هل شعرت يومًا بآلام في اليدين أو المعصمين بعد اللعب لفترات طويلة بألعاب الفيديو؟ قد لا يكون هناك مصطلح طبي محدد لهذا الأمر، لكنه بالتأكيد واقع يعيشه الكثير من اللاعبين. فقد كانت هناك في الماضي وحدات تحكم مصممة بشكل غريب، وخاصة في الحقبة الكلاسيكية، مما كان يسبب آلامًا أو شعورًا بعدم الراحة حتى مع الاستخدام القصير.
أما اليوم، فرغم أن بعض وحدات التحكم الحديثة قد تكون غير مريحة أحيانًا، إلا أن التجربة بشكل عام أصبحت أفضل بكثير وأكثر راحة لأيدينا مقارنة بما كان عليه الحال في الماضي. وهذا يوضح مدى التطور الكبير الذي شهدته صناعة الألعاب في تصميم أدوات اللعب لتكون مناسبة أكثر للمستخدمين.

Nintendo Entertainment System
عندما صدر جهاز Nintendo Entertainment System أو اختصارًا NES، كان مطورو ومصممو أجهزة الألعاب قد استوعبوا بشكل جيد المبدأ الأساسي لتصميم وحدات التحكم الحديثة، وهو أن تكون أزرار الحركة موجودة على الجهة اليسرى بينما تكون أزرار الأوامر على الجهة اليمنى. هذا الترتيب أصبح قاعدة متبعة لاحقًا في معظم أجهزة التحكم وكان يعتبر وقتها تقدمًا ملحوظًا في جعل تجربة اللعب أكثر تنظيمًا وانسيابية من الأجيال السابقة التي اتسمت بعشوائية أكبر في توزيع الأزرار.
لكن رغم هذا الإنجاز، فإن تصميم وحدة التحكم الخاصة بالـ NES ظل يعاني من مشكلات واضحة جعلته غير مريح عند الاستخدام لفترات طويلة. فالوحدة كانت تأخذ شكلًا مستطيلًا حاد الزوايا، وهو ما جعل الإمساك بها مزعجًا للغاية. اللاعبون كانوا يواجهون مشكلتين رئيسيتين أثناء اللعب: الأولى أن أيديهم وأصابعهم كانت تتعرض للتشنج والإرهاق مع محاولة تثبيت الإمساك بالجهاز لفترة طويلة، والثانية أن الزوايا القائمة بزاوية 90 درجة كانت تضغط بشكل مباشر على جوانب اليد، مسببة آلامًا واضحة عند الاستخدام المستمر.
هذا التصميم أدى إلى تجربة متناقضة؛ فمن ناحية كان الجهاز عمليًا ويؤدي الوظيفة الأساسية المتمثلة في التحكم باللعبة بشكل جيد، ومن ناحية أخرى كان يفرض على اللاعبين تحمل مستويات من الانزعاج الجسدي لم تكن ضرورية. فبينما كانت الألعاب ممتعة ومسلية، فإن وحدة التحكم بحد ذاتها كانت سببًا في شعور اللاعبين بعدم الراحة بسرعة كبيرة، وهو ما جعل الكثيرين يتذكرونها كجزء من الماضي الذي ساعد في بناء الأساس، لكنه لم يكن مثاليًا على صعيد الراحة أو الجانب الإنساني لتجربة اللعب.
يمكن القول إن وحدة التحكم الخاصة بجهاز NES كانت لحظة مهمة في تطور تصميم أدوات اللعب، لكنها أيضًا سلطت الضوء على أهمية الراحة الجسدية، وهو ما دفع الشركات لاحقًا إلى الاهتمام بشكل أكبر بالجوانب المريحة (Ergonomics) عند تطوير وحدات التحكم الجديدة.
TubroGrafx-16
كانت وحدة التحكم الخاصة بجهاز TurboGrafx-16 شبيهة للغاية بوحدة التحكم الخاصة بجهاز NES من حيث التصميم العام والتوزيع التقليدي للأزرار، لكنها حملت اختلافًا أساسيًا جعل تجربة استخدامها مختلفة تمامًا، وهذا الاختلاف كان في الارتفاع. فقد كان هناك بروز إضافي وكتلة ملحوظة فوق الأزرار الرئيسية، وهو ما جعل طريقة الإمساك بالجهاز مختلفة عن غيره. فقد بدا أن التصميم يدفع اللاعبين بشكل غير مباشر إلى حمل وحدة التحكم من الأسفل أكثر من المعتاد، بحيث تصبح اليد في موضع منخفض نسبيًا عن الأزرار.
هذه الوضعية الجديدة في الإمساك سببت مشكلة واضحة أثناء الاستخدام. فعندما تُمسك الجهاز في مكان منخفض، تجد نفسك مضطرًا لمد أصابعك، وخاصة الإبهام، لمسافة أطول من المعتاد من أجل الوصول إلى أزرار الاتجاه (D-Pad) أو الأزرار الرئيسية المخصصة للعب. ومع تكرار الحركة والضغط بشكل متواصل، كان الإبهام يتعرض لإرهاق كبير أسرع مما هو متوقع، وكان اللاعبون يعانون من إجهاد شديد وانقباض في العضلات بعد فترة قصيرة فقط من اللعب.
هذا يعني أن جلسات اللعب الطويلة مع جهاز TurboGrafx-16 كانت أكثر صعوبة جسدية من غيرها، حيث كان التصميم يؤدي مباشرة إلى شعور بعدم الراحة وزيادة احتمالية الشعور بالتعب العضلي في اليدين. وعلى الرغم من هذه العيوب، فإنه بالمقارنة مع بعض وحدات التحكم الأخرى في تلك الحقبة التي كانت تأتي بتصاميم غريبة وغير عملية على الإطلاق، فإن وحدة التحكم الخاصة بـ TurboGrafx-16 على الأقل حافظت على الشكل التقليدي المعتاد لأجهزة التحكم، أي الشكل المستطيل التقليدي مع الأزرار إلى اليمين وأزرار الحركة إلى اليسار، حتى وإن لم يكن التصميم الأمثل من ناحية الراحة ergonomics.
وبالتالي، يمكن القول إن تجربة وحدة التحكم هذه كانت مزيجًا من الألفة من ناحية الشكل التقليدي، لكنها في الوقت نفسه كانت مثالًا واضحًا على كيف أن تفصيلة صغيرة في التصميم مثل الارتفاع قد تؤثر بشكل سلبي مباشر على راحة اليد وتجعل اللاعبين يشعرون بالإرهاق بشكل أسرع.
Gakken Compact Vision TV Boy
كان جهاز Compact Vision TV Boy واحدًا من الأجهزة الغريبة في تاريخ وحدات التحكم، حيث تميز بتصميم مختلف تمامًا عن السائد وقتها. فقد اعتمدت وحدة التحكم الخاصة به على عصا تحكم أفقية ممتدة مع مقبضين جانبيين، وهو تصميم كان يمكن للبعض أن يراه متقدمًا على عصره، لأنه قدم فكرة جديدة في طريقة الإمساك بالجهاز. لكن في المقابل، اعتبره الكثيرون تصميمًا غير عملي على الإطلاق، لأنه تسبب في مشاكل جسدية واضحة أثناء اللعب.
هذا الأسلوب في التصميم أجبر اللاعبين على وضع أيديهم بشكل متوازٍ على جانبي وحدة التحكم، وهو ما جعل الكتفين في وضعية منحنية طوال فترة اللعب، كما أدى إلى اتخاذ المرفقين وضعيات غير طبيعية وغير مريحة. بعد حوالي ثلاثين دقيقة فقط من اللعب، كان معظم اللاعبين يشعرون بآلام في الذراعين والكتفين بسبب الضغط المستمر الناتج عن الإمساك بهذه الطريقة الأفقية غير المألوفة. هذا جعل تجربة اللعب مرهقة جسديًا بشكل سريع جدًا مقارنة بأجهزة التحكم الأخرى في تلك الفترة.
ورغم كل ذلك، فإن عدد الأشخاص الذين واجهوا هذه المعاناة لم يكن كبيرًا، وذلك لأن جهاز Compact Vision TV Boy لم يُطرح إلا في اليابان فقط. الجهاز فشل في منافسة جهاز NES الذي كان مهيمنًا على السوق في ذلك الوقت، وهو ما أدى إلى ضعف مبيعاته وقلة شعبيته بشكل كبير. نتيجة لذلك، حصل الجهاز على دعم قصير الأمد جدًا، ولم يستمر طويلًا في السوق، مما جعله يختفي بسرعة ولا يترك أثرًا واضحًا في ذاكرة معظم اللاعبين.
وبذلك أصبح هذا الجهاز مثالًا على كيف أن الأفكار الغريبة أو “المتقدمة على وقتها” يمكن أن تتحول إلى عبء إذا لم يتم تنفيذها بشكل يراعي راحة اللاعبين. ورغم أنه جزء صغير من تاريخ صناعة الألعاب، فإنه يظل شاهدًا على أن التصميم غير المريح قادر على إفساد تجربة اللعب بالكامل مهما كانت الألعاب نفسها ممتعة.
Atari 7800
كانت شركة Atari من أوائل الشركات التي ارتبط اسمها بفكرة عصا التحكم (Joystick) في أجهزة الألعاب المنزلية، حيث أصبحت رمزًا مميزًا لجهاز Atari 2600 الكلاسيكي الذي انتشر بشكل واسع في فترة صعود ألعاب الفيديو. وعندما قررت الشركة إطلاق جهاز Atari 7800، حاولت أن تبني على هذا النجاح القديم، فقامت بتصميم وحدة تحكم جديدة تحمل بعض الملامح من الماضي لكنها محدثة، إذ جعلت العصا أكثر نحافة وأضافت زرًا ثانيًا في الجهة المقابلة في محاولة لتقديم تجربة لعب أكثر تنوعًا وحداثة.
لكن الواقع كان مختلفًا تمامًا عما خططت له الشركة. فقد تسبب موقع الزر الثاني في مشكلة كبيرة، حيث كان من الصعب جدًا الضغط عليه بشكل طبيعي أثناء الإمساك بوحدة التحكم. اللاعب كان مضطرًا إلى تحريك يده أو تغيير طريقة إمساكه للجهاز للوصول إليه، وهذا جعل استخدامه غير عملي إطلاقًا. إضافة إلى ذلك، فإن الشكل العام لوحدة التحكم لم يكن مريحًا، إذ شجع التصميم اللاعبين على الإمساك بها بزاوية مائلة، وهو ما جعل التحكم ببعض الألعاب مربكًا وأحيانًا غير واضح، خصوصًا مع الألعاب التي تتطلب دقة عالية في الضغط أو التوجيه.
لقد اكتسبت وحدة تحكم Atari 7800 سمعة سيئة بسرعة بسبب مستوى الانزعاج الكبير الذي كانت تسببه للاعبين. فبعد فترة قصيرة من اللعب، كان الكثير من المستخدمين يعانون من تعب في اليدين وصعوبة في الاستمرار، مما جعل التجربة مرهقة جسديًا رغم بساطة الألعاب نفسها. هذه المشكلات أثرت بشكل مباشر على صورة الجهاز في الأسواق، حيث بدأ يُنظر إليه كجهاز يعاني من مشكلة تصميم جوهرية بدلًا من كونه تطويرًا لجهاز Atari 2600 الناجح.
وكانت درجة عدم الارتياح شديدة لدرجة أن Atari تعرضت لضغوط قوية سواء من اللاعبين أو من السوق الأوروبية نفسها، الأمر الذي أجبرها في النهاية على إطلاق نسخة بديلة من وحدة التحكم في أوروبا. هذه النسخة جاءت بشكل أقرب بكثير إلى وحدة تحكم جهاز NES المستطيلة، وهو تصميم أكثر تقليدية ووضوحًا وأثبت أنه عملي ومرن للاستخدام لفترات طويلة.
وبهذا يمكن القول إن تجربة Atari 7800 كانت مثالًا حيًا على أن الابتكار في التصميم لا يعني بالضرورة النجاح، فإذا لم يراعِ المصممون الجوانب المريحة (Ergonomics) واحتياجات اللاعبين الفعلية، فإن النتيجة قد تكون كارثية وتجبر الشركة على التراجع والعودة إلى التصاميم التقليدية التي يعرفها اللاعبون ويثقون بها.

لاعب متمرس، أعشق ألعاب القصة، ولا أجد حرجًا في قول أنني أحب ألعاب التصويب من منظور الشخص الأول أيضًا.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة سعودي جيمر ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من سعودي جيمر ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.