ليس من المستغرب أن تكون منطقة الأمازون ملوثة بالزئبق، ففي هذه المنطقة، حيث تكافح أعظم ثروة طبيعية من أجل البقاء في مواجهة تغير المناخ، يوجد ما لا يقل عن 2312 موقعاً تُستخرج فيها المعادن بشكل غير قانوني، وذلك وفقاً لبيانات «شبكة الأمازون للمعلومات» الاجتماعية والبيئية الجغرافية المرجعية.
وفي هذه المواقع، يتسرب الزئبق في البيئة بانتظام، ومن هذه النقطة تبدأ رحلة طويلة، وكما تُظهر البيانات، التي نشرتها أخيراً «منظمة فرانكفورت لعلم الحيوان» في كولومبيا، فإن هذا العنصر الكيميائي يمر عبر مجتمعات السكان الأصليين في مناطق تُعتبر نائية، وليست بالضرورة محاطة بالتعدين.
الزئبق والسكان الأصليون
وتقول مديرة «منظمة فرانكفورت لعلم الحيوان» في كولومبيا، إسبيرانزا غوميز، إن «الزئبق متقلب للغاية، وتأثيره أوسع مما يعتقد الناس».
وبعد دراسة أكثر من 1200 عينة من الأسماك، من عام 2023 حتى فبراير 2025، جمعها أعضاء محميات السكان الأصليين، «موكاجوا» و«إل إيتيلا» و«لافيكتوريا»، وجدت المنظمة البحثية أن بين 10 و28% من الأنواع التي تم تحليلها تحتوي على تركيزات زئبق أعلى من توصيات منظمة الصحة العالمية، في وقت لم يتم فيه إجراء تحليل مماثل من قبل في هذه المجتمعات التي تعتبر «نائية»، وتستفيد من درجة معينة من الحماية.
ويقع نهر «إيتيلا»، على سبيل المثال، في بلدية «كالامار» بمقاطعة «غوافياري» الجنوبية الوسطى، وهو يتداخل تماماً مع منتزه «سيرانيا دي تشيريبيكيت الوطني»، في أقصى نقطة شمالية له، كما يقع نهر «لافيكتوريا» بين المنطقة المحمية نفسها، و«متنزه يايغوجي أبابوريس الوطني»، فيما يمر نهر «موكاجوا» عبر «منتزه أماكاياكو الوطني الطبيعي»، على نهر الأمازون.
كان هدف الدراسة في البداية استكشاف أساليب الصيد واستهلاك الأنواع بشكل أفضل في كل مجتمع، وظهرت فكرة قياس مستويات الزئبق في الأسماك خلال العملية.
وتوضح غوميز: «كان هذا السؤال تحديداً الخاص بمستويات الزئبق، فانتهزنا الفرصة لبدء نقاش حول التلوث، فكلما ازداد اعتمادك على الصيد لتحقيق الأمن الغذائي، ازداد تعرضك للتلوث».
وأُخذت العينات الأولى في المساكن الجماعية المعروفة بـ«الملوكاس»، ويقول استشاري الموارد المائية الحيوية، لوبيز بينتو، إن الأسماك الطازجة كانت تُحضر إلى هذه المنطقة السكنية، وبهذه الطريقة، تمكن الجميع من مشاهدة كيفية استخراج «قطعة» من السمك، ووضع علامات عليها، وتخزينها، ويضيف: «كان من الضروري إبلاغ المجتمعات، وتمكينها، عند الضرورة، من أخذ عينات من السمك».
في الصباح انتظر الفريق وصول الصيادين من رحلاتهم الأولى، وخلال النهار، زاروا أيضاً بعض المنازل لأخذ أجزاء من الأسماك التي اصطادوها في الليلة السابقة، ثم خزّن الباحثون العينات وأرسلوها إلى مختبرات في جامعتي «قرطاجنة» و«قرطبة» شمال كولومبيا، ليعُثر على أعلى مستويات الزئبق في أسماك محمية «لافيكتوريا»، بينما عُثر على أدنى مستوياته في محمية «موكاغوا».
إلا أن أكثر ما أثار اهتمام العلماء كان حالة محمية «إيل إيتيلا». ومن بين المحميات الثلاث، تُعتبر هذه المحمية الأبعد عن أي تعدين (على الأقل أنشطة التعدين التي تم تحديدها)، ومع ذلك، يوجد تركيز من الزئبق في الأسماك.
مقدار التسمم
لدى الباحثين فرضية مفادها أن محمية السكان الأصليين محاطة بمنطقة تعرضت لإزالة كبيرة للغابات، كما أن فقدان الأشجار، لاسيما بسبب الحرائق، يُطلق الزئبق أيضاً.
وتقول غوميز التي لاتزال تُصر على أن هذا افتراض: «هذه العلاقة بين فقدان الغطاء النباتي والزئبق ليست شيئاً قسناه في هذه الحالة، لكن تم الإبلاغ عنها في الدراسات»، ويتطلب إيجاد علاقة سببية مزيداً من الدراسات، إضافة إلى الإجابة عن سؤال آخر: ما مقدار التسمم بالزئبق الذي يعاني منه سكان المحميات؟.
ما يعرفه الباحثون هو أن الأنواع ذات أعلى تركيزات من الزئبق هي في الواقع تلك التي تتغذى على الأسماك الأخرى، والتي يزيد طولها على 13 بوصة، مثل أسماك الـ«بيرانا» و«مارلن»، و«بايارا» و«كورفينا».
وعلى الرغم من أن بعضها جزء من النظام الغذائي المعتاد في المحميات، فإنها ليست الأسماك الأكثر استهلاكاً، وتضيف غوميز: «لحسن الحظ، في المناطق الثلاث التي نعمل فيها، لايزال السكان يأكلون عدداً كبيراً من الأنواع المختلفة، وذلك تحديداً لأنهم لم يفقدوا مهاراتهم في الصيد».
ما تعنيه هو أنه إذا تم الحفاظ على أساليب الصيد، مثل تقنيات الغوص أو الفخاخ، فإن تنوع الأسماك التي يتم صيدها يكون أكبر، وعندما يأكل الشخص طعاماً من مصادر مختلفة، فإنه يكون أقل عرضة للتلوث بالزئبق، وهذا نوع من الميزة التكيفية التي يتمتع بها السكان الأصليون في الأمازون. عن «إل باييس»
تركيز الزئبق في الأسماك
انعكست المعرفة المكتسبة من هذه التجربة في تصنيف خاص لكل محمية من المحميات الثلاث، واستعرض الباحثون الأنواع التي تم أخذ عينات منها وتركيزات الزئبق فيها، في كل محمية، وصُنفت هذه الأنواع بشكل مشابه لإشارة المرور: الأنواع ذات التركيزات العالية تظهر باللون الأحمر، والأنواع ذات التركيزات المتوسطة تظهر باللون البرتقالي، بينما تظهر الأنواع ذات التركيزات المنخفضة باللون الأخضر.
وتقول مديرة «منظمة فرانكفورت لعلم الحيوان» في كولومبيا، إسبيرانزا غوميز: «هذا ليس لإخبار سكان هذه المناطق بما لا يمكنهم تناوله، بل هو بمثابة تذكير لهم بتنوع الخيارات التي توفرها أنهار الأمازون».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.