تحت سماء طوكيو الممزقة، حيث يختلط وهج النيون ببخار المطر المسموم، ينساب ظلٌ رشيق فوق أسطح المباني كأن المدينة تلفظ آخر أنفاسها. قطرات Rain of Darkrot تنهمر كلعنة، تذيب الفولاذ وتشوه البشر، فيما تتسلل أصداء صرخات مكتومة من الأزقة التي ابتلعتها الفوضى. وفي قلب هذا الخراب… تتحرك شفرة نينجا بسرعة البرق، تقطع السكون قبل أن تقطع لحم أعدائه. هنا لا يوجد مكان للضعفاء، ولا مجال لالتقاط الأنفاس. كل قفزة قرار مصيري، وكل ضربة ليست مجرد حركة، بل وعدٌ بالحياة، أو توقيعٌ على شهادة الموت. وسط الظلام يظهر "ياكومو" نينجا تسكنه لعنته الخاصة، يسير على خيط رفيع بين الانتقام والخلاص، وبين إرثٍ ثقيل ودماء لا تجف. ومع عودة "ريو هايابوسا" إلى الظلال، يصبح السؤال هل يكفي أن تكون نينجا… أم يجب أن تكون أسطورة؟ والآن نَقول لكم مرحبًا في مراجعتنا للعبة Ninja Gaiden 4 حيث لا تُروى القصة… بل تُنزف. ياكومو يواجه إرث عشيرة هايابوسا وسط طوكيو المدمرة تفتتح Ninja Gaiden 4 أبوابها على "طوكيو" المستقبلية التي تلتهمها كارثة تُعرف باسم Rain of Darkrot وهي ظاهرة ملعونة لا تدمر الأرض فحسب، بل تفسد الأرواح، وتحول البشر والمخلوقات إلى مسوخ مشوهة. مدينة النيون والصلب غرقـت في كابوس دائم، حيث الفوضى واليأس أصبحا القاعدة الجديدة، ومع سقوط آخر مظاهر النظام، ظهرت طائفة مظلمة تُسخر طاقة هذا العفن المظلم لتحقيق طموحٍ واحد وهو إعادة تشكيل المدينة تحت قبضتها. وسط هذا الخراب يخرج "ياكومو" آخر وريث لعشيرة "الغراب" وآخر من تربى على تقاليد النينجا الأصيلة. لم ينطلق حامل السيف هذا ليكون بطلًا أو منقذًا… بل ليقتل. مهمته محددة بدمٍ ووصايا وهي اغتيال الكاهنة التي يُعتقد أنها المصدر وراء بعث قوة التنين المظلم. لكن الدم الذي يسفكه في طريقه يقوده إلى حقيقة لم يكن مستعدًا لها… فما بدأ كعملية قتل يتحول سريعًا إلى رحلة تكشف أسرارًا مدفونة منذ قرون، وتضع "ياكومو" على مواجهة قدرٍ لا مفر منه، قدر قد يجعل منه منقذًا… أو آخر مسمار في نعش هذا العالم. فما بدأ كعملية قتل يتحول سريعًا إلى رحلة تكشف أسرارًا مدفونة منذ قرون لا تكتفي Ninja Gaiden 4 بتقديم حبكة تكون مجرد ذريعة لأسلوب اللعب الممتع المعتاد بالسلسلة، بل تمضي أبعد من ذلك عبر معالجة صراعٍ درامي يتمحور حول الفجوة بين إرث النينجا القديم وروح الجيل الجديد. وفي قلب هذا الصراع يعود "ريو هايابوسا" بطل السلسلة الأسطوري، كشخصية قابلة للعب في فصول محددة، حيث يتقمّص دور "الظل الأخير" وهو المعلم الصامت الذي يختبر قدرات بطلنا الجديد، ويوجهه نحو فهم المعنى الحقيقي للانتماء إلى عالم النينجا في زمن تغيرت فيه القيم والمعايير. للأسف كان ولازالت التجربة السردية هي نقطة ضعف السلسلة، ولكن يُمكن القول بأن قصة Ninja Gaiden 4 هي الأفضل بين أجزاء السلسلة حتى الآن. ولكن أكثر ما يُسيء لتجربة القصة هو الانهيار المفاجئ في وتيرة الأحداث في منتصف اللعبة فبعد انطلاقة جيدة تمهد لصراع مثير، تدخل اللعبة في حالة من الخمول السردي، حيث تختفي المشاهد السينمائية بشكل غريب ويتقلص حجم التقدم القصصي إلى الحد الذي يجعلنا نشعر وكأن اللعبة توقفت عن الوجود مؤقتًا. هذا الهبوط الحاد لا يبرر لا من ناحية البناء الدرامي ولا من ناحية الإخراج. القلب النابض للسلسلة كان وسيظل أسلوب اللعب والقتال القلب النابض للسلسلة كان وسيظل أسلوب اللعب والقتال، وهذا الجزء يلمع في كثير من جوانبه، لكنه لا يصل للكمال. نعم لعبة Ninja Gaiden 4 تُقدم أقوى أسلوب لعب قتالي منذ الجزء الثاني، لكنها في الوقت نفسه تدفع اللاعب أحيانًا نحو الإحباط بدل الشعور بالإنصاف. منذ اللحظة الأولى تتبنى اللعبة فلسفة "البقاء للأكثر مهارة"، وهو الأمر الذي نراه واضحًا مع كل اشتباك وكأنه امتحان شرس. وكل خطأ حتى لو كان بسبب زوايا كاميرا ضيقة أو قراءة متأخرة لضربة مفاجئة يُعاقَب بلا رحمة. ورغم أن إعادة تصميم أسلوب القتال من الصفر جعلته أكثر سلاسة وديناميكية، إلا أن هذا التطوير جاء بثمن منحنى صعوبة غير متزن في بعض المناطق، وحدة مبالغ فيها في العقاب قد تنفر لاعبين رغم براعتهم. تقدم لعبة Ninja Gaiden 4 مجموعة واسعة من الأسلحة تبدأ بـسيوف الكاتانا ذات السرعات والأنماط القتالية المتنوعة، مرورًا بـالرمح الممتد الذي يتيح قتالًا آمنًا مع مجال تحكم أكبر، ووصولًا إلى المخالب الحديدية المناسبة لمحترفي الاشتباك السريع والقريب. وإلى جانب الأسلحة التقليدية يمتلك بطلنا "ياكومو" قدرات خاصة أبرزها Blood Raven Form، والتي توفر اندفاعًا دمويًا هائلًا يفتح أساليب هجومية جديدة وأكثر شراسة. كل سلاح يأتي مع شجرة تطوير مستقلة تمنح اللاعبين حرية بناء أسلوب لعبهم وفقًا لتفضيلاتهم سواء اعتمدوا على المناورة الدقيقة أو الهجمات المباشرة. هذه المرونة تُعد من نقاط قوة اللعبة لكنها أيضًا تضع تحديًا على مستوى التوازن بين الأسلحة، حيث يبرز تفوق بعض الخيارات بشكل واضح على غيرها. يتميز الأعداء بلعبة Ninja Gaiden 4 بذكاء لافت فهم يراقبون أسلوب لعبك ويدرسون تحركاتك، وينقضون لاستغلال أصغر هفوة بمهارة قاتلة. غير أن المشكلة تكمن في أن هذا الذكاء الاصطناعي يتجاوز في بعض الأحيان حدود "التحدي العادل" إلى مستوى من الاستباق غير المنطقي، وكأن الخصوم يطالعون ما تضغطه بوحدة التحكم قبل أن تنفذها حتى. صحيح أن هذا النهج يخلق مواجهات متوترة ومثيرة تُبقيك في حالة يقظة دائمة، لكنه يترك أيضًا انطباعًا مزعجًا بأن اللعبة تتآمر عليك بدل أن تتحداك، مما قد يحد من شعور الإنجاز لدى البعض. بعض الزعماء يقدمون تحديًا متقنًا ومتوازنًا بأساليب قتالية مبتكرة تتماشى مع سمعة السلسلة تُعد معارك الزعماء بلعبة Ninja Gaiden 4 من أبرز لحظات اللعبة فنيًا وبصريًا، حيث ترتقي مواجهات مثل Queen of Decay إلى مستوى الأعمال السينمائية، وتمنح اللاعب شعورًا استثنائيًا بالإنجاز عند الانتصار والقضاء عليهم، وهذه المعارك تُلخص فلسفة اللعبة بأكملها: "من لا يتعلم بسرعة، لا ينجو." ومع ذلك لا يخلو القتال ضد الزعماء من تفاوت واضح، فهناك بعض الزعماء يقدمون تحديًا متقنًا ومتوازنًا بأساليب قتالية مبتكرة تتماشى مع سمعة السلسلة، في حين يفتقد آخرون هذا الإبداع ويشعر اللاعب أحيانًا أن الأفكار استُنزفت قبل أن تصل المواجهة إلى أقصى إمكاناتها. المدينة المستقبلية المدمرة تحت قطرات Rain of Darkrot تنبض بالخطر والضغط المستمر في Ninja Gaiden 4 لا يقتصر التنقل على مجرد الانتقال من نقطة إلى أخرى، بل أصبح جزءًا لا يتجزأ من تجربة القتال. ونرى مدينة "طوكيو" المستقبلية المدمرة تحت قطرات Rain of Darkrot تنبض بالخطر والضغط المستمر، مما يمنح كل خطوة شعورًا بالرهبة والتوتر. التنقل على الأسطح والجري على الجدران، واستغلال الارتفاعات لتنفيذ ضربات من الأعلى يجعل الحركة سلسة ومليئة بالإثارة، ويُحول البيئة إلى عنصر فعال يثري كل مواجهة ويُضفي على اللعبة بعدًا بصريًا مميزًا. وقد نجح فريق Team Ninja بالفعل بجزئية تصميم المراحل التي أصبحت أكثر انفتاحًا مقارنة بالأجزاء السابقة مع وجود مسارات فرعية ومكافآت مخفية، دون أن تتحول اللعبة إلى عالم مفتوح كامل. لعبة Ninja Gaiden 4 تمتلك هوية بصرية مميزة تجمع بين العنف والجمال تتميز Ninja Gaiden 4 بعرض بصري قوي يترك انطباعًا فورياً، حيث تمتزج العناصر المادية مثل المطر والدماء والإضاءة المتكسرة مع البيئة المستقبلية المدمرة لمدينة "طوكيو"، ما يعمق شعور الغموض والضغط المستمر. كل مواجهة لا تقتصر على القتال فقط، بل تتحول إلى مشهد بصري متقن يعكس العنف والجمال في الوقت ذاته، ويعزز اندماج اللاعب مع عالم اللعبة المظلم والمثير. يمتد تميز Ninja Gaiden 4 إلى الأداء الفني والتقني، حيث حافظت اللعبة على ثباتها على Xbox Series X عند 60 إطارًا في الثانية، مع إمكانية الوصول إلى 120 إطارًا في وضع الأداء. هذا المستوى من الاستقرار ضروري جدًا في لعبة تعتمد على ردود الفعل السريعة والدقة في القتال. تُعد موسيقى Ninja Gaiden 4 من أبرز مفاجآت اللعبة، حيث عاد "كيجي ياماغيشي" ملحن الجزء الأول من السلسلة ليَعزف لنا من جديد مزيجًا مذهلًا من الإيقاعات اليابانية التقليدية. أثناء المعارك تتصاعد الإيقاعات ديناميكيًا مع شراسة القتال، بينما المشاهد الدرامية تُدعم بموسيقى حزينة تعكس ثقل الإرث الذي يحمله الأبطال. تُعد موسيقى Ninja Gaiden 4 من أبرز مفاجآت اللعبة، حيث عاد "كيجي ياماغيشي" ملحن الجزء الأول من السلسلة ليَعزف لنا من جديد مزيجًا مذهلًا من الإيقاعات اليابانية التقليدية. أثناء المعارك تتصاعد الإيقاعات بشكل ديناميكي مع شراسة القتال، بينما تُدعم المشاهد الدرامية بموسيقى حزينة تُبرز ثقل الإرث والمهام التي يحملها أبطالنا. تتفوق لعبة Ninja Gaiden 4 أيضًا في المؤثرات الصوتية، حيث تمتاز التفاصيل الدقيقة من صرير السيوف إلى تمزق الأعداء بواقعية مذهلة، وكأن كل ضربة حقيقة تمامًا.بعد سنوات من الغياب تعود لعبة Ninja Gaiden 4 كضربة سيف حادة تستهدف حنين جمهورها، فتُشعل ساحة ألعاب Hack & Slash بنظام قتال متوحش الإيقاع، متقن البناء، وقادرة على تحويل كل مواجهة إلى اختبار لياقة عقلية وبدنية، وهو ما نجحت في تقديمه بامتياز، لتذكر اللاعبين بسبب المكانة التي احتفظت بها السلسلة لدى جمهورها. أسلوب اللعب يُعد أبرز عناصر القوة هنا، إذ يوفر مواجهات مكثفة تتطلب التحكم الجيد والقراءة السريعة لأساليب العدو وتنفيذًا متقنًا للحركات. ورغم أن الصعوبة لا تزال مرتفعة، إلا أنها مبنية هذه المرة على مبدأ "التحدي العادل"، ما يمنح اللاعب شعورًا مستحقًا بالإنجاز مع كل انتصار. على مستوى العرض البصري فإن اللعبة تقدم أداءً تقنيًا ثابتًا ومشاهد سينمائية مميزة تعزز من حدة المعارك، إلا أن قلة التنوع في البيئات وعدم الجرأة في أسلوب التصميم يقللان من تأثير هذا الجانب، خصوصًا في ظل المنافسة الحالية. أما السرد فلا يزال نقطة ضعف السلسلة، على الرغم أن قصة هذا الجزء أفضل بكثير من سابقيه، إلا وأنه لا يُضيف قيمة تُذكر لتجربة اللعب.