عرب وعالم / الامارات / الامارات اليوم

«علمتني الحياة».. مرجع معرفي إنساني من القلب للقلب

يمثل كتاب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، «علمتني الحياة»، مرجعاً معرفياً وفكرياً للأجيال الحالية والقادمة، والكتاب الذي سيتاح في المكتبات 25 سبتمبر الجاري، يوثق محطات من مسيرة وفلسفة سموه القيادية والفكرية في سياسة الناس وسياسة الحكم.

35 فصلاً ملهماً يجمعها كتاب استثنائي، أراده سموه أن يكون «بسيطاً في كلماته، صريحاً في عباراته، حقيقياً في معانيه حتى يصل من القلب للقلب».

وقال سموه في مقدمتها: «خلال بضعة أعوام سأكمل 60 عاماً في العمل العام.. 60 عاماً من سياسة الناس وسياسة الحكم، وسياسة الحياة، 60 عاماً مرت سريعة بتحدياتها وإنجازاتها، وأفراحها وأحزانها، وأزماتها ومفاجآتها، 60 عاماً كسبت فيها أصدقاء، وبسبب الإنجاز أصبح لدي أيضاً حُسّاد، 60 عاماً فقدت فيها أحبة، فقدت أبي وأمي وإخوتي وغيرهم، وكسبت فيها الكثير، أسرةً جميلةً وأبناء صالحين ومواطنين طيبين، ودولة أصبحت حديث الناس والعالم».

ويأتي إطلاق الكتاب تجسيداً لحرص صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على نقل خبراته وتجاربه الثرية، في مختلف الميادين، ليكون إضافة نوعية للمكتبة العربية، ومصدر إلهام للقيادات وصناع القرار والجيل الجديد من الشباب الطامح لصناعة المستقبل.

كما يعد امتداداً لمسيرة سموه في رفد الفكر والثقافة والإبداع بنتاجات نوعية تركت بصمتها على الحراك الفكري والثقافي محلياً وعربياً، عبر موضوعات شاملة تتناول مختلف جوانب الحياة وقيمها الإنسانية والتنموية.

وفي مقدمة الكتاب يقول سموه: «تعلمت الكثير من الحياة، ولعل أكبر درس تعلمته أنني لست كاملاً، بل إنسان يتعلم ويتطور، وينمو ويكبر، ويحب ويكره، ويقوى ويضعف، ويتغير باستمرار، ولكن بقي الثابت الوحيد، عبر أكثر من سبعة عقود من حياتي، أنني أحببت بلدي، وأحببت شعبي، وأحببت أسرتي».. ومن قصص الكتاب:


الحاكم لا يكون تاجراً

علمتني الحياة أن الحاكم لا يكون تاجراً

وكما يقولون: إذا دخلت التجارة على الحكم، فسد الحكم، وفسدت التجارة.

ولي بيت شعر أتغنى به أحياناً:

ونحن مب تجار نبغي نستفيد

نحن أهل المجد وشموس النهار

التاجر يبني ثروة، والحاكم يبني دولة.

التاجر يرفع رصيده البنكي، والحاكم يرفع رصيده الشعبي.

التجارة تقوم على المدافعة والمنافسة، والحكم يقوم على العدل والمساواة.

قد يكون الحاكم غنياً ولديه ثروة وأملاك، وهذا أفضل، حتى لا يمدّ عينيه لمال غيره. ولا يضعف أمام إغراءات المادة فتفسد الدولة، ولكنه لا يكون تاجراً.

رأيت الكثير من تجارب الدول، ورأيت كيف انتشر الفساد، وانهارت الأنظمة عندما ترك الحكام الحكم وترسيخ الدولة وبناء المؤسسات، ونزلوا لجمع الأموال ومنافسة التجار.

إذا اختلط الحكم بالتجارة فُقدت الثقة، وتآكلت العدالة، واختفت المنافسة، وانتشر الاحتكار، واتجه الاقتصاد نحو الانهيار.

لو كان الحكم يصلح مع التجارة لكان زايد وراشد من أكبر التجار، ولكنه يفسده.

الحاكم هو خليفة الله في أرضه وبين عباده.

يقوم على مراعاة مصالحهم، ورعاية ضعفائهم، وإقامة العدل بينهم، وتطوير اقتصادهم، وحماية حدودهم، وبناء مستقبل أجيالهم، وترسيخ مكانتهم واحترامهم بين شعوب الأرض.

كيف يصلح ذلك مع من همّه التجارة، وشاغله الأكبر زيادة أمواله؟

الحاكم إرثه دولة مجيدة، وشعب قوي، وأمة عزيزة، والتاجر إرثه المال.

والذي يريد جمع المجد من أطرافه لا ينزل السوق لجمع الأموال من الناس.

• رأيت الكثير من تجارب الدول، ورأيت كيف انتشر الفساد، وانهارت الأنظمة عندما ترك الحاكم الحكم، وترسيخ الدولة، وبناء المؤسسات.


هل جربت أن تعيش؟

ما عاش من لم يذق طعم الحياة.

ما عاش من لم يذق طعم الفوز، أو لذة السباق، أو لذة اللحظات قبل السباق.. شعور التحدي والترقب، والأمل وخفقان القلب والاختبارات الجديدة لحدود قدراتنا وإمكاناتنا.

ما عاش من لم يمشِ دروباً جديدة.. أو يجرب أشياء جديدة.

متى كانت آخر مرة جربت فيها شيئاً لأول مرة؟

أجمل ما في الحياة لا يُشترى بالمال، بل يُكتشف بدهشة المرة الأولى.

المشي في طريق جديد وإن كان وعراً، يعطيك تجربة المرة الأولى، وجمال الدهشة الأولى.

أما تكرار التجارب فهو اجترار لذكريات سابقة.

بدء طريق جديد أو تجربة فكرة جديدة، هو عالم لم يمسسه غيرك، ولم يذهب إليه سواك.. له لذة لا يعرفها إلا من يملك شجاعة البدايات الأولى، وجرأة العيش على حدود قدراتنا.

هل جربت أن تعيش؟

هل جربت أن يكون لك أو طموح؟

هل جربت أن تكون لك غايات عليا تسعى إليها؟

ما عاش من كان همّه عبور يومه إلى اليوم الذي يليه.. وعبور شهره إلى الذي بعده.

ما عاش من لم يذق لذة الوصول، ولذة الإنجاز، ولذة الاكتمال.

الحياة دون أهداف مثل السفينة التي تبحر دون وجهة، ودون بوصلة، ودون غاية.

لا تعش حياة صغيرة.. أو نصف حياة.

ولا تخف من أن تفشل في أحلامك العظيمة، بل خف من النجاح في المهام التافهة، لأن قدرتك في الحياة على قدر أحلامك. نحن نكبر على قدر مهامنا وأحلامنا وأهدافنا.. وإذا لم تُخِفك أحلامك فليست عظيمة بما يكفي.

الحياة ليست بعدد السنوات.. بل بعدد الأيام التي عشت فيها حياة حقيقية.

لا أحد يذكر أصحاب الأحلام البسيطة.

لا أحد يذكر أصحاب الحياة الرتيبة.

لا أحد يذكر أصحاب العزيمة الضعيفة.

التاريخ يذكر الذين خاطروا من أجل أحلامهم، والذين تجرؤوا على المشي في دروب وعرة لم يسبقهم إليها أحد.

أشهد أنني عشت.


البخل والبخلاء

علمتني الحياة أن أعظم ما يمكن أن يصل إليه الإنسان من السمو أن يبذل المعروف لأخيه الإنسان.

ولا غرابة أن تُسَمَّى أعمال الخير بالأعمال الإنسانية، لأنها تمثل أسمى ما يمكن أن يصله الإنسان بروحه.

وسعادة الروح في الكرم، لأن الروح من عند الله، والله كريم يحب الكرم.

علمتني الحياة أيضاً أن الكرم لا يرتبط بالغنى وكثرة المال، فكم من غني بالمال فقير بالروح.

عبر عقود من العمل مع الناس ساعدت الكثيرين في تأسيس أعمالهم، ودعم شركاتهم، وتنمية ثرواتهم.

أذكر منهم أحد التجار الذي ساعدته في مضاعفة ثروته ثلاثة أضعاف خلال فترة بسيطة.

وخلال إحدى الحملات الإنسانية العاجلة التي أطلقناها، ذهب له فريق العمل فلم يتبرع بدرهم.

قلت في نفسي: من بخل بالخير على نفسه، فهو أبخل به على غيره.

ولا أدري هل يخاف الفقر وهو غني؟ فالعطاء بركة وزيادة.

أم يحسب أنَّه مخلّد وماله باقٍ؟

فالعمُر يفنى، والمال يذهب لغيره.

أم يخاف أن يعرف الناس أن عنده مالاً كثيراً؟ فهذا فضل الله.

البخل مرض مهلك، ومذمّة في الدنيا والآخرة، وتلف للروح والمال معاً.

اللهم إني أعوذ بك من بخل المال، وبخل المعرفة والحكمة والنصيحة، وبخل المشاعر.

أتعمد في الكثير من الأعمال الإنسانية إطلاق حملات مجتمعية تحث الناس على المشاركة والبذل.

وهدفي الحقيقي ليس المال، لأن المال موجود بوفرة، بل هدفي هو وفرة القيم، وتنمية ثروة الأخلاق والرحمة، وغرس روح البذل والمعرفة، وبناء أجيال تعتاد فعل الخير، وتجعله جزءاً من حياتها.

لأن اليد العليا خير..

ولأن اليد التي تعطي لا تفتقر..

ولأن اليد المفتوحة بالخير لا تخسر.. بل تربح.

ولأننا كلما أعطينا اقتربنا من الناس، واقتربنا من الله، واقتربنا من حقيقة أرواحنا وسعدنا.

عبر التاريخ لا يوجد قائد عظيم لم يكن كريماً، لأن الكرم شرف ومروءة وخلق عظيم.

• عبر التاريخ لا يوجد قائد عظيم لم يكن كريماً، لأن الكرم شرف ومروءة وخُلق عظيم.

• سعادة الروح في الكرم، لأن الروح من عند الله، والله كريم يحب الكرم.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا