عرب وعالم / السعودية / عكاظ

رؤية تتحقق قبل أوانها... حينما يسبق التخطيط الزمن

في خضمّ الزحام العالمي، وبين ضجيج الأزمات الجيوسياسية، تقف المملكة العربية بثقة أمام تقريرها السنوي التاسع لرؤية 2030، لا لتسرد أرقاماً فحسب، بل لتعرض ما يشبه شهادة موثقة لعصر من التحولات الاستثنائية التي لم تكن وليدة لحظة، بل ثمرة تخطيط صارم، وجرأة في التنفيذ، وإيمان عميق بإمكانية التغيير.

فعندما يُعلن عن تحقيق ثمانية مستهدفات رئيسية من رؤية 2030 قبل أوانها بست سنوات، فهذه ليست مفاجأة، بل طبيعية لمسار بدأ منذ اليوم الأول بنَفَس إستراتيجي طويل. نحن لا نتحدث عن إنجاز رقمي منفصل، بل عن تسلسل منطقي لبنية إصلاحية شاملة طالت كل ما يمكن أن يمس حياة المواطن والمقيم، من التشريعات إلى الثقافة، ومن الاقتصاد إلى الذكاء الاصطناعي.

حين تتحدث لغة الأرقام:

حين نُسلّم لغة الحديث للأرقام وحدها، نكتشف أن ما تحقق ليس مجرّد نجاحات جزئية، بل تحولات هيكلية عميقة تعيد صياغة موقع المملكة الاقتصادي والاجتماعي والتنموي إقليمياً ودولياً.

أولاً: انخفاض معدل البطالة إلى 7%:

هذا الرقم يتجاوز مجرد كونه تحسناً في مؤشرات سوق العمل، بل هو تعبير عن فعالية السياسات التي أُطلقت خلال السنوات الماضية، بدءًا من التوطين والتحفيز، مروراً بإعادة هيكلة العلاقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل، وانتهاءً بفتح مسارات جديدة للتوظيف في قطاعات لم تكن متاحة من قبل.

التحليل القانوني لهذا الإنجاز يكشف أن الدولة لم تكتفِ بإصدار قرارات تنظيمية، بل أسست لبنية تشريعية قادرة على خلق سوق عمل مرن وتنافسي ومستقر، وهو ما ينعكس على جودة التوظيف، وليس فقط على أعداد التوظيف.

ثانياً: تجاوز مستهدف الحكومة الإلكترونية لعام 2024:

عندما تتقدم المملكة إلى المرتبة 26 عالمياً في مؤشر الأمم المتحدة لتطور الحكومة الرقمية، فهذا لا يُقرأ كتقدم تقني فقط، بل كتحول مؤسسي عميق. فقد انتقلت الدولة من نمط تقديم الخدمة إلى نمط «الحكومة الذكية» التي تستبق الحاجة، وتختصر الزمن، وتُعلي كفاءة الإدارة العامة.

هذا التحول لا يتم دون تشريعات دقيقة لحماية البيانات، وتنظيم النفاذ، وضمان الشفافية. والأهم: دون إرادة سياسية لا تساوم في بناء دولة رقمية حقيقية، لا شكلية.

ثالثاً: أصول صندوق الاستثمارات العامة تبلغ 3.53 تريليون ريال:

أخبار ذات صلة

 

هذه القفزة في الأصول، بزيادة ثلاث مرات منذ انطلاق الرؤية، تضع المملكة ضمن الفاعلين الاقتصاديين الكبار في العالم. لكن القيمة الحقيقية ليست في الرقم، بل في فلسفة الصندوق نفسه، والذي لم يعد مجرد وعاء للثروة، بل أداة للنفوذ الاستثماري، والتنوع الاقتصادي، وإعادة تدوير العوائد داخل الاقتصاد المحلي من خلال مشاريع إستراتيجية.

نحن أمام مؤسسة سيادية تستثمر برؤية لا تخلّ بالتوازن بين والعائد الوطني، وهذا بحد ذاته مدرسة جديدة في العمل الاستثماري الحكومي.

رابعاً: مساهمة القطاع الخاص تصل إلى 47% من الناتج المحلي:

هذا الرقم يتجاوز مستهدف 2024، ويعكس حجم التمكين الذي حظي به القطاع خلال السنوات الأخيرة. فالقطاع الخاص لم يُعامل كمجرد منفّذ، بل كشريك. تمت إعادة هيكلة اللوائح التجارية، وتبسيط بيئة الأعمال، وإطلاق حوافز نوعية للاستثمار.

الأهم من كل ذلك: تم رفع اليد البيروقراطية التي لطالما أعاقت النمو، ما سمح بظهور شركات سعودية تنافس إقليمياً وتبني سلاسل قيمة جديدة.

وكل ذلك لم يكن ليتحقق لولا وجود قيادة تتعامل مع التخطيط لا كممارسة بيروقراطية، بل كمشروع وطني شامل، يقوده سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان برؤية جريئة، ومتابعة دقيقة، وإيمان عميق بأن المواطن ليس أداة في التنمية، بل غايتها.

في المشهد اليوم، لم تعد الرؤية مشروعاً طموحاً فحسب، ولكن أصبحت واقعاً يُقاس، ويُنجز، ويُراقب. الأرقام التي تجاوزت توقيتاتها لا تعني فقط أن الخطط نجحت، ولكن تعني أن القيادة تؤمن أن الزمن أداة يمكن توجيهها، لا عائقاً يجب التعايش معه.

وهنا يتجلى جوهر رؤية 2030: أنها ليست سباقاً ضد الوقت، بل إعادة تعريف له. ليست خطة تنموية تنتهي بتحقيق أرقامها، ولكنها مسار إصلاحي يعيد بناء الدولة بأدوات جديدة، وبعقلية جديدة، وبتوازن دقيق بين الطموح والواقع، وبين الهوية والانفتاح.

وفي ظل هذه المعطيات، يحق لكل سعودي أن يرفع رأسه، لا منبهراً بما تحقق فحسب وهو حق مشروع لكل مواطن، وإنما واعياً لقيمته، شريكاً في صنعه، وجزءاً من مستقبله.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا