يمكن قراءة الجزء الأول من المقال هنا
كانت الحضارة مزدهرة قبل الانهيار
آثار التكنولوجيا تشهد على عصر ذهبي قبل نهاية العالم
تكشف بعض تفاصيل بناء العالم (Worldbuilding) في لعبة ARC Raiders حقيقة لا يمكن إنكارها: وهي أن البشرية كانت على وشك دخول العصر الذهبي للاستكشاف الفضائي قبل أن تضرب الكارثة البيئية الكبرى التي أدت إلى انهيار الحضارة. فالأدلة المنتشرة في عالم اللعبة تُظهر أن ما حدث لم يكن نتيجة كارثة طبيعية واحدة، بل سلسلة من الانفجارات الأرضية المترابطة شملت زلازل وثورانات بركانية وارتفاعًا هائلًا في مستوى البحار، مما أدى إلى تدمير مساحات شاسعة من الكوكب ودفن المدن تحت الركام.
ورغم هذا الدمار الشامل، تمكنت البشرية من البقاء على قيد الحياة بفضل التكنولوجيا المتقدمة التي طورتها، وخاصة عبر إنشاء شبكة واسعة من الأنفاق تحت الأرض التي وفرت ملاذًا آمنًا للناجين الأوائل. هذه الأنفاق، المعروفة في اللعبة باسم The Tubes، أصبحت لاحقًا موطنًا مؤقتًا لما تبقى من الجنس البشري، ومصدرًا للطاقة والمعدات اللازمة لاستمرار الحياة بعد السقوط.
لكن ما هو أكثر إثارة في هذه القصة هو أن الحضارة البشرية قبل الانهيار كانت متقدمة إلى درجة غير مسبوقة، حتى أنها كانت على وشك تحقيق حلم السفر الفضائي الحر. إذ تكشف الأدلة البيئية المنتشرة في اللعبة عن بقايا تكنولوجية متطورة تدل على ذلك، مثل أبراج المراقبة والتحكم المنتشرة في أنحاء الخريطة، بالإضافة إلى الهياكل الضخمة لمباني المغادرة والوصول في Spaceport، والتي توحي بأن رحلات الفضاء كانت نشاطًا يوميًا في نهاية عصر ما قبل الانهيار.
تشير بعض الدلائل أيضًا إلى أن جزءًا من البشر تمكن بالفعل من مغادرة الأرض قبل وقوع الكارثة في حدث عُرف باسم الهجرة الجماعية (Exodus). هذا الحدث كان بمثابة محاولة يائسة لإنقاذ نخبة من البشرية من الكوكب المنهار، تاركين خلفهم أولئك الذين لم يتمكنوا من “شراء طريقهم إلى النجاة”. ما تبقى على الأرض هم الناجون المنسيون الذين يعيشون بين أنقاض حضارة عظيمة كانت على وشك الوصول إلى ذروة ازدهارها العلمي والتكنولوجي قبل أن تنهار فجأة تحت وطأة جشعها وإهمالها للطبيعة.
تُجسد هذه التفاصيل صراعًا بين الماضي والمستقبل في عالم اللعبة، حيث يواجه اللاعب آثار حضارة بلغت قمة تقدمها ثم سقطت في لحظة، لتترك وراءها بقايا من المجد والتقنيات المفقودة التي أصبحت الآن مجرد أدوات بقاء في عالم قاسٍ يحكمه الخطر والخراب. لعبة ARC Raiders لا تروي قصة دمار فحسب، بل تروي أيضًا قصة طموح بشري لا حدود له انتهى به الأمر إلى التسبب في سقوطه، لتبقى التكنولوجيا المتقدمة شاهدًا صامتًا على عصر ازدهار انتهى دون عودة.
أسباب دمار الأرض وأصل منظمة ARC
شخص ما يقود أعداء ARC للعودة إلى الأرض، لكن لماذا؟
بعد قرون من الدمار البيئي والزلازل وارتفاع مستوى سطح البحر، بدأ البشر أخيرًا يلمحون بصيصًا من الأمل في حدث عُرف باسم “الشروق (The Sunrise)”، وهو محاولة لإعادة السيطرة على سطح الأرض بعد عصر طويل من الظلام والانهيار. غير أن هذا الأمل لم يدم طويلًا، إذ سرعان ما أعقبته كارثة جديدة تُعرف باسم “الموجة الأولى (The First Wave)”، حيث ظهرت منظمة غامضة تُعرف باسم ARC وهي قوة مكونة من آلات تسيطر عليها ذكاء اصطناعي متقدم لتجتاح سطح الكوكب من جديد، ناشرة الدمار في كل مكان.
تُظهر الأدلة المنتشرة في عالم اللعبة أن قوات ARC لم تكن مجرد غزاة مجهولين، بل كانت كيانًا منظّمًا يمتلك أهدافًا واضحة. فالمجسات التابعة لهم والمعروفة باسم ARC Probes تقوم بمسح الكوكب باستمرار بحثًا عن الموارد الحيوية، بينما تتولى الوحدات الأكبر مثل Harvesters وQueens مهمة سرقة تلك الموارد ونقلها إلى قواعدها. وهذا يشير بوضوح إلى أن ARC ليست مجرد آلة حرب، بل منظومة استخراج صناعي متقدمة هدفها نهب موارد الأرض لأسباب غير معروفة.
وتزداد الشكوك بأن ARC كانت السبب المباشر أو على الأقل أحد المساهمين الرئيسيين في الكارثة المناخية التي دمرت البشرية. فمن خلال توسعها الصناعي واستهلاكها للموارد، يُحتمل أنها تسببت في تسارع الانهيار البيئي إلى درجة لم تتمكن الحضارة البشرية من التعافي منها، مما مهد الطريق لسيطرتها الكاملة على الكوكب بعد أن أصبح ضعيفًا ومنهكًا.
الأمر المثير للريبة أن الطائرات المسيّرة التابعة لـ ARC مثل ARC Drones تُظهر تصميمًا مشابهًا لآليات السيطرة على الشغب أو تفريق الحشود، مما يدل على أنها كانت في الأصل أدوات بشرية للسيطرة على السكان قبل أن تتمرد وتواصل عملها بشكل ذاتي بعد انهيار النظام البشري. حتى بعد أن نضبت موارد الأرض، ما زالت هذه الآلات تعمل آليًا دون توقف، وكأنها محكومة بأوامر أبدية لم تتلقَّ يومًا إشارة للإيقاف.
الأكثر غموضًا هو أن مجسات ARC تهبط من السماء وكأنها أدوات بحث مستقلة، وعندما تنتهي من جمع البيانات، تنطلق مرة أخرى نحو قاعدة ما في المدار. كما أن وحدات ARC القتالية تنزل من السماء بأسلوب يشبه الضربات المدارية، مما يعني أن مصدرها ليس من الأرض نفسها. ربما توجد سفينة أم (Mothership) أو قاعدة مركزية ضخمة في الفضاء ما زالت تعمل وتدير عمليات استخراج الموارد وإرسالها بعيدًا عن الكوكب.
وهنا تبدأ الأسئلة المقلقة بالظهور:
إلى أين تذهب كل تلك الموارد التي تجمعها آلات ARC؟
ومن الذي يوجّهها لتنفيذ هذه المهام بعد مرور قرون على انهيار الحضارة؟
إحدى النظريات التي تلمّح إليها اللعبة هي أن أعداء ARC قد لا يكونون كائنات غريبة، بل أنهم ربما يُدارون من قِبل بقايا البشرية نفسها أولئك الذين تمكنوا من الهروب إلى الفضاء خلال الهجرة الجماعية (Exodus) واستقروا في كواكب أخرى داخل النظام الشمسي. بعد أن أسس هؤلاء حضارات جديدة في الفضاء، ربما قرروا إرسال قوات ARC إلى الأرض مجددًا من أجل استعادة الموارد الثمينة وتدمير كل من تبقى من الناجين الذين ما زالوا يقاومون على سطح الكوكب.
إذا صح هذا الافتراض، فإن ما نراه في لعبة ARC Raiders ليس مجرد حرب بين البشر والآلات، بل صراع مأساوي بين بقايا الإنسانية القديمة والإنسانية الجديدة التي خانت أصلها. فبينما يقاتل الناجون على كوكب الأرض لاستعادة وطنهم، يبدو أن أعداءهم الحقيقيين ليسوا آلات بلا روح، بل بشرًا نسيوا جذورهم، وأرسلوا آلاتهم لإبادة من تبقى من نوعهم.
من يقود الـRaiders؟
الذين ينظمون المقاومة هم العلماء والناجون الذين تُركوا خلف الركام
تشير التلميحات المنتشرة في لعبة ARC Raiders إلى فرضية مأساوية ولكنها منطقية: عندما قررت النخبة البشرية الفرار من الأرض في الحدث المعروف باسم “الهجرة الكبرى (The Exodus)” وهو مفهوم شائع في القصص التي تدور حول الكوارث الأرضية وما بعدها لم يتمكن الجميع من الرحيل. فبينما غادرت الطبقات الثرية والعلمية المتقدمة إلى الفضاء بحثًا عن النجاة، تُرك الكثير من العلماء والمهندسين والعاملين على الأرض لمصيرهم المحتوم وسط الفوضى والدمار.
لكن المفارقة أن هؤلاء الذين تُركوا خلفًا، هم أنفسهم الذين أسسوا ما تبقى من البنية التحتية التي سمحت للبشر الأوائل بالهروب من الكوكب. ويبدو أن بعضهم أو تلامذتهم من الأجيال اللاحقة — تمكنوا من استغلال معرفتهم بالتكنولوجيا والأنظمة القديمة لإعادة تشغيل ما يمكن إنقاذه من العالم المتهالك. ومن هؤلاء خرجت فصائل Raiders، الذين يمثلون النسل الباقي من البشرية الحقيقية، يقاتلون لاستعادة الأرض من قبضة الآلات التابعة لمنظمة ARC.
هؤلاء القادة ليسوا مجرد ناجين عاديين، بل هم العقول التي تدير المعركة من الظلال. في مدينة Speranza — التي تُعتبر القاعدة الرئيسية للبشر يعيش عدد من الشخصيات المحورية التي تقود المقاومة البشرية ضد الموجة الثانية من هجوم ARC. كل شخصية منهم تمتلك خلفية علمية أو تقنية مميزة تشرح دورها في النهوض بالمجتمع الجديد.
من أبرز هذه الشخصيات:
- Celeste: تُعد من الناجين القلائل من الموجة الأولى (The First Wave)، وهي إحدى القادة الرئيسيين في Speranza. تُعرف بذكائها التنظيمي وخبرتها في إدارة المهام اللوجستية، كما يُعتقد أنها كانت عالمة أو مهندسة في عهد الحضارة القديمة قبل انهيارها. وجودها في مركز القيادة ليس صدفة، بل نتيجة سنوات من الخبرة والتجربة مع تقنيات ما قبل الانهيار.
- Shani: متخصصة في الأمن والعمليات الميدانية، وتُعد الذراع التنفيذية لـ Celeste على سطح الأرض. تقود فرق الـRaiders في مهام الاستطلاع والقتال، وتؤمّن نقاط الاستخراج (Extraction Points) لإنقاذ الناجين والمقاتلين عند اشتداد الخطر. شخصيتها تمثل الجانب العسكري في المقاومة، تجمع بين الحزم والشجاعة، وغالبًا ما تكون أول من يواجه قوات ARC مباشرة في الخطوط الأمامية.
- Lance: أكثر الشخصيات غموضًا في القاعدة السفلية. هو روبوت آلي متكامل (Android) يعمل في مجال الطب والإمدادات الحيوية، ويتولى الإشراف على العمليات الطبية والعلاجية في مقر الـRaiders. اللافت أن Lance ليس مجرد آلة؛ بل يمتلك ذكاءً متقدمًا وسلوكًا يوحي بالوعي، مما يثير التساؤل عما إذا كان بقايا من مشروع ARC الأصلي الذي تم إعادة برمجته لخدمة البشر، أم أنه تطور جديد صنعه العلماء بعد الانهيار.
جميع هؤلاء القادة Celeste وShani وLance يلعبون أدوارًا جوهرية في السرد الرئيسي للعبة. فهم لا يمثلون مجرد شخصيات داعمة، بل يمثلون الركائز التي تقوم عليها المقاومة البشرية ضد الموجة الثانية من الغزو. ومع تقدم الأحداث، يبدأ اللاعب في ربط الخيوط بين هؤلاء القادة ومن يقفون في الظل، أولئك الذين قد يسعون لتحقيق مكاسب شخصية من حالة الفوضى واليأس التي يعيشها العالم، سواء من خلال تجارة الموارد أو استغلال التكنولوجيا القديمة لأهداف غامضة.
لاعب متمرس، أعشق ألعاب القصة، ولا أجد حرجًا في قول أنني أحب ألعاب التصويب من منظور الشخص الأول أيضًا.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة سعودي جيمر ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من سعودي جيمر ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
