قال خبيران اقتصاديان إن الولايات المتحدة تحملت عبء الاستهلاك العالمي لأمد طويل، وباعتبارها أكبر مستورد في العالم، ومصدر الاحتياطي النقدي العالمي وسوق الملاذ الأخير، اتسعت أميركا لفائض رأس المال العالمي لأجيال، حيث عززت معدل النمو العالمي وساعدت على انتشال 700 مليون صيني من براثن الفقر وتكبدت ديوناً فلكية. ووفقاً للمدير الإداري للاستثمارات في شركة «إيه آي إنفراستركشر بارتنرز»، ديمون بيتلر، ورئيسة مركز القوة الاقتصادية والمالية في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إيلين ديزينسكي، فإن حرب الرسوم الجمركية التي تقوم بها إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تهدف إلى إيقاظ الأميركيين من عقود من القيادة بنظام الطيران الآلي الاقتصادي. وأكد الخبيران في تقرير نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، أن أميركا لا يمكنها تجنب فك الارتباط مع الصين، موضحين أنه بينما كان الأميركيون يغطون في النوم، نظمت الصين علناً خفضاً منهجياً لسعر الصرف على مدار عقود، لتمويل ازدهار صناعي عسكري مقحم وغير مربح، وقد حان وقت مواجهة هذا التلاعب. وأضافا أن اعتماد الصين على مثل هذه التكتيكات أخل بالتجارة العالمية وتوازنات رأس المال على حساب الأسر الصينية، لكن بالنسبة للأميركيين ضخمت تدفقات رؤوس الأموال الغزيرة من قيمة الأصول بالنسبة للأثرياء، بينما فرضت ضغطاً مالياً على العمال العاديين، الذين يكافحون لمواكبة ارتفاع تكاليف المعيشة، وبات الأمن الاقتصادي القومي للأميركيين في خطر، مشيرين إلى أنه ما لم تتم مواجهة غياب التوازن هذا، تخاطر اقتصادات السوق الحر باحتمال حقيقي للركود والتلاشي. وقال الخبيران إن «لحظة المواجهة الاقتصادية العالمية، لاسيما بين واشنطن وبكين، قد جاءت وليس في لحظة مبكرة رغم الحذر الشديد بشأن مسألة الحد من المخاطر، ونواجه الآن الواقع المحتوم، حيث لابد أن نفك الارتباط مع الصين، لقد تراجعت اليابان أولاً في مسألة رفع معدل الفائدة وبيع السندات السيادية الأجنبية وإعادة الاستثمار محلياً». وذكرا أنه ليس هناك أدنى شك أنها لن تكون رحلة مريحة، ولمواجهة اللحظة تواجه الولايات المتحدة إشكالية الموازنة بين تنشيط التصنيع والكبح المالي (أي إبقاء معدل الفائدة منخفضاً بشكل مصطنع). وبيّن الخبيران أن هيمنة الدولار هي السلاح الأعلى قيمة، فليس هناك دولة أخرى تقدم جاذبية الرخاء والوصول المجاني إلى أسواق رأس المال، ورغم ذلك فإن قصة هيمنة الدولار هي غطرسة إمبريالية أدت إلى القيود الاقتصادية الحالية التي تعانيها الولايات المتحدة، بحسب الخبيرين. وكانت إدارة نيكسون استحدثت، في سبعينات القرن الماضي، سياستها الاقتصادية الجديدة وأقامت علاقات دبلوماسية مع الصين، وكان هناك في العقود التالية إنتاج صيني منخفض الكلفة في مقابل الإنتاجية التصنيعية الأميركية، ولدى تلاشي الحرب الباردة نمت التجارة العالمية، كما نما حجم تداول الدولار الأميركي والطلب عليه. وقبل حقبة السبعينات، ظل العالم يعمل في ظل اتفاقية «بريتون وودز»، التي ربطت معدل الفائدة الثابت لدى الدول بالثقة الكاملة والائتمان للدولار، عندما كانت قيمة أوقية الذهب 35 دولاراً، ورغم ذلك على العكس من اتفاقية «بريتون وودز»، لم تجتمع أي مجموعة من الدول للاتفاق على نظام الدعم الأميركي للاستهلاك المدفوع بالعجز الذي نشأ في أعقابه. وذكر بيتلر وديزينسكي أنه علاوة على ذلك، لم توافق أي مجموعة من الدول قط على خفض الصين التكتيكي والتخريبي لقيمة عملتها، الذي يخل بتوازنات التجارة وحساب رأس المال، ما أدى إلى انعدام التوازن التجاري الضخم الذي يشهده العالم اليوم. يشار إلى أن المستوردين الأميركيين يشهدون ارتفاعاً حاداً في الكلفة، جراء إلغاء رحلات الشحن البحرية من الصين، مع استمرار تأثير الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب على بكين. تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news Share فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App