أكد تقرير «نظرة على الإعلام العربي - رؤية مستقبلية»، الصادر عن نادي دبي للصحافة، في وقت سابق من العام الجاري، أن قطاع البودكاست (التدوين الصوتي) بات من القطاعات الآخذة في النمو التدريجي على خريطة الإعلام العربي في نطاقها الرقمي، مدفوعاً إلى حد كبير بزيادة أعداد المنصات الرقمية، وتغيّر عادات الاستماع لدى المتلقي، ذلك رغم وجود مجموعة من التحديات على الصعيد العربي الأشمل التي تحد من فرص النمو لهذا القطاع الذي لايزال يتلمس طريقه نحو النجاح، وتثقل من خطواته في سعيه نحو تبوؤ مساحةً معتبرة ضمن الصورة الكلية لإعلام المنطقة. ويناقش «دبي بودفست»، التجمع الأكبر لصُنّاع البودكاست في المنطقة العربية، في 30 سبتمبر الجاري، تزامناً مع «اليوم العالمي للبودكاست»، العوامل التي ساعدت هذا القطاع على الانتشار، والمقومات اللازمة لتعزيز حضوره في المشهد الإعلامي العربي، وبما يعكس تمكنه من جذب انتباه شريحة ليست بالقليلة من المتابعين، لاسيما من فئة الشباب الذين يمثلون الجانب الأكبر من جمهور هذا الوافد الإعلامي الجديد، الذي ظهر اسمه للمرة الأولى في صحيفة «الغارديان» البريطانية في 2004، حيث تم اشتقاق مسمى «البودكاست» من دمج اسم جهاز الـ«آيبود» الرقمي، وكلمة «برودكاست» (Broadcast) وتعني «البث». وأورد تقرير نظرة على الإعلام العربي أن شعبية المدونات الصوتية (أو البودكاست) تزداد مع استكشاف المنصات والمبدعين أشكالاً جديدة من الإعلام المسموع، على الرغم من حداثة عهدها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تعمل بعض الشركات العالمية على توطين برامج المدونات الصوتية الخاصة بها، في حين تتوسع أنشطة المبدعين باللغة العربية لتشمل البرامج الحوارية والمسلسلات المكتوبة والمحتوى التعليمي. قوة التفاعل وألمح التقرير إلى أن «البودكاست» يتميز بقلة تكاليف إنتاجه، كما يميزه قوة التفاعل معه، في حين تتيح قنوات جديدة فرصة تحقيق الإيرادات، مثل الرعاية والمحتوى المرتبط بالعلامات التجارية، ما يمثل أمراً بالغ الأهمية بالنسبة لأسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي يتطلع فيها صناع «البودكاست» إلى تحقق إيرادات أعلى في الوقت الذي لايزال فيه الإعلام المسموع التقليدي (البث الإذاعي) مهيمناً على السوق، لاسيما مع تحول شركات البث الإذاعي الكبرى بشكل متزايد إلى الدمج بين البث التقليدي والبث الرقمي، لتعزيز وصولها إلى الجماهير المعتمدة على الهواتف الجوالة والأجهزة الذكية. صناعة المحتوى وأكدت نائب الرئيس العضو المنتدب لمجلس دبي للإعلام رئيسة نادي دبي للصحافة الجهة المنظّمة لـ«دبي بودفست»، منى غانم المرّي، أن المكانة المتقدمة التي تتميز بها دبي كمركز رئيس لابتكار وصناعة المحتوى، ومحور لجهود النهوض بالإعلام العربي ضمن مختلف قطاعاته، لاسيما في بيئته الرقمية سريعة النمو، تجعلها مؤهلة للقيام بدور محوري في دعم نمو وازدهار «البودكاست» في العالم العربي، وأن تكون نقطة انطلاق حقيقية للمبدعين في هذا المجال، أسوة ببقية القطاعات الإعلامية التي وجدت في دبي البيئة النموذجية للتطور والازدهار، لاسيما أنها تتمتع ببنية تحتية رقمية قوية، هي نتاج استثمارٍ واعٍ تركّز على امتلاك أفضلها وأكثرها كفاءة واعتمادية على مستوى العالم، مدعومة برؤية قيادة رشيدة، أدركت قيمة الإعلام وأثره في المجتمع، وحرصت على تحفيز مؤسساته وكوادره بكل المقومات التي تمكّنه من الاضطلاع بدوره في بناء المستقبل. وأشارت المري في معرض حديثها حول فرص تحقيق «البودكاست» مزيداً من النمو عربياً، إلى دور دبي كمركز رئيس للتطوير الإعلامي في المنطقة، وقالت: «نعمل في نادي دبي للصحافة على إمداد صُنّاع (البودكاست) بكل العناصر التي يحتاجون إليها لتحقيق التميز، وذلك عبر مبادرات نوعية تدعم فرصهم في النجاح، ونحن في ذلك نلتزم ترسيخ مكانة دبي مركزاً إعلامياً رائداً قدّم الكثير في سبيل تعزيز قدرات الإعلام العربي، ونعتزّ بأن يكون للنادي إسهامه في هذا السياق، من خلال مبادرات نوعية عديدة، وجهود متواصلة، هدفها دعم فرص تطوّر قطاع الإعلام بشقيه التقليدي والجديد، سواء داخل دولة الإمارات أو على امتداد العالم العربي». مبادرات نوعية ويأتي «دبي بودفست» في سياق سلسلة من المبادرات المهمة التي أطلقها نادي دبي للصحافة دعماً لقطاع «البودكاست»، ومن أبرزها «برنامج البودكاست العربي»، الذي يضم مبدعين من جنسيات عربية عدة، إيماناً بأهمية هذا الشكل الإعلامي الجديد نسبياً، وما ينتظره من فرص كبيرة للنمو خلال المرحلة المقبلة. ويضطلع نادي دبي للصحافة بدور ملموس في إعداد وتطوير وتقديم البرامج والمشاريع والمبادرات التي يركز من خلالها على نقل المعرفة وتبادل الخبرات، وذلك بالتعاون مع نخبة من أهم المؤسسات الإعلامية، وأبرز الكوادر المتخصصة في المنطقة والعالم، إذ يُعد «برنامج البودكاست العربي» أحد أوجه هذه الجهود، وتقول مديرة نادي دبي للصحافة، مريم الملا، إن البرنامج الذي اُختتمت، أخيراً، ثانية دوراته بمشاركة نخبة من المواهب الشابة الطموحة في مجال صناعة المحتوى الصوتي، يواكب التحولات المتسارعة في صناعة الإعلام الرقمي، ويمنح الشباب منصة مبتكرة للتعبير والإبداع وصناعة المحتوى الصوتي بمقاييس عالمية، مشيرةً إلى أن الهدف هو الإسهام في إعداد جيل من صُنّاع «البودكاست» يملك الأدوات التي تمكنه من طرح موضوعات يُعنى بها المجتمع بلغة عصرية وأسلوب مؤثر وجذاب، ودعمهم بالأدوات اللازمة لتعزيز حضورهم محلياً وإقليمياً، بما يسهم في ازدهار هذا القطاع على مستوى العالم العربي. تحوّل مؤثر وفي الوقت الذي تمثل دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية أكثر الأسواق العربية صاحبة الفرص الأوفر لنمو القطاع مع كونها الأكثر إقبالاً على استهلاك «البودكاست»، أشار تقرير «نظرة على الإعلام العربي - رؤية مستقبلية» إلى أن صناعة «البودكاست» ربما تظل حالياً في مراحلها الأولى في العالم العربي بصورة عامة، نظراً إلى وجود تحديات أبرزها مشكلات الاتصال بالإنترنت، ونُظم الدفع، ومحدودية المحتوى المحلي، ما يحد من الفرص الكبيرة الواعدة في هذا القطاع. ومع جمع «دبي بودفست» أهم وأبرز صُنّاع ومنصات «البودكاست» العربية، يترسخ دور نادي دبي للصحافة في تيسير الوصول إلى مصادر المعرفة المهنية والتجارب والخبرات المتميزة، حيث تشكل تلك الميزة إضافة نوعية تدعم فرص النهوض بصناعة «البودكاست» عربياً، وفي هذا الصدد تقول مديرة دبي بودفست مسؤولة تطوير المواهب الإعلامية في نادي دبي للصحافة، محفوظة عبدالله: «انسجاماً مع رؤية دبي لمستقبل الإعلام، يحرص نادي دبي للصحافة على أن يكون مركزاً معرفياً واستراتيجياً لتأهيل وصناعة جيل جديد من الكفاءات القادرة على قيادة التحولات الإعلامية المقبلة.. فنحن نعمل على تمكين المواهب في مختلف مجالات الإعلام الجديد، ومن أهمها «البودكاست»، عبر توفير النادي لمنصات تدريب وتواصل تعزز الابتكار وتدعم صناعة محتوى متميز ونافع. ويبقى هدفنا المشاركة في صُنع إعلام عربي منافس وقادر على تقديم فكر يسهم في إحداث أثر إيجابي في المجتمعات». المشهد العالمي وتشير الإحصاءات السوقية الصادرة عن مجموعة من الشركات والمؤسسات المتخصصة إلى أن قطاع «البودكاست» يشهد عالمياً نمواً مستمراً، سواء على صعيد أعداد المتابعين أو على مستوى الإيرادات، إذ يأتي هذا النمو مدفوعاً بتطور الإعلانات الصوتية، واندماج الفيديو مع الصوت، وازدهار المنصّات وازدياد أعدادها، وأورد موقع «ستاتيستا» الإحصائي العالمي، أنه حتى أبريل 2025، كان هناك حول العالم أكثر من 3.5 ملايين «بودكاست» بإجمالي أكثر من 175 مليون حلقة رقمية، هذا في الوقت الذي تتباين فيه الإحصاءات حول حجم سوق الإعلانات على «البودكاست»، إلا أنها تدور جميعاً في فلك مليارات الدولارات بنسب نمو كبيرة متوقعة خلال السنوات الخمس المقبلة، ما يعكس حجم الفرص المتاحة في هذا المجال. ومن خلال مشاركة لفيف من صُنّاع المحتوى الصوتي و«البودكاست» من أصحاب التجارب الرائدة في نقاشات جادة يحتضنها «دبي بودفست 2025»، المُقرر عقد فعالياته 30 سبتمبر الجاري، في فندق ريتز كارلتون دبي، يبقى الهدف التوصل إلى تصورات واضحة، ووضع سيناريوهات أقرب ما تكون للواقعية حول متطلبات النهوض بقطاع البودكاست عربياً، وما هو منشود من خطوات عملية لتمكين صُنّاع المحتوى في المنطقة من اقتناص الفرص الكبيرة والواعدة التي يحملها هذا المجال، في ضوء الأرقام والنتائج المتحققة له عالمياً. • يناقش «دبي بودفست»، التجمع الأكبر لصُنّاع «البودكاست» في المنطقة العربية، العوامل التي ساعدت هذا القطاع على الانتشار، والمقومات اللازمة لتعزيز حضوره في المشهد الإعلامي العربي. تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news Share فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App