هذه المراجعة مبنية على عرض خاص جرى ضمن مهرجان Fantastic Fest السينمائي لعام 2025. وسيُعرض Black Phone 2 في صالات السينما في 17 أكتوبر.
في الأيادي الخطأ، يمكن أن تصبح الأجزاء اللاحقة من الأفلام مجرد مساعي جشعة. فعندما يرى مسؤولو الاستوديوهات أفلاماً مثل Sinister أو The Black Phone تحقق إيرادات قوية في شباك التذاكر، يشتعل لديهم هوس إعادة التجربة، حيث قد تطغى علامات الدولار على الأهداف الإبداعية. لكن في الأيادي الصحيحة، يمكن للجزء الثاني أن يوسع أفكاراً جديدة ويولد إمكانات غير متوقعة. الجزء الثاني يمكن أن يفتح أبواباً لقصص لم يكن ليتخيلها أحد. المخرج سكوت ديريكسون والكاتب المشارك سي روبرت كارغيل يرفضان جعل Black Phone 2 مجرد استغلال رخيص من هوليوود، وبجهودهما يقدمان لنا أقرب تجربة إلى فريدي كروغر حتى يحين موعد جزء جديد من A Nightmare on Elm Street.
لم تكن هناك خطط بأن يحصل The Black Phone على جزء ثانٍ كونه مبني على قصة منفردة لجو هيل. لكن ديريكسون وكارغيل يدخلان منطقة جديدة وهو ما يتحول إلى ميزة لصالحهما. يعود إيثان هوك بدور المختطِف، ليس كجسد من لحم وعظم بل ككائن يطارد كوابيسك، ومع ذلك فالآلام التي يخلّفها حقيقية وتترك ندوباً. لكن عودة المختطِف ليست مجرد تقليد لأفلام مخرج الرعب الشهير ويس كرافن. فالكابوس الجديد الذي يقدمه صناع الفيلم يمثل تطوراً طموحاً لفيلم The Black Phone ويبرهن أن تكملات أفلام الرعب لا تحتاج إلى إعادة تدوير نفس التفاصيل المرعبة الرخيصة لتنجح. ورغم أن الفيلم يستعير خلفية المخيم من شخصية جايسون فورهيس، فإن هذا الفيلم ليس مجرد نسخة مكررة كما اعتادت سلسلة Friday the 13th أن تفعل.
بصراحة يمكن وصف Black Phone 2 بأنه تكملة رعب بطابع البانك روك. حيث يستخدم ديريكسون وكارغيل الشرور بدلاً من إعادة العزف على الألحان القديمة. يتحول المختطِف من سفاح يقتل الأطفال إلى منبوذ شيطاني وكأنه أخذ دروساً في التزلج على الجليد. شعور الذنب الناجم عن النجاة في الجزء الأول يلاحق فيني، الذي يؤدي دوره مايسون ثايمز من جديد، إذ يظهر كشاب مدمن يطارده شبح المختطِف. بينما مادلين ماغرو، التي تعود أيضاً من الجزء الأول، تتولى دوراً بطولياً بشخصية غوين شقيقة فيني، مستغلة أحلامها الواعية وقدراتها الاستبصارية. يتم استبدال الضواحي الهادئة في دنفر بأجواء عاصفة ثلجية في مخيم كاثوليكي عند بحيرة جبلية، ما يضيف قشعريرة شتوية إلى الأجواء والتي تتجلى من خلال مظهر المختطِف المتجمد. الفيلم لا يشبه الأصلي، ولا يريد أن يعتمد على التكرار. صناع العمل يستثمرون فرصتهم الثانية بأقصى طاقة، فهذا ليس تكمة نمطية بلا روح.
الفيلم يمثل تطوراً طموحاً لفيلم The Black Phone ويبرهن أن تكملات أفلام الرعب لا تحتاج إلى إعادة تدوير نفس التفاصيل المرعبة الرخيصة.
تركت الأحداث الدموية في The Black Phone فيني وغوين مصابين بصدمة نفسية، وهو ما يضع تركيزاً كبيراً على استكشاف شخصيتيهما. يخدّر فيني ألمه بـ"عشبة الشيطان"، تطارده هلاوس عن المختطِف، بينما غوين ترد على رنين الهواتف السوداء مدفوعة برغبتها في الحصول على إجابات ومساعدة الأرواح الضائعة. يتأمل السيناريو بالحزن والاضطراب النفسي من خلال التعمق بالأضرار التي لحقت بفيني وغوين، لكنه يتباطأ أحياناً قبل أن يظهر شر المختطِف بكامل قوته من جديد. هناك أيضاً إضافة شخصية المشرف على المخيم الذي يجسده ديميان بيشير، والذي يضيف بُعداً لاهوتياً في مواجهة الشرور الحالكة. لكن Black Phone 2 يظل دائماً فيلماً لشخصيتي فيني وغوين، دراما أخ وأخت يطاردان الأشباح بطابع قاتم حتى منتصف الفيلم تقريباً، حيث يحول المختطِف الآلام العاطفية إلى جروح نازفة وأهوال تخطف الأنفاس.
هذا لا يعني أن Black Phone 2 يصبح ذا قيمة فقط عندما يتحول الأطفال إلى جثث متجمدة. إنما الترقب للرعب الثلجي القادم هو ما يبقي أعصابنا مشدودة، حتى وإن شتت ذلك انتباهنا قليلاً بينما يتصارع فيني وغوين مع أشباح الماضي. يعيد ميغيل مورا تجسيد شخصية إرنستو أريانو، الذي يعيش تكريماً لذكرى شقيقه روبن ويظهر كحبيب غوين. وينال جيريمي ديفيز فرصته للتكفير عن الماضي بدور الأب تيرانس الذي أقلع عن الشراب وأصبح داعماً ومحباً لفيني وغوين. كل ذلك ضروري لتعميق فكرة كيف يمكن لاضطراب ما بعد الصدمة أن يمزق العالم من حولك، مع الأمل في أن تسود أيام أكثر إشراقاً. ومع ذلك يمكن الإحساس بمدة الفيلم التي تقترب من الساعتين، ليس بشكل مضر للغاية، لكن مع وجود لحظات كان يمكن أن تسير بخطى أسرع.
يُعدّ Black Phone 2 فيلم رعب دموياً غنياً بالغموض يتجاوز حدود الحياة والموت. يمتاز أداء إيثان هوك في دور نسخة انتقامية من ذات المختطِف بعد موته بوهج ناري، ووجهه المتآكل الذي يكشف عنه بلا قناع لتعزيز الصور المرعبة يحمل ندوباً محروقة من الجحيم. يستخدم المخرج ديريكسون كاميرا Super 8 لتمييز لحظات دخول غوين إلى عالم أحلام المختطِف حيث يمكنها وحدها مواجهته، وهو لمسة بصرية ذكية تفصل بين الواقع وعالم الأحلام. هناك إحساس قديم الطراز من "هوليوويد الغريـبة" في هذه المشاهد، كأن غوين بطلة فيلمها الغريب الخاص، لكن سرعان ما نعود إلى الواقع القاسي حيث تنزف بغزارة أو تُرمى كما لو كانت دمية قماشية غير مرئية. يحرص ديريكسون على أن تكون المخاطر واقعية بشكل مخيف في كلا العالمين، مطلقاً عنفاً يجعلك تصاب بالذهول.
وعلى الرغم من أن Black Phone 2 يغوص بالتأمل أحياناً، فإنه يظل إعادة ابتكار منعشة لقوالب أفلام القتل التقليدية. حتى الصورة النمطية عن أن الأجزاء المكمّلة لأفلام الرعب غالباً ما تصبح جنونية حاضرة هنا، إذ إن المختطِف يمتلك عرضاً كاملاً على الجليد باستخدام شفرات سحرية متجمدة. يتميز الفيلم بالمرح الأسود، بداية من رجال الثلج المرسوم على وجوههم ابتسامة المختطِف، إلى تهكماته الجنونية عبر الحوارات. ومع ذلك فإن Black Phone 2 يتجاوز حدود الصدمات والضحايا المقطوعين إلى نصفين. حيث يتناول ديريكسون وكارغيل مواضيع غامضة مثل السجن الذاتي والتعافي الحقيقي، وينتهيان برسالة إيجابية، لكن ليس قبل أن يُخضِعا شخصياتهما لليأس القاتم. إنه عمل يحتاج إلى الكثير من التأمل، والحزن فيه يترك ثقلاً كبيراً، لكن في النهاية، يجد صناع الفيلم وسيلة لتركنا بروح إيجابية بينما يقدّمون في الوقت نفسه كل ما نريده من رعب دموي.
- ترجمة ديما مهنا
يمثل Black Phone 2 تكملة فعالة حقاً، حيث ترسم ظروف الشتاء العاصف في كولورادو خلفية مغطاة بالثلوج لنشأة المختطِف، والذي يُجبِر فيني وغوين على مواجهة شياطينهما من وراء القبر. يركّز الفيلم أكثر على كيفية تعامل الناجين مع الصدمة بدلاً من أن يكون مجرد موجة قتل في الغابات، لكن هذا لا يمنع الثلج الأبيض من أن يتلطخ بالدماء من كل حدب وصوب. قد يستغرق Black Phone 2 بعض الوقت ليصل إلى ذروته، لكن ما إن تنسجم العناصر جميعها، بداية من حبكة الانتقام الخارقة للطبيعة للمختطِف إلى استغلال غوين لقدراتها الشبيهة بالوسيط الروحي لفعل الخير، حتى يثبت أنه تكملة جديرة حقاً. يمثل الفيلم نموذجاً يحتذى به لكيف يمكن للأجزاء الثانية أن تتوسع أكثر وتكسب جاذبية مستقلة، من خلال تفضيل الأصالة على التكرار، ومكافأة المعجبين بدلاً من استغلال ولائهم.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة IGN ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من IGN ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
