تدخل Silent Hill حقبة جديدة مع اقتراب صدور ثاني أكثر مشروعاتها طموحًا – Silent Hill f – في الخامس والعشرين من سبتمبر. بعد صدور Silent Hill 2 Remake العام الماضي، يشترك العنوانان في رعب السلسلة النفسي المميز، لكنهما يتناولانه من زوايا مختلفة.

يعد الريميك إعادة تخيل وفية، بينما f تجربة جريئة لإعادة ابتكار ثقافي. تسلط هذه المقالة الضوء على أبرز الفروقات بين العملين، مستعرضةً كيف يحافظ كل منهما على إرث Silent Hill العريق ويعيد تعريفه.

السرد

تتباين Silent Hill f و Silent Hill 2 Remake أيضًا في موضوعاتهما السردية الأساسية. فهيناكو شيميزو تنشأ خلال حقبة شووا في اليابان، وهي فترة تاريخية اتسمت بصراع واضح بين القيم التقليدية والمثل الحديثة، ما ولّد توترًا اجتماعيًا متزايدًا أثر على الأفراد بشكل مباشر. في سياق اللعبة، يُجسَّد هذا الضغط المجتمعي من خلال قوى خارجية طاغية تداهم هيناكو، لتعمّق صدماتها النفسية وتجعل محاولاتها للتأقلم مع محيطها شبه مستحيلة.

أما جيمس في Silent Hill 2، فإن رعبه ينبع من الداخل، فهو أسير صدمات سابقة مشابهة لما تعانيه هيناكو، لكنه يواجهها من خلال مظاهر أكثر تعقيدًا مثل الحزن المكبوت، والإنكار المستمر، وانحدار البوصلة الأخلاقية. بهذا الاختلاف، تعكس كل لعبة جانبًا مغايرًا من الرعب النفسي: الأول اجتماعي ضاغط يهاجم من الخارج، والثاني ذاتي ينهش الروح من الداخل.

القتال

قدّم Silent Hill 2 Remake العديد من الآليات القتالية الجديدة التي أضافت تنوعًا وعمقًا للتجربة، مثل التصويب اليدوي بالأسلحة النارية، وإمكانية إرباك الأعداء عبر استهداف نقاط ضعفهم، إضافة إلى أسلحة اشتباك حادة جديدة، مع قدرات مراوغة مبتكرة، وهاتان الأخيرتان ستتوسع Silent Hill f في تطويرهما بشكل أوضح.

لكن ما يميز تجربة هيناكو أنها تتخلى عن الاعتماد على الأسلحة النارية بالكامل لصالح تركيز أكبر على أسلحة الاشتباك القريب. يمكن للاعبين في Silent Hill f أن يتوقعوا استخدامًا كثيفًا للأدوات الأيقونية التي عُرفت بها السلسلة، مثل الأنبوب الحديدي الشهير، إلى جانب مضارب البيسبول، والأسلحة اليابانية التقليدية مثل رماح نينيغاتا، إضافة إلى المناجل والسكاكين.

متانة الأسلحة

من أبرز العناصر التي تزيد التوتر في أسلوب القتال القائم على الاشتباك القريب في Silent Hill f هو نظام متانة الأسلحة. حيث ستتأثر العصي والسكاكين والأنابيب الحديدية بشكل مرئي مع كل ضربة إلى أن تنكسر تمامًا في نهاية المطاف.

لمواجهة هذا التدهور، تحمل هيناكو ما يصل إلى ثلاثة أسلحة يمكن التبديل بينها بحرية تامة وفق الحاجة. إضافة إلى ذلك، تستطيع استخدام أطقم إصلاح مخصصة لإعادة المتانة للسلاح المستهلك، رغم ذلك تبقى هذه الأطقم نادرة الوجود وصعبة الحصول عليها.

هذا الاختلاف يبرز عند مقارنته مع Silent Hill 2 Remake التي لم تعتمد على نظام متانة الأسلحة إطلاقًا، بل أتاحت للبطل جيمس ترقية ترسانته التي يجمعها من البيئة المحيطة. هذا الاختلاف في التصميم يعكس توجهًا جديدًا من المطورين نحو زيادة التحدي وتعزيز الإحساس بالقلق المستمر لدى اللاعب، حيث يصبح الحفاظ على الأدوات ومعرفة التوقيت المناسب لاستخدامها عنصرًا محوريًا للبقاء على قيد الحياة.

وضع التركيز

من بين الآليات الجديدة التي تقدمها Silent Hill f هناك ميزة وضع التركيز، التي تمنح هيناكو القدرة على إبطاء الزمن والاستجابة لهجمات الأعداء مع إمكانية تفاديها أو الرد عليها بشكل أكثر فعالية. في هذا الوضع تظهر مؤشرات للهجمات المضادة على الشاشة لفترة أطول، مما يجعل تنفيذها أكثر سهولة ويسراً للاعب.

في المقابل، اعتمدت Silent Hill 2 Remake أسلوبًا مختلفًا تمامًا للتعامل مع هجمات الخصوم، حيث كان اللاعب مضطرًا إلى توقيت حركاته بدقة شديدة، فالتفادي الناجح في تلك النسخة كان يمنح جيمس إطارات قصيرة من المناعة المؤقتة بدلاً من توفير مساحة زمنية أطول للتفاعل.

العقلانية

استخدام وضع التركيز في Silent Hill f يستنزف العقلانية، وهي آلية محورية أخرى مدمجة في أسلوب اللعب. بخلاف Silent Hill 2 Remake، حيث كان الاضطراب النفسي لدى جيمس يُعرض عبر مؤثرات بصرية خفية، هنا يتعين على اللاعب مراقبة مستويات التوتر لدى هيناكو والتحكم فيها.

امتلاء مقياس التركيز يسمح بتنفيذ هجوم تركيز قوي، لكنه يأتي على حساب العقلانية. ومع انخفاض عداد العقلانية، يصبح من الأصعب على هيناكو إعادة الدخول في وضع التركيز، مما يخلق موقفًا يقوم على الموازنة بين المخاطرة والمكافأة، حيث يقرر اللاعب متى يستخدم أقوى هجمات هيناكو مقابل فقدان السيطرة على حالتها النفسية.