التوازن نبراس الحياة القويمة المرتكزة على الاعتدال والوسطية، والإسراف بأشكاله سلوك لا تحمد عقباه، من السقوط في فخ الضغوط المادية والديون، وربما الاقتراض لسد الرغبة غير المحمودة في الشراء، من دون توقف، أو قصرها على الاحتياجات الضرورية والأساسية، وليس كماليات لا تفيد ولا تسمن من جوع. وفي ذلك يأتي تهافت كثر على اقتناء سلع ومنتجات للرفاهية لا طائل من ورائها سوى الرغبة المتمكنة منهم في التباهي والتفاخر أمام أقرانهم وأقربائهم، ومحيطهم الاجتماعي ككل، ومنها ساعات باهظة الثمن وحقائب من ماركات عالمية ومشغولات ذهبية، وإذا فتحنا قوس النهم الشرائي لديهم للتباهي، يأتي انكبابهم الدائم على شراء السيارات الفارهة، وتبديلها كلما شهد السوق الحديث والأحدث. المؤسف أنه في معظم الأحوال، يكون الساعون من الرجال والنساء إلى اقتناء هذه المنتجات المبالغ في أثمانها، على غير مقدرة مادية، لكنهم لا ينظرون سوى إلى أن في شرائهم كل غالٍ ولافت من المقتنيات ذات الماركات العالمية، أو حتى المنتج محلياً ويحمل علامة ثمينة، سينالون التقدير المجتمعي والاحترام والمكانة الزائفة وسيتفوقون على الجميع. المغالاة في شراء الكماليات فخ سقوط بلا نجاة في نفق مظلم، يقود لازمات نفسية واقتصادية، حيث الإدمان الشرائي غير المدروس جيداً بالتوازي مع حجم الدخل والمتطلبات والأولويات، طريق طويل لا ينتهي من المعاناة، لمطالبات هذا الدائن أو ذاك، أو ملاحقات قانونية، والمحزن أن هذا الأمر أضحى شبه سلوك مجتمعي ليس فردياً أو يقتصر على فئة دون أخرى، بل وأدى إلى تعرض البعض لدعاوى مختلفة. دعاوى مختلفة وفقاً للمحامي محمد العوامي، هناك العديد من الأمثلة الواقعية لخلافات زوجية بسبب المغالاة في الإنفاق والمباهاة، ومنها قضايا طلاق في كثير من الدول، ومنها قضية في محكمة الأسرة بالجيزة في مصر، لزوجة أقامت دعوى طلاق للضرر ضد زوجها لشرائه ساعات من ماركات عالمية، بمبالغ خيالية، بينما كان يمتنع عن دفع مصاريف علاج ابنهم المريض، واعتبرت المحكمة ذلك نوع من الإضرار المادي والمعنوي، وحكمت بطلاق الزوجة للضرر. وفي قضية أخرى في محكمة الأسرة بالإسكندرية في مصر، رفع زوج دعوى نشوز على زوجته لأنها كانت تنفق مبالغ كبيرة على شراء حقائب وأحذية من مال الأسرة من دون إذنه، على الرغم من تراكم ديون الإيجار والكهرباء، فيما لم تعتبر المحكمة شراء الحقائب وحدها نشوزاً، إلا عندما ثبت لديها أن ذلك تسبب في إضرار بالمعيشة الأساسية، وتم توثيق الواقعة في محضر الجلسات وأُخذت في الاعتبار عند تقدير النفقة لاحقاً. وفي الكويت طلبت زوجة الطلاق للضرر، لأن زوجها كان ينفق قرابة راتبه بالكامل على شراء سيارات فارهة، وساعات نادرة، للتفاخر أمام أصدقائه، بينما كانت الأسرة تعيش بضيق شديد، وحكم لها القاضي بالطلاق، مع إثبات أن الزوج يسيء إدارة المال المشترك، بما يضر بحقوق الزوجة والأبناء. ولفت العوامي إلى أنه في بعض الأحكام يُستخدم وصف «الإسراف والتبذير بما يضر بالحياة الزوجية» كسبب مقبول للطلاق للضرر أو للخلع، خاصة إذا كان أحد الطرفين يرى أن استمرار العلاقة أصبح مستحيلاً بسبب هذا النمط من الإنفاق. ظاهرة ملموسة في بحث حول هذه الظاهرة من وجهة نظر مجتمعية، أكد سعيد مطر الطنيجي عضو المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة رئيس لجنة شؤون الأسرة بالمجلس، أن المظاهر الاستهلاكية بهدف التباهي والمباهاة، أصبحت ملموسة لدى بعض أفراد المجتمع، وسلوك غير محمود يرهق الأسر مادياً، ويؤثر سلباً في القيم الاجتماعية الأصيلة، التي نشأ عليها مجتمع دولة الإمارات، الذي عُرف عبر تاريخه بالاعتدال، والوسطية، وحسن التدبير. وأشار إلى أن المشكلة لا تكمن في اقتناء ما يحتاج إليه الإنسان من مستلزمات شخصية، وإنما في الإفراط غير المبرر، والارتباط بالعلامات التجارية لمجرد المظاهر، وهو ما يخلق ضغوطاً مالية على بعض الأفراد والأسر، ويؤدي إلى انتشار أنماط استهلاكية غير رشيدة، قد تصل إلى حد الاستدانة، أو الوقوع في أزمات اقتصادية شخصية. وشدد على أن التغيير المنشود لهذا السلوك، يتطلب تضافر جهود جميع المؤسسات الحكومية والخاصة، والهيئات التعليمية والدعوية والإعلامية، وصولاً إلى الأسرة نفسها، لتعزيز قيم الترشيد والاستهلاك الواعي، عبر المحاضرات، والبرامج التوعوية المدعومة، بالأرقام والإحصاءات التي تبيّن التأثير السلبي للمبالغة، في شراء الكماليات على الاستقرار الأسري، والاقتصاد الوطني. ولفت إلى أن المسؤولية مشتركة، وتبدأ من البيت والمدرسة، وتمتد إلى دور الإعلام والمؤسسات المجتمعية، عبر حملات تثقيفية مستمرة، تُبرز ما لهذه الظاهرة من سلبيات اقتصادية واجتماعية، وما يقابلها من إيجابيات، عندما يلتزم الفرد بثقافة التوازن، والاعتدال، وأكد أن المجتمع الإماراتي، بما يمتلكه من وعي وإرث قيمي، قادر على مواجهة هذه السلوكيات السلبية وتجاوزها، حفاظاً على تماسك الأسرة واستقرارها، وتعزيزاً لمكانة الدولة التي تتبنى نهج التنمية المستدامة المبني على الاعتدال وحسن التدبير. التباهي والتنافس بدورها نبهت نعيمة الزعابي عضوة مجلس سيدات أعمال الشارقة إلى أهمية الموضوع، كاشفة عن أن الموظفات اللاتي يعملن مع مسؤولين – تحديداً- يحرصن على المظهر المتميز، وبالتالي يسعين للمبالغة في شراء كل المغالى فيه، خلاف تهافت البعض على تقليد الآخرين، سعياً إلى التباهي، على الرغم من ضيق ذات يدهم، فإنهم يستدانون لذلك، من دون الاهتمام بالأولويات الحياتية، قائلة: «اليوم أصبح السوق يعج بالمنتجات المقلدة من ساعات وحقائب وغيرها وبأسعار معقولة، وبالتالي فذلك أفضل لي من أن أشتري حقيبة مثلاً أو ساعة ب 15 أو 25 ألف درهم، بينما الأولى أن أنفق هذا المبلغ على تعليم ابني، أو تسديد إيجار بيتي». وأشارت إلى أن نقطة أكثر أهمية وظاهرة باتت منتشرة في المجتمع وهي التباهي في الأعراس والتنافس على تقديم الأفضل والأميز سواء في الهدايا أو تجهيزات العرس للتفاخر فقط. واتفقت موزة سالم عبيد الكندي في أن المغالاة في شراء الكماليات الباهظة للتفاخر، ظاهرة منتشرة تعكس مشكلة جوهرية في فهمنا للقيمة الإنسانية، قائلة: «عندما نربط احترامنا لذواتنا، وتقدير الآخرين لنا، بما نملكه من أغراض باهظة الثمن، فإننا نقع في فخ خطِر يستنزف مواردنا، ويشوه أولوياتنا». عوامل نفسية أضافت موزة الكندي، أن هذا السلوك ينبع غالباً من عدة عوامل نفسية عميقة، منها عدم الثقة بالنفس، والرغبة في الانتماء لطبقة اجتماعية معينة، أو محاولة تعويض شعور داخلي بالنقص، من خلال المظاهر الخارجية، لكن النتيجة هي دورة استهلاك لا تنتهي، تجعل السعادة مرتبطة بأشياء خارجية مؤقتة، بينما الرضا الحقيقي والسلام النفسي ينبعان من الداخل. لكن المشكلة الأعمق أن هذا التفكير يحول البشر إلى سلع تُقيم بأسعار ممتلكاتها، وهو منطق مدمر للعلاقات الإنسانية الأصيلة، كما أنه يضع أعباء مالية هائلة قد تؤثر في الأولويات الحقيقية كالتعليم، والصحة، والادخار للمستقبل. وذهبت إلى أن الحل يتطلب تغييراً جذرياً في المنظور، يبدأ بإعادة تعريف النجاح والقيمة الشخصية، النجاح الحقيقي يُقاس بالإنجازات العلمية، والمهنية، والأخلاقية، بالمساهمة الإيجابية في المجتمع، وبالنمو الشخصي المستمر، يجب تعزيز الثقة بالذات، من خلال تطوير المهارات، والمواهب الشخصية، والاستثمار في التعلم، والخبرات التي تثري الروح والعقل. وأضافت موزة الكندي، أنه ينبغي وضع أولويات مالية واضحة، وعقلانية تبدأ بتأمين الحاجات الأساسية، ثم الاستثمار في الصحة والتعليم والمستقبل، وأخيراً، وفقط إذا سمحت الظروف، التفكير في الكماليات بعقلانية وبدون مغالاة، فالاحترام الحقيقي، والتقدير الصادق، يُكتسبان بالشخصية النبيلة، والأفعال الطيبة، والمعاملة الحسنة، والمساهمة الإيجابية في حياة الآخرين، والأشخاص الناضجون، والواعون يقدرون ما يقدمه المرء من قيمة إنسانية حقيقية، علمك، حكمتك، كرمك، صدقك، إخلاصك، وليس ما تحمله من أغراض، أو ما ترتديه من ملابس، والثراء الحقيقي هو ثراء الروح، والعقل والقلب. دليل قانوني نعود للمحامي محمد العوامي لوضع اليد على الرأي القانوني، حيث قال إن المغالاة في شراء ساعات، وحقائب باهظة الثمن للتفاخر والتباهي، موضوع مهم جداً، لملامسته جانباً اجتماعياً وأسرياً وقانونياً، حيث هناك العديد من القضايا، التي تظهر المغالاة في الإنفاق على الكماليات مثل الساعات، والحقائب باهظة الثمن، كأحد أسباب الخلاف. كما أن بعض الأزواج يعتبرها تبديداً للمال، أو سوء إدارة لشؤون الأسرة، خصوصاً إذا كان على حساب الأساسيات من مصاريف البيت، وتعليم الأولاد، والعلاج، وغيره، وفي بعض الحالات تُذكر هذه التصرفات في محاضر جلسات دعاوى الطلاق، أو النفقة، كدليل على «استحالة العشرة» أو «الإضرار المادي»، وأحياناً تتحول لاتهام صريح بالتبذير، أو الإسراف بما يضر بمصلحة الأسرة، وهو سبب غير مباشر لتصدع العلاقة. وأوضح أن القانون لا يجرم شراء الكماليات بحد ذاته، لكن إذا ثبت أن الإنفاق المفرط تم من مال مشترك أو على حساب حقوق الزوج أو الزوجة أو الأولاد، فقد يؤخذ في الاعتبار عند تقدير النفقة، أو عند الفصل في دعوى طلاق للضرر، وفي بعض القضايا، يُعتبر شراء الكماليات مع الامتناع عن الإنفاق على الضروريات، شكلاً من الإضرار بالزوجة أو الأولاد، وقد يترتب عليه حكم بالطل، أو بزيادة النفقة، وإذا أدى الإسراف إلى مديونية الأسرة، أو بيع ممتلكاتها، هنا قد يدخل في نطاق «سوء الإدارة المالية» الذي تستند عليه بعض الدعاوى. تقدير الزائف أما بالنسبة للبعد الاجتماعي والفكري، قال العوامي إن التفاخر بالماركات أو المقتنيات الباهظة، أصبح وسيلة عند البعض لطلب التقدير الزائف، بينما في الواقع قد يؤدي إلى عكس ذلك من انتقادات، وأزمات مالية، وتوتر أسري، لاسيما أن الاحترام الحقيقي لا يأتي من الحقيبة أو الساعة، بل من السلوك، الأخلاق، الإنجازات، والعطاء للآخرين، وهنا لابد من التوعية الأسرية، من خلال جلسات إرشاد أسري، أو ندوات توعية، توضح أن التفاخر بالمظاهر سبب رئيسي للخلافات، وإدخال مفهوم «الإدارة الرشيدة للمال» في المدارس والإعلام، ولابد أن يتبنى بعض الشخصيات العامة أو المؤثرين، مبدأ البساطة وإبراز قيم النجاح بعيداً عن المظاهر، مع تعزيز فكرة أن الإسراف منهي عنه شرعاً، وأن الكرامة والاحترام لا تُشترى، ويجب الاتفاق على أولويات الصرف داخل الأسرة، والحد من القرارات الفردية المتهورة، وبشكل عام القانون لا يمنع الشراء، لكن إذا أدى الإسراف على المظاهر إلى الإضرار بالطرف الآخر، أو بالأولاد، من الحرمان من الضروريات، أو تراكم الديون، والتوتر النفسي، يمكن أن تعتبر المحكمة ذلك سبباً قوياً للطلاق أو لزيادة النفقة. حلول ناجعة حدد العوامي، عدداً من الحلول الناجعة المتوازنة التي تجمع بين تقويم النيّات والانضباط المالي والإصلاح الاجتماعي، للحد من القضايا الأسرية الناتجة عن المغالاة، ومنها اتباع قاعدة الأولويات الشرعية بسداد الحقوق الواجبة من نفقة، ودين، وزكاة قبل الكماليات، ومراعاة ميزانية أسرية مكتوبة بنِسَب ثابتة من احتياجات أساسية، وادخار، وترفيه، مع تحديد سقف للإنفاق الترفيهي لا يتجاوز نسبة معلومة من الدخل، إلى جانب مهلة تبريد، أي شراء يفوق مبلغاً محدداً يُؤجّل 48–72 ساعة، حيث كثير من «مشتريات الانفعال» تسقط بعدها. وأكمل: «من الحلول، وجوب الشفافية الزوجية، من خلال كشف دوري بحركة البطاقات والقروض، واجتماع مالي شهري قصير لاتخاذ قرارات مشتركة، واتفاق مالي بين الزوجين (ملحق بالعقد أو مستقل)، يضع قواعد واضحة للهدايا الثمينة، والمشتريات المشتركة، وحدود الاستدانة، مع توازن بين التجمّل والصدقة، من خلال قاعدة عملية مؤثرة، حيث إن اقتنيتَ سلعة باذخة، فاجعل جزءاً مماثلاً أو نسبة منها في صدقة شكراً للنعمة، يعالج الرياء ويصحّح النية، وترشيد تأثير مواقع التواصل، بتقليل التعرّض لحسابات التسويق المظهري، واستبدالها بمحتوى وعي مالي، وغير ذلك». الوسطية والاعتدال نصل للجانب الشرعي، وفي ذلك قال د. سالم محمد الدوبي رئيس قسم الوعظ والافتاء بدائرة الشؤون الإسلامية في الشارقة، إن ديننا بحمد الله وسط في كل شيء، فهو وسط في الأحكام والشرائع، ووسط في الآداب والفضائل، ومن أكبر معالم الوسيطة والاعتدال، ما يتعلق بالإنفاق، فالمال هو عصب الحياة، والإسراف فيه، وتضييعه يؤدي إلى مشكلات كثيرة على مستوى الفرد والدولة. ومن الصفات المذمومة التي نهى الشارع عنها صفة الإسراف والتبذير، وهو تجاوز الحد في كل فعل يفعله الإنسان، وقد وضع الشرع الحنيف ضوابط للإنفاق، وأبرز هذه الضوابط الوسطية في الإنفاق، قال تعالى:«وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا»، ومن هذه الضوابط تحريم الإسراف والتبذير، يقول تعالى: «وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ». وأضاف أن الناظرَ في أحوال بعض الناس اليوم، يرى ويشهد غياب هذه الخصلة عن جوانب عديدة، من حياة الناسِ، فكم هم الذين تورّطوا في الإسرافِ والتبذيرِ في جميع الشؤونِ والأمورِ، سواء إسراف في المآكلِ والمشاربِ، والمراكب، إسراف في الملابس كالمغالاة في الساعات، والحقائب، والتفاخر في العلامات التجارية، وتحمَّلوا في ذلك الديون العظيمة، إذ أنفقوا أموالهم في ما لا فائدة فيه، ولا نفع منه، وفي الوقت ذاته فرطوا في القيام بالضروريات، وأداء الحقوق والواجبات، التي هي أولى بالاهتمام، وأجدر بالأداء. بل وصل الأمر إلى خراب البيوت، وانتشار الطلاق، والوقوع في شراك المحاكم، والقضايا، والسجون، ومن هنا لابد أن نستشعر أن المال نعمة عظيمة، ونحن مأمورون بالمحافظة عليه، وإنفاقه فيما يحبه الله ويرضاه، لكن إن كان غنياً قادراً، ولم يقصد التعالي والتفاخر، فيما اشتراه بقصد الجمال، أو من باب الزينة، وهو أهل لذلك، لأن عنده المال، وعنده القدرة، فلا حرج عليه، والأولى هو التوسط في صرف ما زاد في الصدقة، ومساعدة للفقراء، والمساهمة في المشاريع الخيرية. رسائل إعلامية تعزز قيم البساطة بالنسبة لدور الإعلام في تغيير النمط السلوكي تجاه التفاخر والمغالاة، قالت الإعلامية مريم فكري، إن الإعلام ليس مجرد ناقل للمعلومة، بل هو صانع للثقافة والوعي، وفي ظل ظاهرة التفاخر بالمظاهر والترف، ومن خلال الإعلام، يجب توجيه رسائل تعزز قيم البساطة، والاعتدال، وتقلل من الضغوط الاجتماعية الناتجة عن اللهاث وراء المظاهر. وأضافت أنه من خلال البرامج الوثائقية، والحوارات، والمقابلات، يمكن للإعلام أن يسلط الضوء على القيم الحقيقية مثل البساطة، والتواضع، والرضا، ويعرض قصص لأشخاص ناجحين، لا يعتمدون على المظاهر، أو الماركات، بل على الاجتهاد، والعلم، والعمل، والاستثمار الصحيح للأموال. وأوضحت: «إننا لا أرى في حب الماركات مشكلة، فبعضها فعلاً يتميز بالجودة والتصميم، لكن الإشكالية عندما تتحول هذه المظاهر إلى معيار أساسي للتقييم الاجتماعي، أو عندما يضغط الإنسان على نفسه مادياً، ليُرضي الناس ويبدو مقبولاً في نظرهم». هدم الكيانات الأسرية قالت المحامية قمر الكسادي، إن التباهي والمغالاة في الشراء قد يكون السبب الأساسي، لهدم بعض الكيانات الأسرية، وانفصام العلاقات الزوجية، ونشوب الخلافات التي قد تنتهي بالطلاق، وإن مقارنة الزوجة نفسها مع صديقاتها، ورغبتها في الظهور بأنها ليست بأقل منهن، يؤدي بها للمغالاة في شراء ساعة باهظة الثمن، كوسيلة لإثبات ذاتها، وربما تتأثر بدعايات، وإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي، ما يجعلها تضغط على زوجها، للاقتراض لتلبية ما رأته على هذا الموقع أو ذاك، وترغب فيه من ساعات رولكس او حقائب وغيرها، على الرغم من إمكانياته المادية التي لا تتناسب مع ذلك. وأضافت أن بعض الزوجات يبررن هذا السلوك بمتابعة الموضة، وقد تطلب إحداهن من زوجها عقداً من الماس يفوق سعره 100 ألف درهم، ما يؤثر سلباً في حياتهما، ويضيق الخناق على الزوج، وربما اضطر إلى الاقتراض رغبه منه في إسعاد زوجته، ومن ثم تتراكم عليه الديون بسبب محاولته إرضائها. وقالت: «للأسف يفتقر أزواج كثر إلى الحوار المفتوح، والتخطيط السليم للميزانية، بما يصبح الواحد منهم عاجزاً عن تلبية احتياجات أسرته الأساسية، بسبب الديون التي تراكمت عليه، بفعل طلبات زوجته، التي تفوق مقدرته المالية، ومن الممكن حال عجز الزوج عن شراء الساعة أو الحقيبة التي طلبتها الزوجة، أن تلجأ للمحاكم طلباً للطلاق».