الارشيف / عرب وعالم / الامارات / صحيفة الخليج

تدوير القيادات المدرسية.. إجراء تطويري لا يروق للبعض

تحقيق: محمد إبراهيم

التطورات في قطاع التعليم متوالية لا تهدأ ولا تتوقف، في مختلف نواحي العملية التعليمية، فتارة تحاكي القيادات المدرسية، وأخرى تخاطب المعلمين والكوادر الفنية والإدارية، وثالثة تركز على الطالب ومعه ولي الأمر، لنرى أن عملية التطوير متغيرة ومتسارعة، وينبغي أن يقابلها إعادة تدوير الكفاءات والمهارات لمكونات الميدان التربوي كافة لمواكبة المستجدات والاستفادة من جميع الممكنات.

ولكن على الرغم من أن تدوير مديرات المدارس يشكل اتجاهاً وإجراء تطويرياً مهماً، إلا أنه لا يروق لشريحة كبيرة من القيادات النسائية في الميدان التربوي، إذ يرفضنه جملة وتفصيلاً، معتبرات أن مدارسهن الإرث الحقيقي لهن، ولا يجوز أن ينتقلن لمكان آخر.

في المقابل تساءلت معلمات وتربويات عن أسباب عدم وجود آليات ثابته لتدوير «مديرات المدارس» وفق حركة تنقلات مدروسة ومنتظمة، لاسيما أن معظمهن قضين في القيادة المدرسية أكثر من 15 عاماً، واتخذت بعض المديرات «المحاباة» مبدأ في التعامل، لافتقارهن إلى الشفافية في تقييم المعلمات، مطالبات بتدوير المديرات كل 5 سنوات على الأقل وفق خطة تحصر إنجازاتهن، وتوظفها في مدارس أخرى جديدة.

ويرى خبراء التعليم أهمية وضع آليات جديدة لتدوير مديرات ومديري المدارس، والكوادر التربوية كافة في الميدان التربوي، ومواءمتها مع قانون الموارد البشرية ولوائح وفق المستجدات والمتغيرات المشهودة في مجتمع التعليم.

وأفاد عدد من المستشارين في الموارد البشرية، بأهمية حركة التدوير الوظيفي في مجتمعات العمل، لاسيما في مجتمع التعليم، إذ يعد أداة فعالة ومؤثرة، وركيزة ديناميكية لتطوير العمل وتجديد بيئته، ومواكبة المتغيرات، وضخ دماء جديدة لإحداث التميز في الأداء، وتجنب المحسوبيات، وتقليص تدني الإنتاجية وتحقيق جودة المخرجات.

«الخليج» تناقش مع الميدان التربوي مدى أهمية وجود خطة منتظمة لتدوير مديرات المدارس الحكومية، للاستفادة من خبراتهن وقدراتهن، مما ينعكس على جودة التعليم وتميز المخرجات.

حالة من السكون

البداية كانت مع رصد «الخليج» للميدان التربوي، إذ تبين وجود حالة من السكون في حركة تنقلات القيادات المدرسية «الحكومية»، إذ إن هناك مديرات يتولين قيادة مدارسهن منذ 20 عاماً من دون أن تشملهن أي حركة تنقلات، وفي المقابل وجدنا البعض القليل ممن انتقلن إلى مدارس أخرى مطورة ليستكملن مسيرتهن التربوية.

في المقابل كانت مسألة تدوير مديرات ومديري المدارس «الخاصة»، أمراً صعباً لاسيما أن هناك بعض المدارس الخاصة التي لم يتوفر لديها مدير أو مديرة حتى الآن لأسباب قد تكون متنوعة ولكن النتيجة واحدة.

المعطيات المتوفرة تؤكد ضرورة وضع آليات جديدة لتدوير قيادات الصف الأول والثاني في المدارس، وجميع الفئات في الميدان التربوي، وفق معايير ونصوص تخدم العملية التعليمية والعاملين في مجتمع التعليم، لاسيما أن تدوير الكوادر التربوية تعد من أهم العمليات التي تصب في مصلحة الميدان، وتشكل فرصة حقيقية لنقل الخبرات وتبادلها تحت مظلة المنظومة التربوية، وهو إجراء تربوي مشروع، يهدف إلى المصلحة العامة ورفد الميدان بالأفكار والخبرات، ومنح الطاقات الكامنة فرصة الإبداع في مختلف المجالات التربوية.

تباينت الآراء

وفي التواصل مع عدد من مديرات المدارس «فضلن عدم ذكر أسمائهن»، تباينت آراؤهن حول عملية التدوير، إذ رفض فريق ورحب الآخر بعملية تنقلات قيادة الصف الأول والثاني في القيادة المدرسية، حيث أكدت «م.ا، آ.ح، س.م» أنهن يعملن في الميدان منذ 10 سنوات، تم خلالها انتقالهن إلى أكثر من 3 مدارس مختلفة في مناطق متعددة.

وأكدن أن عملية التدوير تسهم في تجديد النشاط التعليمي، ومفيدة جداً إذا ركزت على تدوير الخبرات بجدية، وفق معايير ممنهجة تطبق على مديرات المدارس وقيادات الصف الثاني في مرحلة بعينها، تراعي تنفيذ التنقلات في المرحلة الدراسية ذاتها، فلا يجوز أن نستعين بمديرات المرحلة الابتدائية، لإدارة مدارس المرحلة الثانوية، حيث إنهن يفتقرن لطبيعة وماهية تلك المرحلة ومساراتها ومناهجها وطبيعتها.

وأضفن أنه ليس هناك مانع من نقل المديرة ذات الكفاءة للاستعانة بها في تطوير ورفع مستوى أداء الطالبات والمعلمات، وفي العملية التعليمية واجب وطني، ينبغي أن يحترمه الجميع.

سلاح ذو حدين

في المقابل رفضت بعض مديرات المدارس بشدة فكرة حركة التدوير، حيث بذلن جهوداً كبيرة في تطوير مدارسهن خلال سنوات كثيرة، وعملن على إظهارها بالمظهر اللائق، ونهضن بمخرجاتها، فكيف يكافأن بالنقل، لتأتي مديرة جديدة تحصل ما زرعت الأخريات، ليبدأن من جديد في إصلاح مدارس أخرى.

أجمعت آراء كل من «م.ح،س.أ، ص.ع» على الرفض التام لعملية التدوير، حيث أكدن أن غياب التقدير المعنوي للمديرة الطموحة أمر له تداعياته السلبية، ومن ذلك مثال شمولها بالتدوير إلى مدرسة غير مناسبة، بما يمكن اعتباره نوعاً من العقاب النفسي، ويجب أن يكون التدوير من أجل التطوير والتجديد والإبداع، ويطبق وفق ضوابط معينة، حيث إن قرارات التدوير العشوائية تجعل مديرات الخبرة، يفكرن جدياً في طلب التقاعد المبكر، وبذلك سوف يخسر الميدان خبرات إدارية جيدة كانت تتحرك بتميز وفاعلية.

وأضفن أن التدوير سلاح ذو حدين، إذ إن هناك مدارس متدنية الأداء وأخرى متقدمة، وهنا يكون التدوير إيجابياً حين يتم نقل الكفاءات والخبرات إلى المدارس المتدنية، للارتقاء والاستفادة من الطاقات التي تم تدويرها، لكن في الوقت ذاته، كيف تحافظ المديرات غير المميزات على إنجازات الأخريات.

مرحلة التطوير

في المقابل أجمعت آراء المعلمات «حصة.أ، هدى.ع، أسيل.ا، حمده.س»، على أن تدوير مديرات المدارس، ضرورة ملحة تحتاج إليها مرحلة التطوير التي يشهدها التعليم في ، لما تحمله من آثار إيجابية تنعكس على المعلم ومخرجاته، وتضمن في الوقت نفسه الفكر المتجدد والإبداع المستمر من المديرات لإثبات الذات، للنهوض بمستوى مدارسهن من خلال تطوير أساليب التقييم وتدريب المعلمين، وتقليص حالات الانحياز والمحاباة، التي تشهدها بعض المدارس.

وأضفن أن مديرة المدرسة المتميزة، تستطيع أن تبدع في أي مدرسة تنتقل إليها، والواجب الوطني يحتم عليها، بذل المزيد من الجهد للنهوض بأبناء الوطن من خلال المساهمة الفاعلة في مسيرة التطوير، والمدارس الحكومية ليست ملكاً لشخص بعينه، وحق الوطن يفرض علينا جميعاً المساهمة بفاعلية في تشييده.

وأكدن أن فكرة تدوير المديرات لها أبعاد إيجابية، تتضمن التجديد المستمر لمواكبة المتغيرات التعليمية، والبعد عن الروتين، وهي ظاهرة صحية في الغالب يتم خلالها نقل الخبرات الموجودة من مدرسة إلى أخرى.

مجتمعات العمل

مستشار التنمية البشرية أميمة حسين، أكدت أن التدوير الوظيفي عملية يتم من خلالها تبادل الكوادر بين الأدوار أو الوظائف المختلفة داخل نفس المؤسسة، ويمكن أن يكون التبادل مؤقتًا أو دائمًا، وهناك العديد من الفوائد لحركة التدوير الوظيفي في مجتمعات العمل، أبرزها الارتقاء بمستوى المهارات والقدرات، إذ تمكن عملية التدوير الكوادر من تطوير مهاراتهم واكتساب قدرات جديدة، فضلاً عن تحسين الرضا الوظيفي عند الشعور بمزيد من التحدي والتحفيز في العمل.

توظيف الخبرات

يرى الدكتور أحمد عيد مستشار الرعاية النفسية أن التدوير الوظيفي أمر إيجابي وفوائده كثيرة، والأهم من وجهة نظري نمط وشخصية المدير أو المديرة، وينبغي أن تكون لحركة التنقلات شروط وضوابط ومعايير، وأسس مدروسة، تبلور فكرة توظيف الخبرات والكفاءات في الميدان التربوي، ومراعاة الخبرات المتنوعة وفقاً للمراحل العمرية المختلفة، فخبرة العمل في رياض الأطفال تختلف عنها في الثانوي ليس فقط على مستوى الطلبة، بينما في تنوع التخصصات العلمية والتربوية.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا