04 أبريل 2025, 4:19 مساءً
قبل ربع قرن تقريباً كتبت حول هذا الموضوع، وأثار في تلك الفترة ردود أفعال متباينة بين صامت ومؤيد ومعارض، وها أنا أعيد الفكرة ؛ لأنّ المقال اختفى ولم يعد يظهر في محركات البحث عند الشيخ جوجل.
إنني أعيد نشر الفكرة من تأكيد أسبقية الطرح والأخذ والرد حولها ، حتى تنال النقد والتأييد والإضافة والتأكيد.
ذات عَصريّة وأنا أرتشف الشَّاي، طَرحتُ على نَفسي السُّؤال التَّالي: لمَاذا لا تخطِب المَرأة الرَّجُل بدلاً مِن العَكس..؟! وتَساءلتُ: مَا مَوقف الشَّرع من هذه الخِطبة..؟!
رَجعتُ إلى المَراجع، فقَرأتُ أنّ السيدة خَديجة بنت خويلد -أوّل سيّدة أعمَال في التَّاريخ- خَطبت لنَفسها المُصطفى صلّى الله عليه وبارك، حِين بعثت لَه قَائلة: "يا ابن عمٍّ، إنِّي قَد رَغبْتُ فِيك لقَرابتك، وشَرفك في قَومك وأمَانتك، وحُسْنِ خُلقِك، وصِدْقِ حَديثك"، ثُمَّ عَرضت عليه نَفسها، وحِين ذكَر المُصطفى -صلَّى الله عليه وبارك- ذَلك لعمّه، فَرح بالأمر، وقَال لَه: "إنَّ هَذا رزقٌ سَاقهُ الله تَعالى إليك"..!
والقصة التالية وردت في القُرآن الكَريم حول زواج النَّبي مُوسى في بلاد مدين، حيثُ بادر الرجل الصالح بخِطبة مُوسى لابنته مُقابل أن يرعى مَاشيته مدة ثَمانية أعوام، قال تعالى: "إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتين على أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِي حجَجٍ"..!
وقبل أن تَتهادى التفاحة إلى أحضَان إسحَاق نيوتن، ليَكتشف أسرَار وقَوانين الجَاذبيّة، فقَد كَانت تُفَّاحة أُخرى سبباً في ميلاد الإمام "أبوحنيفة"، الذي يُعدُّ وَاحداً مِن أكبر فُقهاء الإسلام، حيثُ تَذكر القصَّة أنَّه كَان هُناك شَابٌّ فَقير تَقي مُتفرِّغ لطَلب العِلْم، وفي أحد الأيَّام خَرج مِن بيته مِن شدّة الجوع، وانتهَى به الطَّريق إلى أحد البَساتين، التي كَانت مَليئة بأشجَار التُّفاح، وكَان أحد الأغصَان مُتدلِّياً في الطَّريق، فحَدَّثته نَفسه أن يَأكل هَذه التُّفاحة، ويَسد رَمقه بها، فقَطف التُّفاحة وجَلس يَأكلها حتَّى ذَهب جوعه، ولمَّا رَجع إلى بيتهِ بَدَأتْ نَفسه تَلومه، فذَهب إلى صَاحب البُستان، وقَال لَه: يا عَمّ، بالأمس بَلغ بي الجوع مَبلغاً عَظيماً، وأكلتُ تُفَّاحة بدون عِلمك، وهَا أنا اليَوم أستأذنك فِيها، فقَال له صاحب البُستان: لن أُسامحك، وظَلَّ الشَّاب يتوسَّل ويقول بأنَّه مُستعد لفعل أي شيء، ولَو أن يَعمل فَلَّاحاً لبقية عُمره بدون أجر، عَلى أن يُسامحه عَلى التُّفاحة، ففَكَّر صَاحب البُستان وقَال: إنِّي مُستعد أن أُسامحك ولَكن بشرط، قَال الشَّاب: اشترط مَا بَدا لَك يا عمّ، فقَال صَاحب البُستان: شَرطي أن تتزوّج ابنتي، فصُدم الشَّاب ولم يستوعب هَذا الشَّرط، ثُمَّ أكمل صَاحب البُستان قَوله: ولكن يا بُني اعلم أنّ ابنتي عمياء وصماء وبَكماء، وأيضاً مُقعدة لا تَمشي، فصُدم الشَّاب مرَّة أُخرى، ولكنَّه وافق، ولمَّا تَزوّجها اكتشف أنَّها جَميلة جدًّا، وترى وتمشي وتَتكلَّم وتسمع، فقالت له: أنا عمياء عن النظر إلى الحَرام، وصمّاء عن الاستماع إلى الحَرام، ولا تَخطو رجلاي إلى الحَرام، وإنَّني وحيدة أبي، ومُنذ عدّة سَنوات يبحث لي عن زَوج صَالح، فلمَّا أتيته واستأذنته في التُّفاحة، قَال أبي: إنّ مَن يخاف الله مِن أكل تُفَّاحة لا تَحلّ لَه، حَري به أن يَخاف الله في ابنتي.. وبعد عام مِن زواجهما أنجبا الإمام "أبوحنيفة"..!
وحين نعود إلى واقعنا نَجد المَسوغات والمُبرِّرات، التي تُؤيِّد مُبادرة خطبة المَرأة للرجل كَثيرة؛ فالمَرأة لَديها قرون استشعَار، ولَديها مِن الدِّقَّة في تَقدير الأمور، والذَّوق في اختيار الأشياء، مَا يفوق أي رَجُل..!
حسناً ماذا بقي؟
بقي القول: إذا كانت المَرأة ومَن يَقف خَلفها مِن المُنادين بحقوق المَرأة يُريدون تَقدُّماً مَلموساً لا يتعارض مع الشرع، فهذه فُرصة مِثالية لتتحمَّل المَرأة المسؤوليّة وتُثبت جَدارتها، فكما أنَّها هي التي تُحدِّد قِيمة المَهر، فهي تَعرف كيف أيضا "تَمد رجليها على قدر لحافها".!
كما أنّ الحِجاب الذي ترتديه بعض النسوة يجعلها الطرف الذي يُشاهِد ولا يُشاهَد، فهي تستطيع أن تفرز الرِّجَال بنَظرة واحدة، لتختار ما يُناسبها قبل مَراسم الخطوبة والرُّؤية الشرعية..!
وإن عارض أحد من الرِّجال هذه الفكرة؛ فقولي له يا أمة الله: اذهَب إلى -العَبد الغَني بفَضل رَبّه ، عامل المعرفة - أحمد العرفج وتَفاهم مَعه.. واتركِ البَاقي عَليَّ، وما توفيقي إلَّا بالله..!
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.