عرب وعالم / السعودية / صحيفة عاجل

صِدامُ المهنيين والمنظرين في مؤتمر إعلام ؟

تم النشر في: 

05 مايو 2025, 4:56 مساءً

في مشهد سريالي اصطدم الفكر بالنظرية في مؤتمر الاتصال الرقمي بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة الأسبوع الفائت، كما تقاطعت الممارسة بالحرفة والعناوين العريضة بالحقيقة الصلبة، فلم يكن مؤتمرا عاديا يمر مرور الكرام، بل كان مسرحا يكشف أزمة عمق وفجوة يعمل الجميع على ردمها، كل ذلك من أجل إعلام اليوم والمستقبل لرفع الوعي وتعزيز الهوية والانتماء المهني الحقيقي لبلاط الإعلام وخدمة الوطن والدين في الهدف السامي الكبير.

قد يرى البعض مصطلح "صدام" بأنه تعبير قاسٍ لكنه فعلا ليس إلا توصيفا أراه دقيقا لما حدث فالنقاشات التي حضرتها لم تكن سطحية، ولم تُزَيَّن بالمجاملات، بل كانت مواجهة صريحة حول ما يجب أن يكون عليه الإعلام، ومن يحق له أن يقوده.

لقد عاد المنظرون إلى المشهد عبر مؤتمر ، ليُذكّروا الجميع أن الإعلام ليس فقط ممارسة يومية، بل هو معرفة وفكر ونظرية، وظل المهنيون في ثباتهم في هذه المواجهة كعادتهم ويرون أن الفرصة مواتية لتأكيد أن المشكلة قد يكون سببها المنظرون.

ولأن ثلثي خبرتي كانت في المهنة وثلثها في العمل الأكاديمي وقعت بين الفريقين، فأتجاذب الحديث مع المنظرين من زملائي في أقسام وكليات الإعلام في المملكة، فيما تراني لاحقا احتضن رفاق مهنة الإعلام ونتجاذب أطراف الحديث حول المهنة وتحدياتها، وكلما حاولت أن أوحد الرأي أو أقربه بين الطرفين أجد كل فريق يرى أن الآخر هو سبب أزمة الإعلام لدينا اليوم، لكنني في المقابل لازلت أرى أن هناك متسع كبير ليتفق الطرفان على أن المهنة تصنع الواقع وأن الأكاديمية تصنع المستقبل، فإذا اجتمع الفريقان ملكنا إعلاما فاعلا ومؤثرا.

ودعونا نعود إلى ثنايا الحوار بين الجلسات، فقد تبادل الحضور الرأي بصراحة لم تعهدها المؤتمرات السابقة، حيث كشف بعض المنظرين أن من يتحدث باسم الإعلام اليوم لا يمتّ له بصلة سوى العنوان الوظيفي، وأن كثيرًا من القيادات الإعلامية المعاصرة لا يحملون أدوات الفهم العميق للمجال، بل ينتمون إلى عالم الإدارة الإدارية، لا إلى روح الإعلام وفلسفته ومجتمعه.

والمهنيون بدورهم يقولون بأن الفرصة اليوم أصبحت أفضل في صناعة إعلام لا يعتمد على النظرية وتمطيطها، وأن قطاعا من النظريين يجيدون رسم الصور الحالمة بينما في الحقيقة يعجز بعضهم عن كتابة خبر صحفي، أو تحليل خبر إعلامي، أو حتى الرد بطريقة محترفة على سؤال إعلامي؛ لذا فقد رأيت بشكل واضح وجود فجوة معرفية حقيقية بين من يملك الأدوات النظرية، ومن يمارس المهنة.

لذا أقول بأن ما حدث في مؤتمر جدة هو جرس إنذار، ويدعونا إلى التفكير في مشروع متكامل يردم الفجوة بين المنظرين والمهنيين، بين المعرفة والممارسة، بين الفكرة والفعل.

نحتاج إلى أن يجلس الأكاديمي مع الصحفي، والممارس مع الباحث، والمدير مع المفكر، كي نصنع إعلامًا يعرف لماذا هو موجود، وأين يريد أن يصل، فالإعلام لا يتم الاختلاف على رسالته سوى في الأوساط الضيقة التي تخشى الوعي، وتكتم الفكر، وتخاف النقد، أما الأوساط التي تريد مستقبلًا زاهرا لها ولمجتمعاتها، فهي تلك التي تقرب وجهات النظر بين الفريقين، وتردم الهوة، وتصنع مستقبلا يتسع للجميع.

بقي القول، بأن مؤتمر الاتصال الرقمي الذي قاده باقتدار عميد كلية الاتصال والإعلام د. أيمن باجنيد وفريقه ألقى الضوء على أهمية تطوير الإعلام بين المنظرين والمهنيين وأكد بأن الإعلام ليس مهنة فقط، بل هو عقل، ورسالة، ومشروع وطني، وأن الذين لا يملكون عمقا فلسفيا وفكريا من المهنين والمنظرين في الإعلام، مهما كانت أسماؤهم ومناصبهم، فإنهم لن يكونوا سوى عابري منابر، بينما سيسجل التاريخ أسماء اللذين امتلكوا الوعي، وتقبل النقد والعمل على بناء الإعلام ورجالاته.

ـــ

صحفي وأكاديمي

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة عاجل ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة عاجل ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا