تم النشر في: 21 مايو 2025, 8:03 صباحاً كشفت معلوماتٌ استخباراتية أمريكية جديدة، نقلتها شبكة "سي إن إن" الأمريكية عن مسؤولين أمريكيين مطلعين، أن إسرائيل تجري استعدادات لشن ضربة على منشآت إيران النووية، ويشير هؤلاء المسؤولون إلى أن هذا التحرُّك المحتمل، الذي تجريه إسرائيل حتى في ظل مساعي إدارة الرئيس دونالد ترامب؛ الدبلوماسية، مع طهران للتوصل إلى اتفاقٍ، قد يمثل خرقًا صريحًا لتوجهات واشنطن، ويحمل مخاطر إشعال صراع إقليمي أوسع في الشرق الأوسط، الذي يعاني توترًا متصاعدًا منذ حرب غزة عام 2023، ورغم تحذير المسؤولين من أن القرار النهائي لم يتخذ بعد، وأن هناك تباينًا في التقديرات الأمريكية حول مدى احتمالية التنفيذ، إلا أن فرص العمل العسكري الإسرائيلي ضد البرنامج النووي الإيراني ارتفعت بشكل ملحوظ أخيرًا، بحسب تقديرات واشنطن. مؤشرات عسكرية تؤكد المصادر المطلعة أن فرصة توجيه إسرائيل ضربة عسكرية لمنشأة نووية إيرانية "ارتفعت بشكلٍ كبيرٍ في الأشهر الأخيرة"، وترتبط هذه الزيادة ارتباطًا وثيقًا باحتمال التوصل إلى صفقة أمريكية-إيرانية لا تضمن إزالة جميع مخزونات إيران من اليورانيوم المخصب، مما يجعل خيار الضربة أكثر ترجيحًا في نظر إسرائيل، ولا تنبع هذه المخاوف المتزايدة من التصريحات العلنية والخاصة للمسؤولين الإسرائيليين فحسب، بل أيضًا من اتصالات اعترضتها الاستخبارات الأمريكية وملاحظات لتحركات عسكرية قد تشير إلى تحضيرات لعمل وشيك. ومن بين الاستعدادات العسكرية التي رصدتها الولايات المتحدة، وفقًا لمصدرين مطلعين، تحريك ذخائر جوية وإكمال مناورات تدريبية للقوات الجوية، ومع ذلك، يشير المسؤولون الأمريكيون إلى أن هذه المؤشرات نفسها قد لا تعني بالضرورة قرارًا بالضربة، بل يمكن أن تكون محاولة من إسرائيل للضغط على إيران لحملها على التخلي عن عناصر أساسية في برنامجها النووي، من خلال إرسال إشارة واضحة بشأن العواقب المحتملة، وهذا يعكس مدى التعقيد الذي يواجهه البيت الأبيض في التعامل مع الملف. مهل دبلوماسية وفي ظل هذه التطورات، سعت شبكة "سي إن إن" للتواصل مع مجلس الأمن القومي الأمريكي ومكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي للتعليق، لكنها لم تتلقَ ردًا، كما امتنعت السفارة الإسرائيلية في واشنطن عن التعليق، وكان ترامب قد هدّد علنًا باللجوء إلى العمل العسكري ضد إيران إذا فشلت جهود إدارته في التفاوض على اتفاق نووي جديد يحدُّ من برنامج طهران أو يقضي عليه. لكنه وضع أيضًا سقفًا زمنيًا لتلك الجهود الدبلوماسية. ووفقًا لمصدرٍ مطلع على الاتصال، حدّد ترامب في رسالة وجّهها إلى المرشد الإيراني علي خامنئي؛ منتصف مارس مهلة 60 يومًا لنجاح تلك المفاوضات، ومرت تلك المهلة بالفعل، في حين بدأت الجولة الأولى من المحادثات قبل 38 يومًا، كما صرّح دبلوماسي غربي رفيع المستوى التقى بترامب أخيرًا، بأن الرئيس الأمريكي أوضح أن واشنطن ستعطي المفاوضات أسابيع فقط للنجاح قبل اللجوء إلى خيار الضربات العسكرية، وعلى الرغم من التهديدات، إلا أن سياسة البيت الأبيض الحالية تظل هي الدبلوماسية. موافقة واشنطن هذا الوضع يضع إسرائيل، وتحديدًا رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، في موقف "بين المطرقة والسندان" وفقًا لجوناثان بانيكوف، المسؤول الاستخباراتي السابق المتخصص في المنطقة.. فنتنياهو يواجه ضغطًا داخليًا لتجنُّب صفقة أمريكية-إيرانية لا تراها إسرائيل مُرضية، وفي الوقت نفسه يجب عليه عدم إغضاب ترامب الذي اختلف معه بالفعل بشأن قضايا أمنية رئيسة، ويعتقد بانيكوف أن القرار الإسرائيلي سيعتمد بشكل أساسي على ما تتفق عليه إدارة ترامب مع إيران، ويرجح أن نتنياهو لن يخاطر بكسر العلاقة الأمريكية تمامًا بشن ضربة دون موافقة واشنطن ولو ضمنيًا. وتواكب هذه التطورات وقتاً تعتبر فيه إيران في أضعف وضع عسكري لها منذ عقود، عقب الضربات الإسرائيلية التي استهدفت منشآت إنتاج صواريخها ودفاعاتها الجوية في أكتوبر الماضي، إضافة إلى اقتصادٍ منهكٍ بسبب العقوبات وتدمير إسرائيل أقوى وكلائها الإقليميين، ويرى المسؤولون الأمريكيون أن إسرائيل ترى في هذا الوضع "نافذة فرصة"، وصرح مسؤول أمريكي رفيع لشبكة "سي إن إن"، بأن الولايات المتحدة تكثّف جمع المعلومات الاستخباراتية لتكون مستعدة لتقديم المساعدة إذا قرر القادة الإسرائيليون الضرب، لكن مصادر قريبة من تفكير إدارة ترامب تشير إلى أن واشنطن من غير المرجّح أن تساعد إسرائيل على تنفيذ ضربات على المواقع النووية الإيرانية في هذه اللحظة، ما لم يحدث استفزازٌ كبيرٌ من طهران. قيود الضربة ووفقًا لمصدر مطلع، لا تمتلك إسرائيل وحدها القدرة الكافية لتدمير برنامج إيران النووي بشكل كامل دون مساعدة أمريكية، ولا سيما فيما يتعلق بالتزوّد بالوقود جوًا والقنابل القادرة على اختراق المنشآت المحصنة تحت الأرض، وهي حاجة أكّدتها تقارير استخباراتية أمريكية سابقة، ومع ذلك، صرّح مصدرٌ إسرائيلي لشبكة "سي إن إن"، بأن إسرائيل ستكون مستعدة للتحرُّك عسكريًا بمفردها إذا تفاوضت الولايات المتحدة على ما وصفه المصدر بـ "صفقة سيئة" مع إيران، لا يمكن لإسرائيل قبولها. ويربط المصدر الأمريكي الآخر المطلع على المعلومات الاستخباراتية، احتمالية الضربة الإسرائيلية بمحاولة "إفشال الصفقة" إذا اعتقدوا أن ترامب قد يقبل باتفاق لا يرونه كافيًا، ويشير هذا المصدر إلى أن "الإسرائيليين لم يتردّدوا في الإشارة إلى ذلك لنا.. سواء علنًا أو سرًا"، ورغم الجاهزية، سبق أن أشار تقييمٌ استخباراتي أمريكي صدر في فبراير، إلى أن مثل هذه الضربات، حتى باستخدام الطائرات أو الصواريخ بعيدة المدى للاستفادة من ضعف الدفاعات الإيرانية، لن تؤدي إلا إلى تأخيرٍ محدودٍ للبرنامج النووي الإيراني، ولن تكون "حلاً سحريًا". تعثر المفاوضات تظل المحادثات الأمريكية مع إيران متعثرة حاليًا، خاصة حول مطلب عدم تخصيب اليورانيوم، وبينما يصر المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف؛ على عدم السماح بـ "حتى 1% من قدرة التخصيب"، ترفض إيران التخلي عن هذا الحق، ويعتبر المطلب الأمريكي "خطأ كبيراً"، مشكّكًا في إمكانية التوصل إلى اتفاق. وفي خضم هذا المشهد المعقّد، حيث ترى إسرائيل أن الخيار العسكري هو "الخيار الوحيد" لوقف برنامج إيران العسكري النووي، كما يشير مسؤولون أمريكيون، يواجه بنيامين نتنياهو تحديًا حقيقيًا، فهل ستتجه الأمور نحو المواجهة العسكرية التي تحذّر واشنطن من عواقبها الإقليمية، أم ستنجح الجهود الدبلوماسية في نزع فتيل الأزمة قبل فوات الأوان؟