في عالم مشحون بالتوتر، حيث تقف على عتبة تاريخ بديل للحرب الباردة. أنت جاك، أو جون دو، أو كما يعرفك الجميع: Naked Snake، شاب في بدايات مسيرته، يُلقى في قلب مهمة سرية محفوفة بالمخاطر. الأراضي السوفيتية أمامك، وكل خطوة تتسلل بها تخفي خطرًا، وكل ظل يهمس بالخيانة. هدفك واحد: إنقاذ Sokolov، عالم الصواريخ المنشق ومبدع الأسلحة الفائقة، قبل أن تقع عبقريته في أيدي العدو. القصة تتكشف أمامك لحظة بلحظة، كل حدث مشحون بالإثارة، وكل قرار يحمل ثقل المصير، لتشعر وكأنك تعيشها بالفعل.
استطاعت Konami أن تعيد ترتيب أوراقها بعد سنوات من الارتباك عبر إصدار ريميك Silent Hill 2 في العام الماضي، ومع نجاح هذه الخطوة، اتجهت الشركة إلى المضي قدمًا في النهج نفسه عبر إعادة إحياء أشهر سلاسلها لجذب اللاعبين المخضرمين والجدد على حد سواء. ولأن لكل علامة تجارية جزءًا يحظى بالشعبية الأكبر، فإن سلسلة MGS ستركّز على الجزء الثالث Snake Eater ليكون عنوان هذه العودة.
على الرغم من المكانة الكبيرة التي تحتلها سلسلة Silent Hill لدى شركة Konami، فإن قيمة سلسلة Metal Gear Solid تفوقها بكثير، خاصة إذا تذكرنا أن التعاون مع كوجيما قد انتهى منذ أكثر من عشرة أعوام عقب إصدار Metal Gear Solid V: The Phantom Pain في عام 2015.
تتقمص شخصية Naked Snake، الرجل المكلف بمهمة إيقاف كارثة عالمية ومنع تصاعد التوتر بين أمريكا وروسيا في ذروة الحرب الباردة. ومع انشقاق مرشدته السابقة The Boss، يصبح الموقف أكثر خطورة، إذ يتوجب على Snake مواجهتها وإنقاذ عالم الأسلحة النووية الذي يقف في قلب الصراع. القصة ما زالت تحتفظ بإثارتها كما كانت قبل عقدين، لكنها هذه المرة تُقدَّم بأسلوب بصري مدهش يكشف أبعادًا جديدة للعلاقة العميقة بين Naked Snake وThe Boss. أما المشاهد الطويلة التي تبطئ وتيرة الأحداث فقد تمثل عائقًا للاعبين الجدد، لكنها لمحبي السلسلة القدامى تجربة ممتعة تعيد إحياء اللحظات الهادئة والمشوقة بطريقة متجددة كليًا.
جميع أداء الشخصيات الصوتية مأخوذ من نسخة PlayStation 2 الأصلية، كما أن كل المشاهد السينمائية حاضرة بالكامل. الجديد هنا أن لعبة Metal Gear Solid Delta أعادت إحياء تجربة Snake Eater عبر محرك Unreal Engine 5، الذي يمنح اللعبة مظهرًا مبهرًا في أغلب اللحظات ويضفي عليها مستوى أعلى من الواقعية، ما يزيد من شعور اللاعبين بالانغماس في أجوائها.
أصبح العشب يبدو أكثر واقعية ولم يعد مجرد أماكن للاختباء، كما أن البيئة باتت أكثر طبيعية مع تفاصيل أقل حدة وتداخل أكثر سلاسة لعناصرها. وهذا يبرهن، على الأقل، أن Konami قادرة ليس فقط على تطوير لعبة Metal Gear Solid دون الاعتماد على Fox Engine، بل أيضًا على تقديم تجربة غامرة بمستوى متقدم.
نال نظام الضرر في المعارك تحديثًا ملحوظًا هو الآخر؛ إذ بات جسد Snake وملابسه يعكسان بدقة حجم الأذى الذي يتعرض له، فتظهر الندوب على بشرته وتمزقات في ملابسه. ورغم أن هذه التفاصيل تبدو بسيطة، فإنها تضيف بعدًا أعمق لتجربة أكثر انغماسًا. والأهم أن نظام التحكم خضع لتطوير يجعله متوافقًا مع الإصدارات الأحدث من السلسلة، ومع ذلك، يمكن للراغبين في خوض التجربة الكلاسيكية العودة إلى أسلوب التحكم الأصلي.
ما زال الأعداء يتحركون وفق المسارات نفسها التي اعتادوا عليها في النسخة الأصلية، وهو تفصيل دقيق قد يسبب إحباطًا لمن لعب اللعبة قبل عشرين عامًا. كذلك، تبقى آليات التخفي مقيدة بأسلوب يجعل التجربة محبطة أحيانًا؛ فالزحف وسط الأعشاب الطويلة يقلل من مجال رؤيتك، واكتشافك يعني دقائق من التوتر وأنت تحاول النجاة من وابل الرصاص. حتى أصغر خطأ قد يتسبب في تعرضك لإطلاق نار كثيف. قد لا يشكّل هذا الأمر إزعاجًا كبيرًا لعشاق السلسلة القدامى، ومع أنني أعدّ نفسي واحدًا منهم، وجدت التجربة مزعجة إلى حد ما.
كانت Metal Gear Solid 3: Snake Eater عند صدورها عام 2004 بمثابة تحفة فنية، وقد استمتعت كثيرًا بإعادة خوض هذه النسخة المعاد تطويرها، رغم شعوري أحيانًا بالانزعاج من تمسّكها الشديد بأصالة التجربة. إلا أن التحديثات في نظام التحكم جعلت القتال أكثر سهولة ودقة، خصوصًا مع إمكانية التصويب من فوق الكتف أو التبديل إلى منظور الشخص الأول، إضافة إلى ميزة التحرك أثناء الانحناء التي أضافت سلاسة أكبر إلى أسلوب اللعب.
هذه الإضافة الجوهرية جعلت أسلوب التخفي أكثر انسجامًا مع طبيعة هذا النوع من الألعاب، إذ لم يكن الاكتفاء بالانبطاح خيارًا تكتيكيًا منطقيًا. أما الآن، فأصبح تفادي الأعداء أكثر سهولة بفضل هذه الميزة. ورغم أن Konami اكتفت بتحسينات محدودة في أسلوب اللعب، إلا أنها بذلت جهدًا ضخمًا في جانب الرسوم، لتظهر Metal Gear Solid Delta: Snake Eater بمستوى بصري مبهر؛ فالبيئات، رغم نطاقها المحدود، تبدو رائعة بحق، كما أن تفاصيل الغابة والكائنات التي تعيش فيها مذهلة إلى حد كبير.
على الرغم من الجهد الكبير الذي استثمرته Konami في تحديث Metal Gear Solid 3 عبر نظام تحكم مطور ورسوميات محسّنة عززت الأجواء والانغماس بشكل واضح، كان من المخيب أن يظل ذكاء الأعداء متوقفًا عند مستوى عام 2004. ومع إعادة بناء محرك اللعبة بالكامل، بدت الفرصة مثالية لتحسين الذكاء الاصطناعي، لكن النتيجة جاءت متذبذبة وغير مرضية. ففي بعض المواقف، يقف حارسان متجاوران، وعندما يسقط أحدهما بسهم مهدئ بالكاد يُظهر الآخر أي رد فعل، بينما في مواقف أخرى، ورغم ارتفاع مستوى التمويه وكوني مختبئًا بإتقان، يتمكن العدو من اكتشافي فورًا وإطلاق الإنذار. والأمر ذاته يتكرر عند التنكر بزي العالم؛ إذ يتم التعرف علي مباشرة وإطلاق الإنذار. مثل هذه اللحظات تقوض الإحساس بالانغماس الذي سعت التحديثات الحديثة إلى ترسيخه.
للأسف، حملت Metal Gear Solid Delta: Snake Eater معها بعض أوجه القصور الموجودة في النسخة الأصلية، خصوصًا في النص السينمائي. فبينما قد يكون الطابع المبالغ فيه ممتعًا أحيانًا، فإن الحوار المليء بالتفاصيل التوضيحية يصبح مرهقًا في بعض اللحظات. ورغم أن فريق التمثيل، بقيادة الأسطورة ديفيد هايتر، قدّم أداءً مميزًا، فإن أسلوب الإلقاء يبدو متقادمًا. كما أن Delta عانت من تمسّكها الكبير بالمادة الأصلية؛ فبالرغم من أن Snake Eater تُعد ذروة السلسلة بالنسبة إلى المعجبين، فإنها لم تكن خالية من العيوب. وكانت إعادة التطوير فرصة مثالية لتصحيح تلك الثغرات، إلا أن الفريق فضّل اللعب في منطقة الأمان، وهو خيار مخيب للآمال بعض الشيء.
تبدو حركات الشخصيات متقنة للغاية، لكن ما لفت انتباهي حقًا هو مستوى التفاصيل الدقيقة على أجسادهم. فكل إصابة يتعرض لها Snake، سواء كانت رصاصة أو عضة أفعى أو أي جرح آخر، تترك ندبة واضحة تتطور مع مرور الوقت. ورغم أن آليات الشفاء ما زالت موجودة وتبقى مزعجة بعض الشيء، فإنها الآن تعكس رحلة معاناتك في الغابة كخريطة حية لكل مواجهة خضتها مع الأعداء. ففي إحدى اللحظات، كان العرق والدم يلمعان على جسده تحت ضوء القمر، وجسده مثقل بآثار الطلقات من معركة سابقة، بينما بدأ طلاء الوجه والجسد يتشقق على بشرته. بعيدًا عن هذه اللمسات المذهلة، تبدو Delta بأكملها رائعة بصريًا. لقد كان تركيز Konami واضحًا على إعادة تقديم كل تفصيلة من النسخة الأصلية بجودة تفوق التوقعات، مع جهد ملحوظ للحفاظ على روح اللعبة الأصلية.
تؤكد Metal Gear Solid Delta أن الانتقال إلى محرك جديد يمكن أن يتم دون المساس بروح السلسلة. كما تُظهر أن اهتمام المعجبين ما زال قائمًا حتى بعد رحيل كوجيما. لكن ما لم تنجح اللعبة في إثباته هو قدرة الفريق على تقديم محتوى أصلي جديد، إذ إن Metal Gear Solid Delta لا تضيف فعليًا أي عناصر مبتكرة إلى التجربة.
يمكن القول أن Metal Gear Solid Delta إعادة إصدار وفية للعبة الأصلية بشكل شبه كامل، بمعنى أن القليل قد تغيّر، فالتعديلات في أسلوب اللعب تجعلها تجربة لا غنى عنها، وتبدو اللعبة مذهلة من جميع النواحي، والمشاهد السينمائية تمنح إحساسًا وكأنك تشاهد فيلمًا، لكن الكثير من عناصرها بقيت دون تغيير مثل الذكاء الاصطناعي للأعداء وخيارات التخفي المتاحة، مما يثير المزيد من التساؤلات حول مصير الأجزاء الجديدة كليًا من السلسلة، وما إذا كان هناك من هو قادر على تعويض رحيل هيديو كوجيما.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة IGN ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من IGN ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.