عرب وعالم / الامارات / الامارات اليوم

الأغنية العربية تفقد البوصلة في معارك «ثقافة التريند»

  • 1/2
  • 2/2

شهدت الأغنية العربية المعاصرة على امتداد السنوات الأخيرة تحوّلات عميقة في الشكل والتوجهات والذائقة وصولاً إلى منطق معايير النجاح، فما كان يُعدّ في الماضي، أغنية خفيفة أصبح اليوم نمطاً موسيقياً موحداً، وما كان يُعدّ استعراضاً هامشياً، صار من ثوابت الساحة الإنتاجية، في زمن بات فيه الجمهور، غير آبه بسحر القصيدة ولا بالموازين الموسيقية، بل ينساق نحو سطوة الإيقاع وسيادة الصورة والشكل.

وفي زحمة هذه الأعمال الفنية اللاهثة وراء ثقافة «التريند» و«اللايك» وعدد المشاهدات، أجمع نقاد ومتخصصون في مجال الأغنية العربية على أنها تعيش اليوم بجدارة مرحلة «هبوط فني» واضح، وتدحرج مخيف نحو السطحية، مضى خلفها كوكبة من «كبار الفنانين» ونجوم العالم العربي، فمن إلى أصالة نصري وشيرين عبدالوهاب، مروراً بجيل نانسي عجرم وهيفاء وهبي وروبي وبلقيس وسعد لمجرد وأحمد سعد، بلغ السباق ذروته واحتدمت المنافسة كأنها معركة مجد على تقديم أعمال خاوية وهشة، تسقط فنياً عند أول اختبار للذائقة.

في السنوات الأخيرة، أثار الكثير من النجوم العرب الذين عرفتهم الساحة الغنائية إشارات استفهام كبيرة، ونذكر على سبيل العد لا الحصر، الفنانة أصالة نصري التي ركبت للأسف موجة الاستسهال بالأغاني، مثل «ذاك الغبي» و«نكتة بايخة» و«كلام فارغ» و«غلبان»، التي غابت عنها اللغة الشعرية، لتحل محلها لغة الشارع والتعابير الانفعالية المباشرة، وعلى الرغم من تحقيقها نجاحات جماهيرية كبيرة، فإن أغلب النقاد أجمعوا على أنها تعكس تراجعاً لغوياً وفكرياً لدى مغنية كانت تحتفظ بمعيار الجودة الشعرية في الأعمال الغنائية المعاصرة.

أما شيرين عبدالوهاب، التي تُعدّ من أجمل الأصوات العربية، فإن تجربتها بدت في السنوات الأخيرة مضطربة، لاسيما في تجارب المهرجانات التي كشفت عن ضعف في الأداء وتكرار في الاختيارات، أو في الإنتاجات الفنية التي سقطت في امتحان الذائقة في أغانٍ، مثل «كذابين» و«نساي» وأغنية «الوتر الحساس» التي بدت انعكاساً لمرحلة فنية منفعلة ومتدهورة وفقدان واضح للبوصلة أكثر من مشروع فني ناضج.

بدوره، لم يعد الفنان ، صاحب «قلبي عشقها» و«ياريت فيي خبيها»، لسان حال العشق والهوى، بل بات نجم المنصات الرقمية، الذي انزلق إلى فخ الاستسهال بالأعمال، مثل «التقيل تقيل» و«شفتك اتلخبطت»، و«فز قلبي ونط»، التي غلبت عليها المفردات العامية والإيقاعات الراقصة والجمل المكررة التي لا تحمل مغزى فنياً واضحاً، أو أي قيمة. في الوقت الذي جاءت أغنية «استمارة 6» لتُكرّس هذا التوجه نحو ما يمكن تسميته «بالدراما الكوميدية» الغنائية، حيث يخلط علامة بين الطرافة والمبالغة اللغوية، في إنتاج أغنية «مشهديّة» أشبه بفقرة تمثيلية قصيرة، أما أحدث أعماله «ترقيص»، ذات الجمل القصيرة المصمّمة لتنتشر بسرعة عبر المقاطع المصوّرة، فجاءت مفتقرة إلى العمق اللغوي أو المشاعر الصادقة التي طبعت بداياته، الأمر الذي دفع الكثير من جمهوره إلى انتقاد هذه المرحلة التي انحصر فيها النجم اللبناني بتقديم أغانٍ أنيقة الإنتاج، جذابة الشكل، من دون مضمون، على حساب الإنتاجات التي تترك أثراً.

ورغم أن النجم المصري عمرو دياب لم يدخل أي منافسة بفضل ما يتكئ عليه من شهرة، فإنه أتقن هندسة الهبوط، لتبدو أعماله أعمالاً فنية متميّزة، متكئاً بالطبع على مكانته في أغانٍ، مثل «هتدلع» و«شايف القمر» وعشرات الأغاني المتشابهة التي تعتمد أغلبها على الإيقاع الراقص والعبارات المكررة التي تُقدم بأداء متقن، يجيده «الهضبة» ويفقه تقديمه ببساطة من دون ابتذال، وبإدارة محنكة للسوق، لكنه في الوقت نفسه يكرر نفسه حتى الملل.

من جانبها، تحافظ نانسي عجرم على حضورها الطاغي في المشهد العربي، رغم ميلها «للسهولة المفرطة» في أغانٍ، مثل «ماتيجي ننبسط» و«مية وخمسين» و«صح صح»، التي تجتر الجمل الخفيفة والإيقاعات الغربية المعلّبة، التي تختفي منها الفكرة الفنية، لتبدو ضرباً من المنتجات الدعائية أكثر من الأعمال الفنية، إذ تجيد النجمة اللبنانية تقديم «السطحية المنمقة»، لتجعل من اللامعنى عملاً أنيقاً يحظى بالإعجاب السريع.

من جهتها، تسعى بلقيس، من خلال أغانيها إلى تقديم «المرأة الجديدة» بصوت قوي وشخصية مستقلة، لكن جرأتها تحوّلت في بعض الأحيان إلى استعراض محسوب، لجذب الانتباه أكثر من مرحلة تطوير فني بعينها، كأغنيتي «يا مطنشنا» و«حقير الشوق»، حيث أثارتا في لغتهما الجريئة انتقاد الكثير من جمهورها.

أما الفنان المغربي ، فوقع في فخ السعي إلى تقديم إنتاج عالمي الشكل، لكنه فقير المحتوى، من خلال أغنية «الحلق» وأغنية «كازابلانكا»، كما سعى في أغانٍ أخرى إلى استخدام الفرنسية والإنجليزية، للتغطية على ضعف النص العربي، ما يحوّل العمل الغنائي إلى مزيج جميل من الموسيقى والفراغ.

أسماء أخرى كثيرة، أثارت الجدل، أبرزها الفنان مصطفى شوقي، الشهير بلغة أغانيه التي تلامس التهريج في كثير من الأحيان، مثل أغنية «ملطشة القلوب» و«بؤبؤ»، و«إنت عرقسوسي»، وأحمد سعد، صاحب القدرات الصوتية الكبيرة، الذي يصر على تقديم الأغاني الهابطة، مثل: «وسع وسع»، وأغنية «الملوك»، التي تملأ الفضاء بضجيج صاخب، مثل أغنيته الأخيرة «بطة»، و«مكسرات» التي على الرغم من تصدرها تريندات مواقع التواصل الاجتماعي، فإنها بدت أقرب إلى عرض ترفيهي ساخر، منها إلى عمل موسيقي ناضج، لتعكس صورة صوت ضخم في أغنيات صغيرة.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا