يقدّم المخرج دان تراكتنبرغ مغامرته الثالثة في عالم الـ Yautja من خلال فيلم Predator: Badlands، وهذه المرة البطل هو نفسه أشهر صيّاد للكائنات في المجرة. إنها نقلة جريئة في منظور السلسلة، لكن أعتقد أنّ تراكتنبرغ نجح في تنفيذها.
بعد أن صدرت أفلام Prey وPredator: Killer of Killers حصرياً على Hulu، يعود الـYautja أخيراً إلى الشاشة الكبيرة. يتبع فيلم Predator: Badlands قصة "ديك"، الأخ الصغير والمنبوذ من عشيرته، بينما يُنفى إلى أخطر كوكب في المجرة في محاولة لكسب "خطوطه" وشارة التمويه الخاصة به. إنها قصة "طقوس عبور" مألوفة للغاية، وهذا بالضبط ما يجعلها فعالة لهذا الفيلم وللتغيير في وجهة النظر الذي يسعى إليه.
من الصعب توسيع أسطورة كهذه. فبعد سبعة أفلام من السلسلة وما مرّت به من تقلبات وإخفاقات، يصبح تحديد محور التركيز الجديد مهمة شبه مستحيلة. لكنّ حل تراكتنبرغ كان بسيطاً وأنيقاً: "كما تعلمون، مجرد كونك الأخ الأصغر أحياناً هو أمر صعب بحد ذاته".
سجلّ تراكتنبرغ الحافل يُظهر أنه يعرف كيف يصنع فيلماً متقناً. أفلامه تقوم على قصص بسيطة وواضحة، لكنه يبرع في تصميم المشاهد، وتنظيم اللقطات بذكاء، ووضع الكاميرا في الأماكن المثالية لاستخراج أقصى تأثير من تلك الفرضيات البسيطة. ويعتبر Badlands مثالاً جديداً في مسيرته على تنفيذ التفاصيل الصغيرة بإتقان. فهناك تفاصيل شخصية بسيطة يتم التمهيد لها في بداية الفيلم، مثل سبب فقدان "ديك" لأحد أنيابه وما يعنيه ذلك له ولأخيه، لتتحول لاحقاً إلى عنصر محوري في الحبكة. إنها صناعة سينما بسيطة لكنها فعالة، بل يمكن اعتبارها نموذجية.
لكن الأهم من كل ذلك هو وجود جوهر عاطفي يمكن الارتباط به في أعمال تراكتنبرغ دائماً. وهذا ما جعل Prey وKiller of Killers من الإضافات الفريدة في عالم Predator. فشخصية "نارو" التي أدّتها أمبر ميدثاندر، وطاقم "Killer of Killers" من التعساء المتجمدين عبر الزمن، جميعهم امتلكوا دوافع إنسانية حقيقية للقتال والبقاء. و"ديك" في Badlands ليس استثناءً.
النصف الآخر من ثنائي البطولة هو رفيق ديك الجديد، الروبوت من Weyland Yutani المسمّى "ثيا" التي تؤدي دورها إيل فانينغ، وهي مبرمجة لتكون من النوع اللطيف والساذج، لكنها تتعلم من "ديك" بقدر ما يتعلم منها. إنها تمتلك طبيعة طيبة فطرية تقودها في رحلة عاطفية مشابهة لصديقها الـYautja الجديد. لديها روح نقية لم نرَ مثلها إلا في بعض اللحظات العائلية الهادئة في أفلام تراكتنبرغ السابقة ضمن السلسلة. لكن في نهاية الفيلم تُقدّم "ثيا" بعضاً من أكثر لحظات القتال سحراً وإبداعاً في القصة، وتبرع فانينغ في أدائها تماماً.
أما لحظات القتال التي جعلتني أضحك بحماس؟ فكانت كلها من نصيب "ديك". هناك مشهد في الفصل الأخير جعلني أقول: "نعم، هذا هو الـPredator الحقيقي". صحيح أنها جاءت متأخرة قليلاً في الفيلم، لكنها كانت حاضرة بقوة. يمزج القتال بين استغلال ذكي للبيئة المحيطة وعنف بدائي من نوع دهس الرأس بالقدم، وهي بالضبط الطريقة التي يمكن من خلالها وصف أفضل لحظات الآكشن في سلسلة Predator.
لكن بالحديث عن مشاهد القتال، فإن كون الآكشن يدور على كوكب فضائي بعيد هو السبب الوحيد الذي جعل هذا الفيلم بتصنيف PG-13. وبالنسبة لكونه أول فيلم مطاردة للـ"Yautja" لا يحمل تصنيف R (للبالغين)، فهو لا يزال فيلماً قوياً ومليئاً بالعنف. الفرق الأكبر هو أن الدماء والدمار تنتمي هذه المرة إلى كائنات فضائية. ولو كان الضحايا من البشر كما في فيلمي Prey وKiller of Killers، لكان العنف الذي يستخدمه "ديك" كافياً لجعل الفيلم فوراً بتصنيف R.
من الناحية الجمالية فإن تصميم المخلوقات جيد للغاية. يعجّ الكوكب المميت بنباتات وحيوانات مفترسة، ورغم أنها لا تضاهي مخلوقات Avatar مثلاً، إلا أنها أفضل من معظم التصاميم المشابهة. وهناك شيء مشوّق حقاً في متابعة "ديك" و"ثيا" وهما يواجهان كائناً خطيراً تلو الآخر، يتعلمان سريعاً شيئاً مهماً عنه، ثم يقتلانه ويأكلانه. ولا يتكرر مشهد موت واحد بنفس الطريقة. كل تلك الكائنات المتسلقة التي رأينا "ديك" يقاتلها في العرض الترويجي؟ لا يُقتل أيٌّ منها بالطريقة نفسها.
بعض هذه اللحظات ينجح وبعضها لا بالطبع، لكن يتم تقديم "ديك" على نحو صادق جداً كشاب متحمّس من الـ Yautja. يحاول إطلاق نكتة في أحد المشاهد لكنها لا تعمل تماماً، ومع ذلك تبدو كنوع من الدعابة الحرفية الزائدة التي نجدها لدى شخصيات مثل "المدمّر" (Terminator). إنه مبرمج بطريقة معينة لكنه يتعلم تدريجياً أسلوباً مختلفاً. وحتى لو لم تكن النكتة موفقة، فإن المحاولة تُقدَّر. فبمجرد أن تفتح الباب أمام حقيقة امتلاك الـ Yautja للغة خاصة بهم، يبدأون على الفور في التعبير عن شخصياتهم الفردية. ومن هنا، ليس مفاجئاً أن يكون "ديك" مختلفاً بعض الشيء عن أبناء عشيرته، وهذا جيد، لأن التشابه التام سيكون مملاً للغاية!
تحتاج إلى المألوف لتتمكن من تقديم الجديد.
يبذل دان تراكتنبرغ وكاتبا السيناريو باتريك أيسون وبراين دافيلد جهداً واضحاً في تصوير "ديك" ككائن متحمّس لإثبات نفسه وشغوف لطريقة حياة الـ Yautja، لكنه في الوقت ذاته قلق بشأن مكانته بينهم. ويقدّم الممثل "ديميتريوس شوستر-كولواماتانغي" أداءً رائعاً يجعل من "ديك" شخصية يتعاطف معها المشاهدون. إنه ليس أقل قوة أو عنفاً أو دموية من أي "بريديتور" ظهر على الشاشة من قبل. إنه يسعى للانتقام، ويستمتع بطعن فريسته في الرأس والاستحمام في دمائها، لكنه أيضاً غاضب وذكي وقادر ومُستهان به. إنها القصة ذاتها التي رأيناها مع "نارو" في Prey، بل إن الفيلم يعيد استخدام جملة حوارية من Prey لتأكيد هذا التشابه، مما يجعل قصة "ديك" مألوفة جداً، محاطة بصور مألوفة من سفينة الـ Yautja وأسلحتهم، مروراً بتلميحات من عالم Alien. لكن هذا بالضبط ما تحتاجه لتغيير زاوية الرؤية: تحتاج إلى المألوف لتتمكن من تقديم الجديد.
إحدى الإضافات الجديدة هي "مدونة الـياوتجا" (Yautja Codex) التي رأيناها للمرة الأولى في فيلم Killer of Killers. ويمنحنا Badlands نظرة أخرى على هذه "الوصايا المقدسة" التي تشكّل الأساس العقائدي لثقافة الصيادين بأكملها. ورغم أن ظهور "داتش" الذي جسّده أرنولد شوارزنيغر و"هاريغان" الذي أدّاه داني غلوفر في مشهد بعد شارة النهاية في Killer of Killers أثار انقساماً بين الجمهور، إلا أنني أحب ما يفعله تراكتنبرغ وفريقه هنا. فهناك دائماً قيمة في "عدم الكشف عن الكثير من وحشك"، وفقاً لقاعدة "لا تُظهر القرش" في صناعة السينما. ومع أن الأفلام الثلاثة الأخيرة في السلسلة وسّعت من الأسطورة المحيطة بالـ Yautja، إلا أن هناك الكثير مما لا نعرفه بعد عنهم. لكن لا يسعى تراكتنبرغ فقط إلى دخول أرض جديدة، بل يستفيد Badlands ببراعة من كل ما جعل سلسلة Predator مثيرة للاهتمام على مدى الأربعين عاماً منذ أن فجّر ذلك الوحش القبيح الأصلي أدغالاً كاملة وكل أفراد فرقة العمليات الخاصة فيها.
في الواقع، يبدو أن Badlands يدرك أكثر من أي وقت مضى أن عدد المرات التي يمكن فيها تكرار فكرة "يا إلهي، ما هذه المخلوقات العملاقة التي تحاول قتلنا؟" محدود للغاية قبل أن تنضب الفكرة. فهناك عشرات الأفلام على مدى العقود الماضية التي فشلت في الارتقاء لمستوى الفيلم الأول. وقد فكّ دان تراكتنبرغ الشيفرة جزئياُ مع Prey حين منح الشخصية الرئيسية هدفاً لإثبات نفسها، ثم أخذ Killer of Killers الخطوة التالية بالتعمّق أكثر في ثقافة الـ Yautja، ثم الخطوة التالية الناجحة من خلال جعل الطبيعية أحد تلك المخلوقات تلعب أخيراً دور البطولة نفسه مع حافز ودافع شخصي. يمكن القول إن هذه الأفلام الثلاثة تشكّل معادلة بسيطة: Prey × Killer of Killers = Badlands.
- ترجمة ديما مهنا
يأخذ دان تراكتنبرغ بالسلسلة في اتجاه مثير للاهتمام ويستحق نقاطاً إضافية على ذلك، حيث أن تقديم قصة خلفية للوحش الغامض القاتل "المفترس" ليس بالأمر السيء. وفي نقله زاوية الرؤية عبر جعل مخلوق Yautja شخصية رئيسية، يسلّط Badlands الضوء على ما جعل هذه السلسلة عظيمة في أفضل لحظاتها. "ديك" و"ثيا" ثنائي غير متوقّع لكنه ممتع للغاية، يقدّم طاقة جديدة للسلسلة ونوعاً مختلفاً تماماً من الصيد.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة IGN ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من IGN ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
