عند التفاوض على صفقة «أوكوس» عام 2021، اعتُبرت بمثابة ضربة استراتيجية وصفت بـ«العبقرية»، تسهم في تعزيز مكانة أستراليا كقوة موازنة حيوية للصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. ولاتزال هذه الأهداف نبيلة، ومع ذلك، كلما تم التعمق في دراسة القضايا الجوهرية المتعلقة باتفاقية «أوكوس»، التي وقعتها أستراليا مع الولايات المتحدة وبريطانيا، يتضح أن الاتفاقية غير قابلة للتنفيذ. بعيداً عن كونها ضربة استراتيجية «عبقرية» لمواجهة صعود الصين الذي يبدو حتمياً، فإن «أوكوس» تبدو صفقة «عبثية»، فهي تعاني البيروقراطية غير الفعالة، وتتجاوز ميزانيتها بشكل كبير، ولا تتوافق استراتيجياً مع احتياجات أستراليا في الوقت الحالي. تهديد يُعد تهديد الصين لأستراليا الأشد خطورة على الإطلاق، لكن بعد سنوات من الفشل في تحقيق أهدافها، من الواضح أن «أوكوس» ليست الحل لمشكلات أستراليا. وكان من المفترض أن يُوسع مشروع الاتفاقية ثلاثية الأطراف قدرات الغواصات الأسترالية ويُحسنها من خلال التخلص التدريجي السريع من الغواصات القديمة في البلاد واستبدالها، بعملية متعددة الجنسيات يُفترض أنها «مُبسطة»، وبأنظمة أكثر حداثة وقابلية للتشغيل البيني من كل من أميركا وبريطانيا. سوء إدارة كانت كانبيرا متفائلة للغاية بشأن «أوكوس»، لدرجة أنها نقضت عقداً رئيساً مع فرنسا لإتمام المشروع، وهو خرق للثقة لن تنساه باريس أبداً. وبعد ثلاث سنوات، لايزال مشروع «أوكوس» يُخفق في الوفاء بوعوده. واليوم، من غير المقرر أن تتسلم أستراليا أي غواصات حتى عام 2040. وبحلول ذلك الوقت، سيكون سلاح البحرية في الجيش الصيني قد شغّل أكثر من 100 غواصة حديثة تعمل بالطاقة النووية. في غضون ذلك، تُصدر «أوكوس» سند دين لمدة 15 عاماً مقبلة، أو ربما لفترة أطول، إذا تأخر التسليم أكثر. ويقول مراقبون إنها ليست مؤامرة تحرم أستراليا من غواصاتها النووية الموعودة من حليفتيها أميركا وبريطانيا، بل «سوء إدارة صارخ لقواعدها الصناعية الدفاعية». وأستراليا، بدورها، عانت للحفاظ على صناعة دفاعية محلية فعالة. فكرة قصيرة النظر منذ سبعينات القرن الماضي، عندما كان خفض وتيرة التصنيع هو الهاجس السائد بين النخب الغربية، رهنت الدول الغربية مستقبلها بفكرة قصيرة النظر، مفادها أنها تستطيع ببساطة نقل وظائف التصنيع للدول النامية، إلى أماكن مثل الصين، ومن ثم جني أرباح طائلة. حققت هذه الاستراتيجية نتائج مذهلة في أرباحها، لكنها جاءت على حساب الأمن القومي. واليوم، أصبح بناء السفن في الولايات المتحدة، لاسيما في قطاع الغواصات، غارقاً في بحر من الديون. وفي الوقت نفسه، يتم ضخ مليارات الدولارات، التي تقتطع من دافعي الضرائب الأستراليين، في أحواض بناء السفن في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، وبرامج التدريب، وسلاسل التوريد، وكل ذلك دون أن يفي هذان البلدان بالتزاماتهما بموجب الاتفاقية. كان من الأفضل لكانبيرا، على الأرجح، الالتزام بالاتفاقية الفرنسية الأصلية بدلاً من أن تُضللها الولايات المتحدة وبريطانيا وقادة أستراليا أنفسهم. عن «ناشيونال إنترست» نقاط قوة على أستراليا، شأنها شأن العديد من الدول الأخرى التي تدور في فلك أميركا، أن تتوقف عن محاولة إعادة بناء قواتها المسلحة في حالة البحرية الملكية الأسترالية، لتصبح نسخاً مصغرة من البحرية الأميركية. وبدلاً من ذلك، يجب على أستراليا أن تستغل نقاط قوتها الاستراتيجية، لاسيما أن هذه الدولة تقع على أعتاب منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بموانئها الغنية، وحكومة مستقرة نسبياً، وقدراتها الصناعية غير المستغلة. • مشروع «أوكوس» لايزال يُخفق في الوفاء بوعوده، ومن غير المقرر أن تتسلّم أستراليا أي غواصات حتى عام 2040. • أستراليا كانت متفائلة للغاية بشأن «أوكوس» لدرجة أنها نقضت عقداً رئيساً مع فرنسا لإتمام المشروع. تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news Share فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App