20 أبريل 2025, 3:25 مساءً
تنزلق غزة إلى مستويات غير مسبوقة من اليأس، هكذا يصف السكان المدنيون والطواقم الطبية وعمال الإغاثة الوضع الراهن، في ظل حصار عسكري إسرائيلي مستمر منذ سبعة أسابيع بشكل لم تشهد له مثيلاً، قاطعاً بذلك شريان الحياة الوحيد المتمثل في تدفق المساعدات إلى القطاع المحاصر.
هذا الحصار الشديد دفع الأراضي الفلسطينية إلى مواجهة ظروف لا تُقارن في قسوتها منذ اندلاع الحرب، حيث يتصارع السكان مع أوامر إخلاء جديدة واسعة النطاق، وتجدد عمليات قصف البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات، فضلاً عن استنزاف تام لمخزونات الغذاء والوقود اللازم لتشغيل المولدات والإمدادات الطبية الحيوية.
تخلت إسرائيل عن هدنة كانت قائمة لمدة شهرين مع حركة حماس في الثاني من مارس الماضي، لتقطع بذلك الإمدادات الحيوية التي كانت تصل بصعوبة. ولم يمضِ سوى ما يزيد قليلاً عن أسبوعين على هذا التخلي حتى استأنفت إسرائيل القصف الواسع النطاق وأعادت نشر قواتها البرية التي كانت قد سحبتها خلال فترة التهدئة. ومنذ ذلك الحين، يكرر مسؤولون سياسيون وأمنيون إسرائيليون التعهد بعدم استئناف إيصال المساعدات إلا بعد إطلاق سراح الرهائن المتبقين الذين احتُجزوا خلال هجمات السابع من أكتوبر 2023، التي أشعلت فتيل الصراع الحالي. وتصف الحكومة الإسرائيلية الحصار الجديد بأنه "إجراء أمني ضروري"، وتنفي بشدة استخدام التجويع كسلاح، وهو ما يُشكّل جريمة حرب بموجب القانون الدولي، وفقاً لصحيفة "الجارديان" البريطانية.
تهجير السكان
يدخل الحصار الآن أسبوعه الثامن، ليصبح بذلك أطول حصار كلي مستمر يواجهه القطاع في الحرب الدائرة منذ 18 شهراً. ويبدو أن إسرائيل، مدعومة بقوة من الولايات المتحدة، حليفتها الأهم، واثقة من قدرتها على الاستمرار في هذا الحصار مع رد فعل دولي محدود للغاية. ليس هذا فحسب، بل تمضي إسرائيل قدماً في عمليات مصادرة واسعة النطاق للأراضي الفلسطينية بهدف إقامة مناطق عازلة أمنية. كما تخطط لتحويل مسؤولية تسليم المساعدات إلى الجيش ومتعهدين خاصين، وهو ما يثير مخاوف متزايدة في غزة من أن إسرائيل تعتزم البقاء العسكري طويل الأمد في الأراضي وتهجير سكانها بشكل دائم.
ويشعر العديد من الأشخاص الذين تحدثت إليهم "الأوبزرفر" أن الخوف من المجاعة يفوق الآن الخوف من الغارات الجوية. تقول حكمت المصري (44 عاماً)، وهي محاضرة جامعية من بيت لاهيا شمال غزة: "في كثير من الأحيان، اضطررت للتخلي عن حصتي من الطعام لابني بسبب النقص الشديد. الجوع هو الذي سيقتلني – موت بطيء". نفدت مخزونات الطعام التي جُمعت خلال الهدنة، ويتزاحم الناس اليائسون في جميع أنحاء القطاع على مطابخ الجمعيات الخيرية بأوانٍ فارغة. ووفقاً لأحدث تقييم لمنظمة الصحة العالمية، تُباع السلع في الأسواق بأسعار أعلى بنسبة 1400% مما كانت عليه قبل فرض الحصار.
مخاوف المجاعة
ويُقدّر أن حوالي 420 ألف شخص نزحوا مرة أخرى بسبب أوامر الإخلاء الإسرائيلية الجديدة، مما يجعل من الصعب جمع بيانات دقيقة عن مستويات الجوع وسوء التغذية. لكن تقديرات منظمة أوكسفام تشير إلى أن معظم الأطفال يعيشون الآن على أقل من وجبة واحدة يومياً. علّقت حوالي 95% من منظمات الإغاثة أو قلصت خدماتها بسبب الغارات الجوية والحصار، وشهدت القيود على دخول الموظفين الدوليين إلى غزة تشديداً كبيراً منذ فبراير الماضي. كما بدأت الإمدادات الطبية الأساسية، حتى مسكنات الألم البسيطة، في النفاد بشكل خطير.
وتصف أماندي بازيرول، منسقة الطوارئ في غزة لمنظمة أطباء بلا حدود، الوضع في دير البلح قائلة: "مدينة غزة مكتظة بالنازحين الذين فروا من القوات الإسرائيلية التي تتحرك شمالاً، وهم يعيشون في الشوارع أو يقيمون خيامهم داخل مبانٍ متضررة مهددة بالانهيار". وتضيف أن نقاط الرعاية الصحية غير كافية على الإطلاق لهذا العدد الهائل من الناس. في عيادة الحروق التابعة للمنظمة في مدينة غزة، يضطرون إلى رفض استقبال المرضى بحلول الساعة العاشرة صباحاً وإخبارهم بالعودة في اليوم التالي، حيث يتم فرز الحالات لضمان استمرار الإمدادات الدوائية لأطول فترة ممكنة.
تقلص الأمان
وصاحب الحصار ضغط عسكري شديد من قبل القوات الإسرائيلية على شمال غزة، بالإضافة إلى كامل منطقة رفح، المدينة الواقعة في أقصى جنوب القطاع، مما أدى إلى قطع اتصال القطاع بمصر. ووفقاً للأمم المتحدة، فإن ما يقرب من 70% من مساحة غزة إما خاضعة لأوامر الإخلاء الإسرائيلية أو تم ضمها إلى مناطق عازلة عسكرية تتسع باستمرار؛ وتبلغ مساحة منطقة الأمن الجديدة في رفح وحدها خُمس إجمالي مساحة القطاع. تدفع عمليات الاستيلاء على الأراضي السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة – ومعهم جهود الإغاثة والرعاية الطبية – إلى مناطق "إنسانية" أصغر وأكثر اكتظاظاً حددتها إسرائيل. ومع ذلك، لم تسلم هذه المناطق من الخطر، فقد أسفرت غارة جوية إسرائيلية الأسبوع الماضي على المواصي، وهي أكبر هذه المناطق على الساحل الجنوبي لغزة، عن مقتل 16 شخصاً.
ومع تقلص المساحة التي يمكن لعمال الإغاثة العمل فيها، يعربون عن قلقهم من أن قواعد الاشتباك التي يتبعها الجيش الإسرائيلي قد تغيرت منذ انهيار وقف إطلاق النار. ويشيرون إلى قصف مستشفى ناصر في خان يونس ومستشفى الأهلي في مدينة غزة مؤخراً كدليل على ذلك. قُتل شخصان في هجوم مستشفى ناصر، الذي استهدف مبنى كان يتواجد فيه أعضاء فريق طبي دولي. لم تُسجّل إصابات بشرية في ضربة مستشفى الأهلي، لكن أقسام العناية المركزة والجراحة في المستشفى دُمّرت بالكامل، وفقاً لمسعفين. في كلتا الحالتين، قال جيش الدفاع الإسرائيلي إنه استهدف نشطاء حماس.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية الأسبوع الماضي أن الجهود جارية لتجاوز الوكالات الدولية وإنشاء آلية تسيطر عليها إسرائيل لتوزيع المساعدات باستخدام متعهدين خاصين. وعلى الرغم من أن هذه الخطط لا تزال في "المراحل المبكرة" دون جدول زمني محدد للتنفيذ، فإن وكالات الإغاثة تحذر من أن الأزمة الإنسانية ستزداد سوءاً في الفترة الانتقالية. وفي ظل هذا الواقع القاسي، يبقى شبح المجاعة والخوف من الموت البطيء يسيطر على حياة سكان غزة. فمتى ستنتهي هذه الأزمة الإنسانية التي فاقت كل وصف؟
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.