تحذير، تحتوي هذه المراجعة على حرق كامل للحلقة 7 من الموسم 2 من Peacemaker بعنوان “Like a Keith in the Night”. الحلقة السابعة من الموسم الثاني لمسلسل Peacemaker ليست مجرد محطة انتقالية قبل النهاية، بل نافذة مفتوحة على الجرح الداخلي لشخصية كريس، الذي لم يعد يملك سوى حطام عائلته ليحمله معه عبر الأكوان. فمهما حاول الهروب أو البحث عن واقع بديل يمنحه بداية جديدة، يتضح أن قدره واحد: أن يكرر المأساة وأن يرى من حوله يتفتتون قطعة بعد أخرى. هذه الحلقة لا تبحث عن الإثارة العابرة بقدر ما تنقب في أعماق الحزن الإنساني، وتُثبت أن وراء الدروع الصاخبة بطلاً هشًا لا يستطيع إنقاذ نفسه من نفسه. المثير أن المسلسل، المعروف بجرأته وكوميديته السوداء، كبح إيقاعه المعتاد ليمنح المشاهد لحظات صمت ثقيلة، تعكس وجع شخصية عاشت طوال حياتها في ظل أب متعسف وأخ مسلوب المستقبل. رحلة كريس في هذه الحلقة لم تكن مواجهة مع خصوم خارجيين بقدر ما كانت مواجهة مع صورته المشوهة كابن، وأخ، ورجل لم يتعلم أن يحافظ على ما يحب. وحتى حين يجد نفسه في بُعد آخر، يكتشف أن لعنة العائلة ترافقه، وأن الاختلاف الوحيد يكمن في شكل الخراب، لا في التخلص منه. جون سينا قدم واحدًا من أفضل عروضه التمثيلية منذ بداية المسلسل. لم يعتمد على المبالغة الكوميدية أو الصراخ الجسدي الذي ميز الشخصية في السابق، بل على تعبيرات وجه منهكة وصوت متردد يشي بالهزيمة الداخلية. المشاهد التي واجه فيها انعكاس والده كانت محملة بطاقة مكبوتة، كأن كل كلمة حوار تحمل سنوات من الكراهية والحب الملتبس والجرح المفتوح. هذه اللحظات من الصدق جعلت من الحلقة قطعة درامية خالصة، أعمق مما كان يتوقعه الكثير من متابعي عمل يصنف عادة ضمن مسلسلات الأكشن العبثي. لكن، ورغم هذه القوة العاطفية، لا يمكن إنكار أن الحلقة دفعت ثمن قصر مدتها. الأحداث المفصلية تراكمت بسرعة جعلت بعض المواقف تبدو مختزلة، خصوصًا في حضور الأب الذي انتهى قبل أن يترك الأثر الكامل الذي كان يمكن أن يتركه لو امتد ظهوره لمشهدين أو ثلاثة إضافية. كذلك، شخصية كيث، شقيق كريس، بدت وكأنها لم تأخذ المساحة التي تستحقها. اللحظة التي عرف فيها خبر وفاة أخيه كان من الممكن أن تُصبح إحدى أقوى مشاهد الموسم، لكنها عُرضت وكأنها تفصيل عابر، لتفقد بعضًا من الوزن الدرامي الذي كان سيضاعف من قسوة الحلقة. على المستوى الفني، حافظ الإخراج على أسلوب جيمس غان المألوف، لكنه في هذه المرة مال أكثر إلى الدراما الثقيلة. الكاميرا التصقت بالوجوه، لتبرز التناقض بين القوة الجسدية للشخصيات وضعفها الداخلي. حتى الموسيقى، التي اعتدنا أن تملأ الشاشة بصخب الروك والميتال، خفت صوتها لصالح نغمات حزينة أكثر، كأنها تعكس الفراغ الذي يبتلع كريس مع كل خطوة يخطوها. المشاهد هنا لم تكن مجرد وسيلة لدفع الحبكة، بل مرآة تعكس نفسية بطل ينهار أمام عيني المشاهد ببطء. وإن كانت هذه الحلقة قد بدت تمهيدية بشكل واضح للحلقة الأخيرة، فهي فعلًا قامت بدورها المطلوب: ترتيب الخيوط الدرامية وجمعها في نقطة واحدة تُمهّد للانفجار الحتمي. غير أنها في الوقت نفسه امتلكت ما يكفي من العمق لتقف كعمل مستقل، يمكن قراءته كتراجيديا صغيرة داخل مأساة أكبر. هي ليست مجرد حلقة انتقالية، بل شهادة على أن حتى أبطال الكوميكس، حين يُنزع عنهم بريق القوة الخارقة، يصبحون بشرًا محطمين، يبحثون عن دفء عائلة لن يجدوها أبدًا. في النهاية، الحلقة السابعة من الموسم الثاني لـ Peacemaker حلقة ممتازة، مفعمة بالعاطفة والحزن، تكشف هشاشة بطلها وتثبت أن أعظم معاركه ليست ضد الأعداء، بل ضد إرثه الشخصي ولعنته العائلية. لكنها أيضًا حلقة محدودة بمدتها، مترددة في منح بعض الشخصيات حقها الكامل. ومع ذلك، تظل تجربة مؤثرة ومهيبة، وتستحق التقدير لما قدمته من أداء تمثيلي استثنائي وربط متقن للخطوط الدرامية.الحلقة السابعة من Peacemaker في موسمه الثاني نجحت في أن تكون أكثر حلقات الموسم عاطفية وإنسانية، عكست هشاشة بطلها وربطت معظم الخيوط الدرامية استعدادًا للنهاية الكبرى. لكنها دفعت ثمن قصر مدتها وضغط أحداث محورية، ما جعل بعض الشخصيات تبدو مهمشة رغم أهميتها. ومع ذلك، تبقى حلقة ممتازة تكشف أن خلف الضوضاء والكوميديا هناك قلب محطم يجرّ خلفه إرثًا من الألم.