت إدارة دان ريتشيو. وفي عام 2020 أُسندت إليه أيضا مسؤولية أجهزة آيفون، وهي مهمة كانت سابقًا تحت الإشراف المباشر لدان ريتشيو. في 25 يناير 2021 رُقِي تيرنوس إلى منصب النائب الأول لرئيس هندسة الأجهزة في أبل خلفا لدان، كما تولّى في أواخر عام 2022 الإشراف على هندسة «ساعات أبل». ومنذ انضمامه إلى أبل، ظهر تيرنوس في مؤتمر أبل العالمي للمطورين مقدِمًا طُرُزًا جديدة من أجهزة «ماك» و«آي باد»، بما في ذلك تحديثات 2018 و2019. ومنذ ذلك الحين أصبح من الوجوه المألوفة في فعاليات أبل وعروضها التقديمية. رغم أنه الأصغر سناً في فريق القيادة التنفيذية لشركة «أبل» برئاسة كوك، يحظى تيرنوس بتقدير واسع، لما يتمتع به من شخصية كاريزمية. خطة تنحي كوك وتكثّف شركة آبل استعداداتها لمرحلة ما بعد تيم كوك، مع بدئها تنفيذ خطة انتقال إداري قد تُفضي إلى تنحيه عن منصب الرئيس التنفيذي بدايةً من العام المقبل، وفقا لـ«فاينانشال تايمز». وبحسب مصادر الصحيفة، فإن مجلس إدارة أبل وكبار مسؤوليها عززوا خلال الأسابيع الأخيرة جهودهم للتحضير لانتقال القيادة داخل الشركة التي تبلغ قيمتها السوقية قرابة 4 تريليونات دولار، بعدما أمضى كوك أكثر من 14 عاما على رأسها. ويؤكد مقرّبون من الشركة أن هذه الخطوة المخطّط لها منذ وقتٍ طويل لا ترتبط بأداء أبل الحالي، الذي يستبق موسم مبيعات قوي متوقع لأجهزة آيفون خلال نهاية العام. تيم كوك وتشير التوقعات إلى أن الشركة لن تكشف عن اسم الرئيس التنفيذي الجديد قبل إعلان نتائجها المالية أواخر يناير المقبل، وهي النتائج التي تضم موسم العطلات الذي يشهد مبيعات قوية لأجهزة الشركة. ويرى مراقبون أن الإعلان في مطلع العام سيمنح فريق الإدارة الجديد الوقت الكافي للاستعداد لفعاليات الشركة الكبرى، ومنها مؤتمر المطورين في يونيو والإطلاق السنوي لهواتف آيفون الجديدة في سبتمبر 2026. قاد كوك، أبل منذ عام 2011 بعد أن تولى المسؤولية من المؤسس الراحل ستيف جوبز. وخلال مدة قيادته، ارتفعت القيمة السوقية للشركة من نحو 350 مليار دولار لتشكل المثلث الذهبي للشركات التي تتخطى قيمتها 4 تريليونات دولار، مع «إنفيديا» و«مايكروسوفت». ميزات تيرنوس ويُنظر إلى اختيار تيرنوس بوصفه عودة إلى قيادة تأتي من القطاع العتادي المسؤول عن الأجهزة داخل الشركة، في وقت تسعى فيه أبل إلى تقديم فئات جديدة من المنتجات وتعزيز موقعها في سباق الذكاء الاصطناعي أمام منافسيها في وادي السيليكون. وكان كوك قد عبّر في مناسبة سابقة عن تفضيله اختيار شخصية من داخل الشركة لخلافته، مشيرا إلى امتلاك آبل «خططًا مفصلة للغاية لعملية الانتقال». برز اسم تيرنوس بنحو أكبر خلال الانتقال التاريخي في الشركة إلى المعالجات الخاصّة بها بدلًا من شرائح إنتل، وهو مشروع وصفه مراقبون بأنه من أكثر التحولات التقنية جرأة في تاريخ «أبل». ونال تيرنوس إشادة واسعة داخل الشركة بفضل إدارته الدقيقة التحديات التقنية وضمان انتقال سلس يُعزّز استقلالية «أبل» عن مورّدي المعالجات التقليديين. جون تيرنوس يتمتع تيرنوس بإدارة هادئة ونهج عملي يشبه إلى حد ما أسلوب تيم كوك، فيما يرى محللون أن خبرته العميقة في العتاد تمنح أبل فرصة لإعادة التركيز على الابتكار الملموس بوجه المنافسة الشرسة في مجال الأجهزة المستقبلية. وتشير تقارير إلى أن تيرنوس يحظى بثقة كبيرة من مجلس الإدارة، خاصةً بعد نجاحه في دفع الفرق الهندسية إلى الحفاظ على وتيرة تطوير مستقرة في ظل الظروف الجيوسياسية العالمية وتقلبات سلاسل الإمداد. يبقى العامل الحاسم في ترشيح تيرنوس هو المزيج الفريد الذي يقدمه، بين الخبرة التقنية العميقة مع قدرة قيادية مثبتة، وعمر مناسب، 50 عاما، وهو تقريباً نفس عمر كوك عندما تولى منصب الرئيس التنفيذي عام 2011. توازن يجعل تيرنوس يتقدم على أسماء أخرى قد تكون مطروحة للخلافة.